الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


..منصّة الوهم.......

جميلة بلطي عطوي

2018 / 6 / 19
الادب والفن



غفا فساقه الوسَن الماكر إلى ساحة فسيحة رأى فيها جموعا تتشرذم...هاله الضّجيج في البداية لكنّ أذنيه ألفتا الغمغمة المزمجرة التي تسرّبت إلى كيانه فتحمّس...تقدّم أكثر فرأى منصّة ألفتها ذاكرته المرهقة ، على جانبيها حارسان يهزّان مراوح الرّيش بينما يجلس عليها طيف غامض الملامح يوهم بصورة إنسان حينا ويتجلّى في صورة حيوان آخر.
في غمرة الحركة هزّت الدّهشة كيانه إذ تناهى إلى سمعه نعيب كما صوت الغربان بينما في عمق الصّورة ذيل جميل يبهر البصر، ريش طاووس يشكّل مروحة بديعة التّنسيق، تُباهي ريش المراوح الباذخة ...حوقل ثمّ بسمل ، فرك عينيه من جديد علّه يدرك الموقف فعاقه البصر وارتدّ رغموضا.
تراجع خطوة يجمّع أنفاسه ويُلملم شتات فكره...تساءل في رهبة : كيف أحلُّ هذا اللّغز؟ تُرى مَنْ خلط الوهم بالحقيقة ونفث السّحر في الأذهان ليكون العمى حدّ الضّياع؟ زمّ شفتيه ثمّ لاذ بجانبه الأيسر يعدّ نبضات قلبه، تأكّد أنّه حيّ لكنّ التّنفّس بات في اتّجاه واحد ، شهيق كالاختناق يجتاح الأوعية حدّ الغثيان.
حاول الرّكض بحثا عن جرعة هواء لكنّ ساقيه تجمّدتا ...شدّه المستنقع فتسمّر ، جوّ خانق رغم المراوح الهفهافة...سكون مقيت يزيد الاختناق شدة...لا شيء ينبئ بالحياة غير ذيل الطّاووس يظهر ويغيب.
فرك عينيه من جديد، تحسّس أذنيه فهزّه انفجار صوت من عمقه يدوّي...أنت العمى ، أنت الصّمم والنّهاية واردة...لقد تهتَ أيّها الغريب في أتون الزّيف، سراب كما الحقيقة والحقيقة أنت وأمثالك حطب محرقة مِنْ رمادها يعجن التّاريخ صلصالا مغايرا منه ينشئ تمثال عجز ينصّبه على منصّة الوهم ، يدوّن قصّة عصر تربّعت على عرشه غربان في حلّة طواويس.
تونس....17/6/2018

جميلة بلطي عطوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟