الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب في مونديال روسيا مثل حضورهم في مونديال البيت الابيض

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2018 / 6 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


سجلت الفرق الرياضية العربية حضورا بائسا ومثيرا للسخرية لايعكس تطلعات الشعوب الداعمة لها ولا التمويل الكبير لها ايضا ولا التهليل الاعلامي الرسمي ..والواقع انني كنت من بداية المونديال على قناعة بخروج العرب مهزومين من الاسبوع الاول لاعتبارات عديدة (لاعلاقة لها بفهمي وثقافاتي الكروية الغائبة اصلا ) فجميع مشاركاتهم السابقة عكست هذا الامر عدا مرة واحدة فريق صعد درجة واحدة وخرج بعد ذلك .. ونظرة فاحصة للتهليل الاعلامي الذي ربط نصر الفريق المصري بلاعب واحد وهو امر معكوس لدى الثقافة الكروية في جميع البلدان التي تجعل من الفريق بشكله الجماعي وتناغمه محل تقدير وتراهن على فوزه رغم وجود لاعبين متميزين في كل الفرق ...وللعلم محمد صلاح لم ينجح اثنا لعبه مع الفريق الانجليزي لأنه خارق بل لان معه فريق متناغم يساعده في صنع لعبه ممتازة وتحقيق اهداف ومثله مثل العرب الذين فازوا بجائزات نويل للعلوم في امريكا ليس لانهم خارقين للعادة من الذكاء بل لان هناك مؤسسات علمية مكنتهم من الإمكانات اللازمة لأبحاثهم وتجاربهم ودراساتهم ومعها تشكل فريق عمل ناجح ومتميز اظهروا جميعا تميزا لمع فيه نجم محدد تم صناعة نجوميته من المؤسسة والفريق ومن جهده الكبير أيضا ..
العرب يستطيعون الابداع اذا ما منحوا ممكنات العمل ماديا ومعنويا واذا ما تم تقديرهم محليا داخل اوطانهم .. ولكن كيف سيفوز اللاعبين اذا كان القادة في السياسية بائسين مثل الفرق الرياضية ..فالحج الى البيت الابيض لا ينجم عنه اي نصر سياسي بل تمزيق لوحدة العرب واواصر العلاقات بينهم واهدار لثرواتهم ..ومثلهم رجال الاعمال يغيب عن ساحتنا العربية ظهور راس مال وطني او برجوازية وطنية مقابل تحول الجميع من الشركات الى وكلاء وسماسرة لشركات اجنبية ..
ولان الحكومات العربية مثال ذلك حكومات دول الربيع فاشلة في عملها ومتعالية على المجتمع وصانعة للازمات هنا تتشكل منظومة من علاقات عدم الاحترام والتقدير من الشعب تجاهها وفقدان الثقة من الفرد العربي تجاه ذاته ومحيطه لتكرار البؤس والاخفاقات المصنوعة محليا وعبر الخارج الحليف للداخل ..
في هذا السياق لانجد من يمثل العرب عالميا منذ خمسن عاما لا فنان (مطرب ولا ممثل ) ولا كاتب او مفكر ، ولا سياسي او رجل اعمال . ولا فريق رياضي ..وهذا الغياب سببه محلي داخلي يرتبط بفشل السياسة الرسمية وضعف مرتكزات الثقة المتبادلة بينها وشعوبها وضعف محفزات الابداع الفردي والمؤسسي وهروب المبدعين والفاعلين الى الخارج ليصطفوا ضمن مؤسسات اجنبية تقدرهم وتحترمهم فيكون ابداعهم المتميز محسوبا لمؤسساتهم ولأنفسهم وليس للدول التي قدموا منها ..
السعودية تنفق ملايين الريالات على الرياضة ولم تحقق فوزا يستحق ومثلها بقية الفرق العربية بل ودخلت معهم ايران التي خرجت من الدور الاول في مونديال موسكوا وخرجت من مونديال البيت الابيض بقرار ساحق من الرئيس ترامب بانسحاب امريكا من الاتفاق النووي الذي كان محل تأييد الرئيس اوباما ..ونجحت كوريا في كسب البيت الأبيض والتعامل السياسي وبدء حوارات تنهي عزلة وعدا استمر اكثر من نصف قرن ..
في هذا السياق يمكن الإشارة الى ان الرئيس الأمريكي ترامب يمارس دوره كممثل لليمين السياسي واجندته بتحدي الارادة الدولية في سياق مرحلة منفلته تتسم بالفوضى وعدم احترام القواعد الدولية المتفق عليها ..ومثلما انسحب سابقا من اتفاقية المناخ ينسحب اليوم من مجلس حقوق الانسان .. مع ان سجل امريكا سيئا داخل حدودها وخارجها .. ومعلن دعمها لإرهاب الدولة والانظمة الشمولية ..ناهيك عن اعلانه حرب تجاريه مع الصين والاتحاد الاوربي.. وهو بذلك يرسم معالم مرحلة جديدة عقب انهيار القطبية الثنائية والانفراد بإدارة العالم تتسم باللانظام واعتماد البلطجة الدولية التي تتجلى في تحويل امريكا الى شرطي للإيجار ولهذا تحاول امريكا بكل السبل اعاقة ظهور قطب جديد ..ومع انحياز ترامب لأعداء العرب ، يهوي هؤلاء الاخيرين (بعض العرب ) سياساته حتى انهم صوتوا لأمريكا ضد المغرب في سبيل الحصول على حق استضافة كاس العالم وكرمهم الزائد في صفقات الاسلحة والتعاقدات الاخرى ..ومع مخالفة ترامب لسلفة اوباما في الكثير من القرارات عدا قرار واحد عدم اغلاقه معسكر جوانتانامو لانه يخدم معسكر اليمين السياسي ناهيك عن التدخلات السرية والعلنية في خلق بؤر نزاع وازمات في غير مكان من العالم مع استمرار تأييده استخدام الطائرات دون طيار للقيام بمهمات عسكرية بعض النظر عن الخسائر من المدنيين .. ..ولعل غياب البديل السياسي في حالات الربيع العربي والعراق فان ماهو قائم حاليا اسواء مرات مما كان قبل ذلك ..هنا تتراكم عقد الخارج والتسليم بان كل اوراق اللعب السياسي مع امريكا في حين يتشتت العرب وتتجزء وحدتهم وكلمتهم بدلا من ان يعملوا ككتلة مع رموز قوية مثل روسيا والصين والهند لتأسيس قطب اخر منافس يدعم تحررهم من السيطرة الامريكية .
العرب لهم اخفاقات كبيرة تتكرر باستمرار مع تغير الظروف والمناخات وباستمرار نفس اساليب الادارة والنخب البائسة في صنع القرار .. فقد هرول العرب من اجل السلام نحو امريكا وقدموا التنازلات المتتابعة ولم يحصلوا على شيء بل خسروا ما كان لهم من أوراق تفاوضية ، ولم يحاول الحكام مرة واحدة في اسشارة شعوبهم تجاه قضايا مصيرية ، واخرها صفقة القرن التي يتم طباختها سرا عن الشعوب وعن النخب الثقافية والنقابية والحزبية وما ظهر من عناوينها ليس الا استكمال للتنازلات السابقة .. هنا اتجهت الشعوب الى الرياضة لتتعلق بنصر ما وبنجوم مميزة تفتخر بها وتعلي من كرامتها وصوتها وحضورها فكان مونديال موسكو اعلانا للخسارة و الهزيمة ... والسؤال في هذا السياق كله الا يستحق الشعب العربي اعادة التفكير في كل امور حياته ووجوده وممكناته محليا وخارجيا وفق منظور جدلي يربط السياسي بالاقتصادي بالثقافي والداخل بالخارج من اجل بناء رؤية جديدة ومنظور جديد استعدادا للمستقبل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: الرئيس يجري تعديلا وزاريا مفاجئا ويقيل وزيري الداخلية


.. ما إجمالي حجم خسائر إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة؟




.. بعد فشله بتحرير المحتجزين.. هل يصر نتيناهو على استمرار الحرب


.. وائل الدحدوح من منتدى الجزيرة: إسرائيل ليست واحة للديمقراطية




.. وول ستريت جورنال: أسبوع مليء بالضربات تلقتها مكانة إسرائيل ا