الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استعادة لافلام رندة الشهّال صبّاغ بعد مرور ١٠ سنواتٍ على وفاتها

محمد عبيدو

2018 / 6 / 22
الادب والفن


أعلنت «الجمعية اللبنانية للسينما المستقلّة – متروبوليس سينما» عن افتتاح نشاطات «سينماتيك بيروت» بتحيةٍ موجهة إلى المخرجة اللبنانية رندة الشهّال صبّاغ ،بعد مرور ١٠ سنواتٍ على وفاتها في العام ٢٠٠٨، التي يمثّل عملها " في آنٍ معاً شهادةً على فترةٍ زمنيةٍ معينة، ونظرةً حميمةً إلى بلدٍ تؤرّقه باستمرارٍ الانقساماتُ والاضطراب السياسي". وتُكرّم الجمعية ما تســميه «الرؤيا الفريدة لرندة الشهّال صبّاغ عن طريق استعادةٍ متكاملةٍ لأعمالها». حيث «من خلال تسليط الضوء على أعمال هذه المخرجة المميّزة، يبيّن هذا الحدثُ الحاجة إلى حفظ الإرث السينمائي في لبنان، مشدداً في الوقت عينه على الدور الرئيس للشهّال صبّاغ ومشاركتها في حركة جماعية، «موجة جديدة»، التي تبدو اليوم واضحةً في السينما اللبنانية».
وارت المخرجة اللبنانية رندة الشهّال صباغ- الفائزة عام 2003 بجائزة الأسد الفضي في" مهرجان البندقية السينمائي" عن فيلم "طيارة من ورق"- الثرى في 25 اغسطس 2008، في مدينة طرابلس اللبنانية، بعد أن غيبها الموت في العاصمة الفرنسية باريس، بعد صراع بعد صراع طويل مع مرض عضال عن عمر ناهز 55 عاماً.
المخرجة التي نبضت أفلامها ومواقفها بأوجاع الانسان العربي ، هي واحدة من بين مجموعة من المخرجين اللبنانيين الذين سعوا لإعادة خلق سينما لبنانية، ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية لتأتي أفلامهم القليلة انعكاساً لتجربتهم الخاصة مع هذه الحرب.
تميزت الشهال بجرأة نادرة في معالجة على الشاشة لمواضيع سياسية تحكي الحب والحرب والوطن والمنفى وتنبع من هم ثقافي يدور في فلك القضايا التي تشغل الإنسان العربي، وطبعت أعمالها جرأة كبيرة وخصوصا في التعبير الكلامي الذي استند إلى عبارات قاسية من الحياة اليومية. لم تكن رندة الشهال مكثرة كمخرجة لكنها رحلت عن ثلاثة أفلام روائية وعدد من الأفلام الوثائقية ومشاريع روائية ووثائقية لم يتح لها المرض الخبيث اتمامها وتأخر تيسر المال اللازم لانتاجها.
وقد انتظر سيناريو فيلمها الاخير (شيء سيء لهم). طويلا على الورق ورحلت بعد ان كتبته ولم تنجزه وهو نوع من كوميديا موسيقية حول عالم كرة القدم كان يفترض ان تقوم ببطولته الفنانة هيفاء وهبي في دور صاحبة مطعم الى جانب فال كريمر الاميركي والنجمة الاسبانية فيكتوريا ابريل كما سبق للمخرجة ان ذكرت في احاديث صحافية.
ولدت رندة الشهال صباغ في طرابلس –لبنان ، 11 ديسمبر/ كانون الأول 1953 . أمها شيوعية من العراق، كانت رائدة في النضال السياسي هناك قبل أن تنتقل إلى لبنان زوجة للطبيب الشيوعي قصدي الشهال . واختارت رندة الكاميرا السينمائية للتعبير عن محيطها الانساني والاجتماعي والسياسي حيث درست السينما في جامعة فينسان وبعدها في مدرسة لوي لوميير الوطنية العليا بباريس التي جاءتها عام 1973 مع فنون النضال السياسي اليساري، وتميزت مسيرتها بالتوازن بين النجاح والإخفاق، لكنها، ظلت وفية لبداياتها المشاكسة، ولطموحها الابداعي الكبير .
حققت أول أفلامها " خطوة خطوة" عام 1979 وهو فيلم متقن يقدم تحليلاً سياسياً للحرب اللبنانية , ومستمد عنوانه من تلك السياسة التي اختطها وزير الخارجية الاميركية الاسبق هنري كيسنجر وروت فيه تناقض العمل السياسي الذي يحكم رجالات الزعامة اللبنانية الامر الذي قاد لاشعال شرارة الحرب الاهلية وتداعيتها ليس على الناس في لبنان فحسب وانما على مجمل الحياة السياسية العربية وقد عرض هذا الفيلم في مهرجان قرطاج، و نال جائزة النقاد في مهرجان الدول الناطقة بالفرنسية.، ثم فيلم : لبنان أيام زمان" عام 1980 ثم فيلمين تسجيليين (التاسعة و النصف) سنة 1982 و (سهرة مع الشيخ امام في باريس) سنة 1984 عن الشيخ امام تحول اليوم الى وثيقة حول المغني الراحل.. وقدمت أول افلامها الروائية عام 1991 " شاشات الرمال" الذي شارك في مهرجان البندقية يصور حياة البذخ والغنى في مدينة ببلد صحراوي عبر قصة صداقة حميمة بين امراتين وتوق سارة بطلة الفيلم للحرية، ثم عادت الى الوثائقي لتقدم عن الحرب اللبنانية فيلم "حروبنا الطائشة" ونال هذا الفيلم الذي يعتبر من اهم اعمالها الوثائقية والذي انجز عام 1995 جائزة الفيلم الوثائقي في بيانالي السينما العربية في باريس. و صورت فيه الحرب الاهلية اللبنانية من خلال افراد عائلتها ومسؤوليتهم وعلاقتهم بهذه الحرب في مزيج غير معهود بين العام والخاص ، وفيلم "الكافرون" ويدور حول التطرف والعلاقات العربية الغربية الذي تدور أحداثه في القاهرة، وكانت الرقابة في لبنان منعت فيلمها الروائي الثاني "متحضرات" عام 1998 والا كان على المخرجة ان تحذف منه 47 دقيقة وهو ما رفضته رندة الشهال. ويعود الفيلم في كتابة درامية لا تخلو من سخرية مريرة (تمثيل جليلة بكّار، كارمن لبّس، مريم معكرون، رينيه ديك، تميم الشهّال، سوتيغي كوياتي...)، إلى الحرب الأهليّة بعد «نهايتها» المفترضة، وذلك من خلال أهل الحضيض، من خدم وفقراء اضطروا إلى البقاء في أسرى المدينة وأتونها المشتعل. جنس وعلاقات مثليّة وبؤس وعنف وفقر وقنّاصة يسيطر على العمارات، وعلى سكانها، وعلى الحى وبعض ممرات المدينة، وخادمات يختزنّ على طريقتهنّ ذاكرة الحرب والحياة الخطرة. عام 2000 صورت رندة الشهال بورتريه لسهى بشارة المحررة من معتقل الخيام ايام الاحتلال الاسرائيلي للبنان في خطة اخرى تبين مدى التزامها القضايا الوطنية ومناهضتها للاحتلال عبر اعمالها. وهي في رحلتها الفنية لم تتردد حتى في تصوير الفيديو كليب حيث وقعت كليب لطيفة "معلومات مش اكيدة" التي كتب كلماتها ووضع موسيقاها الفنان زياد الرحباني الذي تعاونت الشهال معه لوضع الموسيقى التصويرية لفيلمها "طائرة من ورق" وهو يظهر ايضا ممثلا فيه.
و فيلمها الروائي الأخير "طائرة من ورق" الذي نال جائزة الدب الفضي في مهرجان البندقية عام 2003 وانتجه الفرنسي الراحل امبير بلزان منتج يوسف شاهين وعدد من المخرجين العرب الذين غدوا يتامى من دونه. والفيلم يجسد انشغال الشهال بموضوعات السياسة والحرب والمنفى والهوية في قالب روائي متخيل بنفس سياسي تؤكد المخرجة عليه وعلى تأثيره في ايصال الصوت الى الخارج وتثبيت الوجود.‏ هو في العمق فيلم سياسي يتناول موضوع الاحتلال الاسرائيلي لأرض عربية والتأثير الذي يتركه الاحتلال في السكان على جانبي الحدود. وبقدر ما أن الفيلم سياسي في إطاره العام بقدر ما هو إنساني في تناوله للعلاقات القائمة بين الناس .
تجري حوادثه على الحدود بين قريتين، الاولى ضمن الاراضي اللبنانية والاخرى ضمن الاراضي العربية التي ضمّت الى اسرائيل ويفصل بين القريتين برج مراقبة وطريق قصير يمكن عبوره للعرسان والتوابيت فقط! (هذا في الفيلم، لكن في الواقع فيمنع على الموتى العبور!) لمياء هي شابة في السادسة عشرة من العمر تعيش في الجهة اللبنانية، قررت عائلتها ان الوقت قد حان لكي تتزوج من ابن عمها سامي ومع هذا القرار ستنتقل لمياء مرتدية فستان زفافها الى الجهة المقابلة للعيش مع زوجها. من ناحية اخرى، لمياء تعشق الحرية وتفضّل البقاء مع اخيها في الحقل واللعب بطيارة من ورق تحت مراقبة يوسف جندي عربي الاصل منخرط في صفوف العدو وما يجمعه بها هو المنظار الذي يتجسس عليها من خلاله. فوقع في حبها... الفيلم يضم نخبة من الممثلين اللبنانيين: فلافيا بشارة (الناجحة في دورها)، رندة اسمر (بدور ام لمياء)، جوليا قصار (بدور جميلة)، ليليان نمري (بدور خالة جميلة) اضافة الى رينه ديك، نايف خوري، ماهر بصيبص، تميم الشهال، والممثلة القديرة علياء نمري وطبعا الفنان زياد الرحباني بدور الجندي الفيلسوف الذي يعاني مشكلة يوسف نفسها بعدما ضمّت قريته الى الجانب الاسرائيلي وبقي حبه لجميلة خالة لمياء بالجهة المقابلة... وجود زياد في الفيلم كان مميزا واضفى عليه نكهة خاصة. الفيلم الذي يسير على ايقاع يحمل الكثير من الشاعرية ومن التغلغل الى شغاف القلب، يتناول من دون شعارات موضوع الاحتلال ومساوئه ويضع الأصبع على جرح الحدود التي تجرح الأرض والبشر أسلاكها الشائكة.
انه فيلم مميز وعميق يحمل نضجاً سينمائياً بإيقاعه وتصويره ومونتاجه و يجمع بين الدراما والكوميديا معالج بطريقة ذكية وادارة ممثلين موفقة واختيار موسيقي ناجح .
وقد تناولت رندة الشهال في اعمالها وباستمرار مواضيع بدا انها ثوابت لديها مثل السياسة والحب والحرب والوطن والمنفى وقد برزت هذه المواضيع في افلامها الوثائقية كما الروائية.
كانت مخرجة جريئة استفزازية في طباعها مشاكسة متعنتة في قناعاتها عنيدة وطموحة انجزت افلاما حميمية ملتزمة وبرعت في الوثائقي كما في الروائي وظلت يسارية بعد ان ارتد الكثيرون عن قناعاتهم في لبنان وظلت طموحة متمردة.
وأكدت الشهال مرارا اعتزازها بالتزامها القضايا العربية، ورددت مرارا أحرك الكاميرا من اليمين إلى اليسار مثل الكتابة بالعربية . و رفضت في 1999 ان تتقاسم جائزة اليونسكو (منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم) للسلام مع المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي .وعاشت رندة الشهال في باريس تحلم بلبنان الآخر وتنجز افلاما عنه تتصارع مع المرض الذي انتصرت عليه سنوات قبل ان يعود وينتصر عليها فتمضي الفترة الاخيرة من حياتها في كفاح مرير ضده لكنها ظلت مقاومة وشجاعة حتى اللحظة الاخيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع