الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات قروض الصندوق علي السلام الاجتماعي

محمد نبيل الشيمي

2018 / 6 / 24
الادارة و الاقتصاد



ليس خافياً أن مصر وقعت في فخ الديون الدولية وقد وصلت إلى مستوى يمكن وصفه بالحرج وأصبح يمثل خطراً يهدد الوضع الاجتماعي في المقام الأول إلى جانب الأوضاع السياسة والاقتصادية .
والأسباب الحقيقية لاندفاع مصر نحو الاقتراض هو تخفيض عجز الموازنة المتفاقم نتيجة الزيادة المفرطة في الاستيراد والذي تخدم كبار المستوردين مع انخفاض شديد في عوائد الصادرات والسياحة مع زيادة الاندفاع في الاتفاق العسكري وفي مشروعات لا تمثل أي أهمية في المدى القصير والمتوسط للمواطنين .
التزمت الحكومة مقابل الحصول علي قرض الصندوق بعدة إجراءات تحت زعم إصلاحات اقتصادية كان أبرزها تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة وقانون الاستثمار وتعويم الجنيه وتخيفضه في آن واحد (تحرير سعر الصرف ) والاستمرار في سياسة الخصخصة (الان يتم طرح أسهم عدد من الشركات في البورصة مع الاتجاه نحو خصخصة السكك الحديدية وبنك القاهرة وإلغاء دعم المحروقات ورفع أسعار الطاقة من كهرباء وغاز ورفع أسعار وسائل النقل ..... الخ
وتعتمد سياسة الصندوق علي فرض مجموعة من الشروط هي في الواقع بمثابة املاءات لا تملك الدولة المقترضة الإفلات منها وبالرغم من القروض التي يمنحها الصندوق وغيره من مؤسسات التمويل الدولية إلا أن الملاحظ أن الديون تفاقمت (الاصل زائد فائدة الدين) فضلاً عن تعرض صناع القرار في الدولة المقترضة إلى ضغوط خارجية ، لفرض سياسات معينة وضغوط داخلية من المواطنين عندما تتعرض دخولهم الحقيقية للانخفاض نتيجة تخفيض قيمة العملة وتخفيض الدعم الذي تحصل عليه .
وفي هذا يقول الاقتصادي الكندي الكبير ميشيل تشوسو دوفيسكي " أن سياسة الصندوق تترك الدولة أكثر فقراً مما هي عليه قبل الحصول علي القروض مع مديونية اكبر ونخبة أكثر ثراءً ( وأتصور أنهم رجال المال والكمبرادوروالكربوقراط)
كما أشار المفكر الاقتصادي الأمريكي (جوزيف ستيفيتس) أن القروض غالباً ما تضر بالدولة المقترضة من حيث إجبارها علي انتهاج سياسات ليست في صالحها ولا تحل مشكلاتها الاقتصادية ..
وتبقى الخطورة التي يمكن أن تؤدي إلى إحداث قلاقل واضطرابات سيئة تلك السياسة المتمثلة في الترويج لاقتصاد السوق وتقليص دور الدولة ومن ثم فقدانها السيطرة علي الشأن الاقتصادي لحساب القطاع الخاص وهذا يؤدي في المدى البعيد إلى زيادة معدلات الفقر والأمية والبطالة وانتشار ظاهرتي الجريمة والتطرف وتفشي الرشوة والمحسوبية وتجذر الفساد (تخريب الذمم) وهذا الاتجاه يروج له في الداخل بعض المسئولين الذين أمنوا تماماً بالفكر الرأسمالي دون مراجعة السياق الزماني لاقتصاد السوق في الغرب والذي رغم وجوده العميق لم ينه دور الدولة بل أن هناك دولاً غربية تعتنق الفكر الرأسمالي تكاد توصف بأنها اشتراكية من خلال البرامج الاجتماعية لصالح المواطنين وسيطرتها علي العديد من الأنشطة الاقتصادية الهامة من خلال تملكها بالكامل فضلاً عن وجود أحزاب ونقابات عمالية ومنظمات مجتمع مدني ورأي عام قوى يراقب وينقد تجاوزات الحكومات وربما تسقطها وتحجب الثقة عنها ومن أخطر شروط الصندوق إلزام الدول بتخفيض الرسوم الجمركية علي واردتها خاصة تلك السلع والمنتجات المنتجة في الولايات المتحدة وبيرو مثالاً علي ذلك فقد التزمت بتخفيض الرسوم الجمركية على الاقماح الأمريكية التي دخلت السوق هناك بأسعار أقل من سعر كلفة الإنتاج مما أسفر عنه تحول المزارعون إلى زراعة المخدرات ولنا في مصر تجربة شهبيه بضغوط أمريكية للحد من زراعة القطن وعدم التوسع في زراعة القمح أما زامبيا فقد اشترط عليها للحصول علي قرض من الصندوق الالتزام بإلغاء الرسوم الجمركية علي وارداتها من الملابس مما أدى إلى توقف صناعة الملابس بها تماماً .
وقد تعرضت المغرب لاضطرابات فيما يسمى ثورة الخبز بعد اشتراط الصندوق عدداً من الإجراءات التي رفضها الشعب المغربي وهو ما حدث في يناير 77 في مصر حين خرج المصريون ينددون بقرارات رفع أسعار بعض السلع حتى اضطرت الحكومة للتراجع عن الإجراءات التي تمت .
ويبقى الأخطر وهو عندما تفشل الدول في رد القروض تكون الشركات المتعدية الجنسية علي الأبواب تقوم بالسيطرة علي كل مفاصل الدول وتحصل علي أصول وحقوق ملكية في المؤسسات والمشروعات في الدولة المقترضة مقابل سدادها الديوان ويكون ذلك كما أشار الأستاذ حسن عبدالله الرضيع في دراسته بعنوان ( اقتصاد الأزمات في الاقتصاد السياسي لرأس المال المعولم) إلى أن هناك قراصنة الاقتصاد (الكوربوقراطيون) وهم نخبة من رجال الأعمال هدفهم الأساسي بناء إمبراطورية عالمية من خلال المنظمات الدولية المتخصصة بتقديم قروض إلى الدول وتقوم بالتنفيذ شركات متعددة الجنسية وتعتمد هذه النخبة علي تنبؤاتها بأن الدول المقترضة لن تستطيع تسوية ديونها ومن ثم يمكن السيطرة عليها تماماً .
إنها الخطورة التي يجب أن تتنبه إليها مصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي