الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متاهة الحوار

جهاد الرنتيسي

2006 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الازمات ظواهر ، لها ملامحها ، وتحولاتها ، ونقاط لقائها ، وتبايناتها ، واختلافاتها ، واسبابها المتداخلة ، ونتائجها ، وامتداداتها ، وانعكاساتها ، وعوامل دوامها ، وتلاشيها .
وفي المنطقة العربية تتلازم الازمات مع الحياة السياسية لتاخذ طابع العناوين العريضة للمشهد اليومي .
وغالبا ما تعود هذه الازمات الى تشوهات بنيوية راكمتها اخفاقات اجتماعية واقتصادية خلال عقود مضت .
وعلى مدى الاسابيع الماضية قفزت ازمة الحوار الى واجهة الازمات المستعصية لتساهم في بلورة الجغرافيا السياسية خلال المرحلة المقبلة .
ورغم تباين تفاصيل الحالات الثلاث ـ التي تحولت الى عناوين لهذه الازمة ـ لا يخلو الحوار احادي الجانب في العراق ، ولبنان ، والاراضي الفلسطينية من اوجه شبه تظهر عجز الاطراف المتحاورة عن الالتقاء في منتصف الطرق .
ففي العراق تصطدم الجهود الحثيثة التي تقوم بها القائمة العراقية الوطنية لتشكيل حكومة ائتلاف وطني باصرار الائتلاف الشيعي على الاستفراد بالحكم .
ويظهر تصادم المشروعين اختلافا في اولويات قوتين سياسيتين ترى احداهما في حكومة الائتلاف الوطني سبيلا وحيدا للحفاظ على وحدة العراق واحترام حقوق كافة طوائفه وفئات شعبه في الوقت الذي تندفع القوة الاخرى باقصى سرعتها نحو الاستجابة لشروط حرب اهلية تنتهي بتقسيم البلاد .
وحينما انحشر الائتلاف في زاوية ما يشبه الاجماع الوطني استعان بعمقه الاقليمي الذي تحيط الشبهات بدوره في التصعيد الذي يحصد يوميا ارواح العشرات من الابرياء العراقيين .
وتعبر دعوة ايران للتفاوض مع الاميركيين حول الملف العراقي عن قبول الاطراف الفاعلة في الائتلاف بتسليم اوراقها التفاوضية لطهران،وبامكان الحكومة الايرانية في هذه الحالة استخدام اوراق الائتلاف للمساومة حول قضايا لها طابع الخلافات الثنائية بين طهران وواشنطن مثل المفاعل النووي الذي قفز الى واجهة الاحداث منذ اشهر ليسمم العلاقات الدولية ، وينذر بازمات اقليمية حادة .
وكان بامكان اصحاب دعوة ايران تجاوز خطر تداعيات الحوارالثنائي ـ في حال حدوثه ـ من خلال توجيه دعوات مماثلة الى الدول العربية والاقليمية المجاورة للعراق .
وباعلان عجزه عن الحوار الداخلي ، ومحاولته الاستقواء بالثقل الايراني يدفع الائتلاف تطورات الازمة العراقية نحو مزيد من التدويل الذي يؤدي الى فلتان ما تبقى من اطراف الخيوط ، وتكريس ازمة الثقة ، ووضع المزيد من العراقيل امام تشكيل حكومة عراقية .
ولتجاوز النتائج الناجمة عن التوجهات الطائفية للائتلاف تواجه القوى المكونة للقائمة العراقية تحديات اعادة الاعتبار للحوار باعتباره حاضنة المشروع الوطني ، وضمانة الحفاظ على وحدة العراق ، وتنفيس الاحتقانات الطائفية ،وفتح افاق جديدة امام اصطفافات بعيدة عن الحسابات الضيقة .
ولا يبتعد حوار الاطراف اللبنانية الذي جاء انعكاسا لمخاوف العودة الى الحرب الاهلية عن مشهد الحوار العراقي .
فمازالت اطراف المشهد الحواري اللبناني بعيدة عن تكوين رؤي واضحة يمكن التقريب بينها .
ولا يخفي بعض هذه الاطراف اندفاعه نحو الاستقواء بقوى خارجية تتعامل مع لبنان باعتباره ورقة للمساومة .
وتضخمت هذه الحالة لدى البعض الى الحد الذي باتت لديه سياسة خارجية مستقلة وربما موازية لسياسة الدولة .
وقد تقدم هذه المعطيات تفسيرا لعجز الحوار اللبناني عن الوصول الى نتائج ذات قيمة .
فقد انتهت اولى جولاته بزيارة زعيم اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الى واشنطن حيث ركز الاضواء على نقاط الخلاف بين الاطراف المتحاورة .
ورغم محاولات التركيز على اتفاقات الحدود الدنيا التي تحققت في الجولة الثانية بدت الانجازات اقل من الحد الادنى المطلوب لادامة حوار ناجح يقود الى حل القضايا المستعصية .
ومثل هذه النتيجة تبقي الجولة الثالثة مفتوحة على المجهول لا سيما وان الخلاف حول رئيس الجمهورية ابرز البنود المطروحة على اجندتها .
ومع استبعاد الاطراف اللبنانية لخيار الاقتتال الطائفي يبدو المجهول الذي تخبئه احتمالات نجاح وفشل الحوار اقل خطرا مما تتجه اليه تطورات الوضع الداخلي السوري .
فالمؤشرات المتوفرة تتجه نحو بلورة سريعة لكتل سياسية سورية تتعارض رؤاها ويغيب الحوار عن اجنداتها .
وقد يفوت الاوان قبل ادراك الكتل المقسمة بين حكم ومعارضة عقم التقوقع في جزر معزولة .
فما زالت المؤشرات التي توحي بقرب العد التنازلي للتغيير عاجزة عن الحد من استخفاف اطراف المعادلة السورية بامكانية تجنب الظواهر التي رافقت عملية الاطاحة بالنظام العراقي السابق .
وبعد اسابيع من الحوارات بررت الكتل البرلمانية الفلسطينية الامتناع عن المشاركة في حكومة هنية بعدم وضوح برنامج حركة حماس وخطابها السياسي .
ومن ناحيتها حرصت الحركة على القاء الكرة في ملعب هذه الكتل من خلال الاشارة الى الباب المفتوح امام الجميع للمشاركة في الحكومة .
وكادت تصريحات رؤساء الكتل النيابية وقادة حماس حول هذه المسالة ان تخفي اجواء انعدام الثقة السائدة في الوسط السياسي الفلسطيني .
فمن الطبيعي ان يحرص الجميع في مثل هذه الظروف على قنوات الحوار لاتاحة امكانية التعايش والصراع في المجلس التشريعي .
الا ان ردود الفعل التي ترافقت مع اقتحام القوات الاسرائيلية لسجن اريحا واختطاف احمد سعدات ورفاقه كانت مختلفة عن التصريحات المترافقة مع تعثر مشاورات التشكيل الحكومي .
فقد خرج القيادي في حركة حماس محمد نزال بتصريحات تهاجم الرئيس محمود عباس الذي كان يقوم بجولة اوروبية تهدف لابقاء المساعدات ، وحملت الجبهة الشعبية مسؤولية ما حدث في السجن للسلطة الفلسطينية كي تتهرب من مسؤولية تصريحاتها الداعية للافراج عن امينها العام ، وردت فتح بالدعوة الى حل السلطة الوطنية .
واللافت للنظر ان غالبية القوى الفلسطينية لم تلتفت الى مؤشرات انهيار المشروع الوطني الفلسطيني المتمثلة بوقف الدعم المالي والحماس الاميركي ـ البريطاني لخطة كاديما التي تلغي امكانيات قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل .
وينطوي "الحوار الاحادي" و " الدوران في الحلقات المفرغة " على عوامل ذاتية من بينها غياب تقاليد التعددية الفكرية والسياسية لدى البعض ، وقصر نفس البعض ، واخرى موضوعية لها علاقة باطراف خارجية تتعامل مع القوى السياسية ـ والعواصم ـ العربية باعتبارها اوراق ضغط وليست اطرافا في معادلات سياسية .
وظاهرة الاستخدام السياسي ليست مقتصرة على قوى دولية عظمى او اطراف اقليمية لها حساباتها مع العرب فهناك عواصم عربية ادمنت على هذه اللعبة وتصر عليها رغم نتائجها المدمرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية في إيران؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. هيئة الانتخابات الإيرانية تعلن عن جولة إعادة بين بزشكيان وجل




.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان مؤقتا يليه جليلي


.. الداخلية الإيرانية: تقدم بزشكيان على جليلي بعد فرز 19 مليون




.. مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مناط