الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن خدّام وجبهة بروكسل

سامر عبد الحميد

2006 / 3 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم تشكل المعارضة السورية أي تهديد فعلي للسلطة القائمة منذ استيلاء الرئيس حافظ الأسد على السلطة…سوى مرة واحدة !.
حصلت هذه المرة الوحيدة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي،حين شن الإخوان المسلمون هجوماً مسلحاً ضارياً بغية القضاء على ما أسماه الإخوان: سلطة حافظ الأسد(العلوية)،وحكم البعث (العلماني)،وإحلال نظام إسلامي سنّي أصولي مكانهما!.
وكما اتضح وقتها،فقد كان الأخوان يتلقون الدعم من جهات خارجية معادية لسورية،هي نفسها اليوم تقريباً.وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ويكاد التاريخ يقدم لنا اليوم نسخة محدثة لما كان يحصل في تلك الفترة،مع بعض الإضافات والرتوش بالطبع.
فقد شكل الإخوان المسلمون آنذاك،مع البعث العراقي وبعض الرموز المنشقة عن النظام السوري،ما كان يدعى بـ(جبهة التحالف الوطني لإنقاذ سوريا).وكانت مهمة هذه الجبهة المزعومة–والمدعومة من كافة أعداء النظام السوري-الإطاحة بهذا النظام.

ومنذ أيام تشكلت (جبهة الخلاص الوطني) في بروكسل،للإطاحة بالنظام أيضاً،بقيادة الإخوان المسلمين(ما غيرهم)!.وبالتحالف مع بعض القوى والأحزاب السورية الخارجية الهامشية،وبعض الشخصيات ..
أحد أهم هذه الشخصيات على الإطلاق هو السيد عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري،والذي يعتبر من المؤسسين الأوائل ودائمي العضوية الفعّالين في نظام حافظ الأسد.
إلا أنه مع استلام الرئيس بشار السلطة خلفا لوالده،تمت تدريجياً إزاحة خدام عن مواقعه،وجرى تهميشه بشكل مهين.وهذا ما دفعه لاتخاذ خطوته اللاحقة بالانشقاق عن النظام الذي رباه في أحضانه،وشرب من مائه !.
وبغض النظر عن رأينا بالرجل،الذي كان من أكثر رموز النظام حقدا على المعارضة لدرجة دفعت بعض الأوساط القريبة منه إلى تسميته بـ(الضبع)! لشدة لؤمه.وبغض النظر أيضا عن تاريخه الحافل بالنهب والفساد والفضائح،شأنه في ذلك شأن العديد ممن مازالوا على رأس عملهم في أجهزة الدولة المترهلة،فإنه لا يسعنا تجاهل أنه أحد أهم عناصر القوة الرئيسي في التحالف الوليد في بروكسل.
وتنبع قوة خدام من معرفته لأدق تفاصيل وأسرار النظام الذي تربى في كنفه،وساهم في صنع تاريخه المليء بالخفايا.ومن موقعه هذا فهو يملك مفاتيح (شيفرة)النظام،ولغته،وأساليبه.وبالتالي فإن الاستخفاف بتصريحاته المعلنة عن قرب نهاية السلطة الحالية،يعتبر نوعاً من الغباء السياسي،وقصر النظر.
فالرجل المخضرم ،والمحترف في عالم السياسة،والمشهود له بالحنكة والدهاء، لا يمكن له أن يلقي الكلام على عواهنه،أو أن يصدر التصريحات الرنانة،دون أن يكون معتمدا على (شيء ما)،فما الذي جعل خدام فجأة يتنبأ بقرب سقوط النظام بمثل هذه الخفة يا ترى؟!.
أغلب الظن أن خدام يعتمد في تصريحاته هذه على شهادته السرية لدى لجنة التحقيق الدولية المكلفة باغتيال الحريري،والتي يعتبرها خدام (كعب آخيل)النظام الذي سيؤدي لإسقاطه!.
وبغض النظر عن لهجة المحاباة المتبادلة بين السلطة السورية وبين لجنة التحقيق بعد استلام براميرتز لقيادتها،فإن خدام يرى بأن المحكمة الدولية التي سيتم تشكيلها قريباً،سوف تكون بداية النهاية للنظام القائم.

ومن عناصر قوة خدام أيضا،هو قوة ارتباطاته بالساحة اللبنانية،والذي يعرف خفاياها جيدا،والممتلئة بأعداء نظام الأسد،الذين يسرهم جدا أن يتعاونوا مع هذا الرجل.وربما كان الحلف غير المعلن بين خدام وبعض القوى اللبنانية ،وبعض مراكز القوى الخليجية أيضاً،أقوى بما لا يقاس من تحالفاته الظاهرة فوق السطح !.
ولا ننسى في هذا المجال ،مالا نعلمه علم اليقين عن ارتباطاته داخل الساحة السورية .أو ما هي مواقعها ومدى قدراتها.
وما يدعم وجهة نظرنا بأن لدى الرجل ما يملكه،أو يعتقد أنه يملكه،هو التكالب الواضح من قبل الإخوان على التحالف معه،حتى قبيل أن يقدم اعتذاره عن جرائمه،كما طالب بذلك مراقب الإخوان، كشرط لازم للتحالف معه.
حيث أنه ،وبكل الانتهازية العريقة المعروفة عن الإخوان،بادر هؤلاء إلى سكب الماء البارد على رؤوس حلفائهم،جماعة إعلان دمشق،المنشغلين بتدبيج البيانات الدونكيشوتية،وتلاوة المزامير الديموقراطية!،بعد أن أداروا لهم ظهر المجن،وسارعوا إلى اغتنام الفرصة بالانضمام إلى (رجل الأفعال)!!.
وهذا ما جعل المعارض الكبير رياض الترك يسارع إلى القول،بأن انضمام البيانوني للخدام سببه تلكؤ وتباطؤ المعارضة الديموقراطية في وضع إعلان دمشق في حيز التنفيذ والفعل،بخطوات وآليات ملموسة.
من جهة ثانية،فقد وجد خدام ضالته في الإخوان الذين رغم الضربات التي لحقت بهم،مازالوا الطرف الأقوى نسبياً في المعارضة،والذين ربما لازال لديهم بعض الرّصيد داخل الشارع المسلم السّني السوري،مما يمكنه،على الأقل، من غسل تاريخه الملطخ،وإعطائه صك البراءة عن دوره في الجرائم التي تمت في عهد النظام الذي كان فيه خدام أحد أهم رجالاته.
بالتأكيد فإن قوة جبهة بروكسل لا تنبع فقط من خصوصية خدام،ولا من (شعبية الإخوان) فقط !.
فهذه الجبهة ما هي سوى قمة جبل الجليد العائم،والذي يخفي في حناياه تحالفات ومصالح أكبر من الخدام والبيانوني.
وكما سيتضح في القريب العاجل،فإنه ستفوح من هذه الجبهة حتماً،شتى الروائح الأمريكية والأوروبية والخليجية واللبنانية وغيرها،على حسب المصالح والرؤى والأدوار المختلفة في هذه الورقة الجديدة،المشهرة بوجه النظام السوري.
على أية حال،فنحن في تحليلنا الآنف،لا ندري إن كنا قد جانبنا الصواب،أو لامسنا جزءا من الحقيقة،لكن الأيام القادمة ستظهر لنا ما نحاول معرفته اليوم.
غير أنه ومهما كانت طبيعة تحالف بروكسل،وطبيعة أهدافه،وغاياته،فإنه بلا شك سيطرح أمام السلطة السورية تحديات جديدة.لا يمكن لها التخفيف من تأثيرها،والالتفاف عليها،سوى بإعادة النظر بعلاقتها مع معارضتها الداخلية الوطنية والديموقراطية الحقيقية،والتي مهما كان ضعفها بيّناً،إلا أن هذه المعارضة تستطيع ،بشكل أو بآخر ،فيما إذا سمحت لها السلطة ببعض الحرية،سحب البساط من تحت كافة التحالفات المشبوهة التي تتحدث باسم الشعب السوري،المغلوب عن أمره.
كما على المعارضة الديموقراطية ،أن تنزع عنها بشكل كامل، غطاء الأوهام المتمثل في الثقة (بديموقراطية) الإخوان المسلمين،وإمكانية قيام تحالف حقيقي معهم ،وبالتالي فالواجب الآن يقتضي إعادة صياغة إعلان دمشق بشكل أكثر علمانية بعيدا عن تأثير الأخ أبو أنس،زعيم الإخوان،الذي ما أن واتته فرصة الغدر حتى اغتنمها!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب