الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسؤول رقم واحد

بسام البغدادي

2006 / 3 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


بعد ثلاث سنين من التحرير وان شأت اسميناه احتلال, وان شأت أسمه ما شأت فالصورة واحدة و النتيجة واحدة. دبابات تجول في الشوارع وانقطاع كهربائي (مبرمج) كما يقول الاخوان وثلاثة وعشرون الف حزب سياسي اثنين منهم احزاب يسارية. الصورة يا صديقي لا يمكن ان تكون اسوأ من هذا.. عفواً يمكن ان تكون اسوأ بحرب اهلية لا زلنا نراوح على ابوابها.

من المسؤول يا ترى عن كل هذا ما يجري, ومن سوف يدفع الثمن؟ في علم الاديان فان هناك دائما ضحية للتكفير عن الاخطاء و الجرائم. فمثلاً في الدين اليهودي يقومون بذبح عجل كبير وفي الدين المسيحي يتم اعتبار السيد المسيح الذبيحة الابدية وفي الدين الاسلامي وفي العراق هناك عادة ما يعرف بالضحية. ولكن في الاخر.. بعد كل هذا التفسير و التعبير عن مفردات الخطأ و الضحية هل لنا ان نعرف من المسؤول ومن سوف يدفع الثمن ويكون الضحية.

هناك شخص كان مسؤولا او اعتبرناه مسؤولا عن ضياع خمسة وثلاثين سنة من تاريخ العراق وشعبه وثرواته. وقد كان الامر بسيطا جداً حيث تم ابلاغ الشرطة الدولية عليه وتم القاء القبض عليه وها هو الان في السجن منذ سنتين يعد الجدران مرة وعدد اصابع اقدامه مرة اخرى. اما نحن (الاحرار) الذين نتفس نور الشمس وراحة المفخخات و الدم الناشف على الارصفة فكان من السهل علينا استخدامه كشماعة كبيرة جداً وتعليق كل اخطاء الماضي على مسيح العصر الحديث. ولكن, يا ترى اين هو مسيح الثلاث سنين الماضية. من سوف يعلق على صليب ضياع الفرص للارتقاء بالشعب العراقي. من يا ترى.

من البسيط جداً ان نسير في احد شوراع بغداد مدينة السلام وحاضرة الامجاد, شوارع بغداد التي تملأها المزابل و الحفر و المفخخات. نعم, من السهل جداً ان نسير ونلقي الشتائم هنا و هناك ونلقي المسؤولية تارة على رئيس الوزراء ومصباحه السحري الذي كما يبدو انه صنع تايوان وتارة على الاحتلال الذي حار بمئات الطرق و الوسائل للحوار مع الشارع العراقي الذي لا يتقن سوى لغة الخوف و التهديد ثم البكاء على الماضي. من السهل جداً وجداً وجداً ان نجلس في كنائسنا وجوامعنا ونطلب من الله ان يرزقنا الكثير الكثير ويحفظ وطننا الغالي ويرزق المحروم من الاطفال بطفل وان يكون غدنا افضل ثم بعدها نتصل باحدى الفضائيات ونرجم المسؤول الفلاني و الوزير الفلان الفلاني باقبح العبارات التي لم يعرف لها التاريخ اب و ام ما دمنا في عصر الحرية و الديمقراطية. اليس كذلك.. نعم هو عصر الحرية. وفي الليل ادخل بيتي واقفل الباب عشرون قفلا واخرج السلاح المخفي وانتظر ان يطلع النهار علي وعلى عائلتي (الله يسترنا). من المسؤول يا ترى عن كل هذا؟ من هو؟

عبثاً مهما حاولنا ان نلقي بمسؤولياتنا هنا وهناك, عبثاً مهما حاولنا ان نتقمص العصر الحجري في عصر الالكترونيات والقرى اللاسلكية. قبل ثلاث سنين كنا نلقي كل صحيح وكل خطاً على عاتق الدولة.. عندما كنا نصف الدولة بالدكتاتورية و الفاشية و البربرية و..و...و. اما الان فنحن ان شأنا او ابينا فان المسؤولية الاولى و الاخيرة تقع علينا.. نعم على كل واحد منا. على كل من اعطى صوته ومن لم يعطه. على كل من اقفل بابه ولم يقم برفع الاوساخ من امام باب داره. على كل من تجاهل سراق النحاس الذين قطعوا اسلاك الكهرباء في محلتنا. المسؤولية الان مسؤولية الجميع, وخلال ثلاث سنين اظهرنا نحن الشعب العراقي وبجدارة بأننا لسنا اهل لهذه المسؤولية.. ولكن لا مفر من هذا.. فنحن هنا وسنبقى هنا ولن تنجب ارض العراق غير العراقيين. نحن المسؤوليين عن من يمثلنا فنحن من اعطيناه صوتنا. نحن المسؤوليين عن من يفجر نفسه في الهواء بيننا فنحن من سمح له بهذا. نحن المسؤولين ونحن من دفعنا وندفع وسندفع الثمن ان لم نفعل شي حيال هذا.

لا فائدة من البكاء على ثلاث سنين ضاعت. فان عمر العراق لهو اكبر من ثلاث او خمس وثلاثين سنة. كما انه لا فائدة من البكاء على ما ضاع مادام هناك غيره, فليس لدينا الوقت للبكاء و الندم. ولكي اكون دقيقا اكثر ليس لدينا الوقت للدخول الى الكنائس والجوامع للصلاة. ان مسؤوليتنا تحتم علينا ان نبدأ الان.. ونبدأ باسرع وقت.. كي نرى هذا العراق العتيق الجديد بشكل جديد. كي نكون اهلا للمسؤولية في زمننا هذا. كي نكون مفخرة للشعب العربي الحر الاول. كي نكون كما لم يكن غيرنا.. ولا نضيع كما ضاع غيرنا.

خطوة المليون ميل تبدأ بخطوة. والاعتراف بالخطأ هو اول خطوة في طريق الصواب, و الاعتراف بالمسؤولية هو اول خطوة من اجل الارتقاء بهذه المسؤولية و التحلي بها. فمن يا ترى المسؤول.. من؟
نعم انا المسؤول.. انت المسؤول... كلنا مسؤولين ومطلوب منا ان نعمل اكثر! ان نكتب اكثر, ان نصنع و نبني ونزرع اكثر. من هذا اليوم وهذه اللحظة وهذه الدقيقة. نعم كلنا مسؤول وكلنا اهل بها. بامكانك ان تغلق الصحيفة وتنسى كل هذا ولكن قد فات الاوان وها انت تعرف الحقيقة ومن هو المسؤول عن معاناتك وقلقك وخوفك. يجب ان تفعل شيئا الان. والا فلن يكون الغد الا اسوأ من اليوم وسنتحصر على اليوم كما نحن نتحصر اليوم على امس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون