الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى تخويفا وارهابا للأقباط

سليم نجيب

2006 / 3 / 24
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


إطلعنا على مجلة روزاليوسف الصادرة يوم 20 مارس 2006 وبها مقالة للأستاذ/ أسامة سلامة بعنوان "أقباط المهجر يحرقون أقباط الداخل". إن من يطالع هذه المقالة يجدها تحمل عبارات التهديد والتخويف والترهيب للمواطنين الأقباط من جراء الشكوى المقدمة من أقباط المهجر أمام اللجنة الدولية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ومقرها بجنيف "سويسرا".

فلنقرأ معاً بعض عبارات التهديد والوعيد المتضمنة في مقال الصحفي الفاضل وذلك على سبيل المثال لا الحصر:-

1- أقباط الداخل هم أول المضارين من طرح فكرة تدويل مشاكل الأقباط.
2- يتجاهلون (يعني أقباط المهجر) وهم يلعبون هذه اللعبة الخطرة أن هناك شريكاً أساسياً هم المسلمون ويتغافلون عن تأثير الشكوى للأمم المتحدة عليهم ورد فعلهم تجاهها.
3- هؤلاء الأقباط يصرون على الاستمرار في اللعبة دون النظر إلى نتائجها الضارة بالأقباط خصوصاً. ماذا سيكون شعور المسلمين تجاه الأقباط في الداخل في حالة تدويل القضية؟؟ ان بعض المسلمين سينظرون إلى الأقباط باعتبارهم فاعلاً ومشاركاً في الشكوى للأمم المتحدة.
4- سيقول الرجل البسيط في الشارع المصري أن المسيحيين يرغبون في تحويل مصر إلى عراق آخر وفي هذه الحالة سيحدث إحتقان في نفوس المسلمين. سيقولون أن الهدف هو نصرة المسيحيين على المسلمين ثم تنصيرهم بعد ذلك.
5- سيهتفون (المسلمون) في الشوارع مطالبين بالجهاد وسينظرون إلى المسيحيين في مصر باعتبارهم أعداء وسيخرج علينا من يفتي أن عهد الذمة مع المسيحيين انتهى وعليهم أن يدفعوا الجزية. إن أصوات التطرف تكسب دائما في مثل هذه الظروف ولن يسمع أحد لصوت العقل وقد يحاول البعض إشعال فتنة طائفية وتوجيه الاتهامات للأقباط.

نكتفي بهذا القدر من أمثلة التهديد والوعيد والترهيب التي يتحفنا بها سيادة الصحفي الألمعي ونشكره على نصائحه الغالية وخوفه علينا ونطمئنه بوعد إلهنا لنا "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم". ربما نسي كاتب المقال أننا أحفاد الشهداء الذين جادوا بدمائهم من أجل عقيدتنا المسيحية ولا يرهبنا الوعيد والتهديد.

يا سيادة الكاتب الصحفي، ربما لا تعلمون أنتم وكثيرين منكم أنه غدت حقوق الانسان بين المهام الأساسية المعهود بها للمنظمة الدولية للأمم المتحدة لكي ترعاها وتعمل على كفالة إحترامها وتعزيزها وإتباعها.

إن وجود الاعلان العالمي لحقوق الانسان (10/12/1948) والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية (1966) والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) والبروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية الذي قرر حق الأفراد في أن يتقدموا إلى لجنة حقوق الانسان بشكاوى عن دعواهم بأنهم "ضحايا انتهاك أي حق من الحقوق المقررة بالاتفاقية". إن المادتين 55 و 56 اللتين تعهدت بموجبها الدول الأعضاء الموقعة على الميثاق (ومن بينها مصر) بالعمل على إحترام حقوق الانسان.

إن الحقوق والحريات لم تعد أمراً داخلياً بحتاً يخضع لهيمنة الدولة فقط، انما صار أمراً دولياً يتجاوز السيادة القومية ليجعل من الانسان شخصاً دوليا فهو اذن أمر دولي يهم الجماعة الدولية بأسرها ويمكن القول بأن الانسان يتمتع بقدر من الشخصية الدولية يسمح له بأن يدافع عن حقوقه في وجه دولته نفسها وعلى المستوى الدولي بوصف هذه الحقوق حقوقا دولية تقيد من سيادة دولته.

هذا ولقد صدقت مصر على هذه الاتفاقيات الدولية وذلك يوم 14 يناير 1982 مما ينتج عن ذلك أن الاتفاقيات الدولية أصبحت جزءا لا يتجزأ من المبادئ الملزمة وضمن الاتفاقيات التشريعية. ولقد توج مؤتمر فيينا الذي انعقد فيما بين 14 و 26 يونيو 1993 مبدأ "عالمية حقوق الانسان" وطالب بوقف كافة أشكال التمييز العنصري واحترام حق الأقليات في ممارسة حقوقها وشعائرها الدينية.

وبناء على ما سبق يتضح أن إحترام وضمان حقوق الانسان هو واجب مفروض على الجميع بما في ذلك المشرع والقاضي والحاكم والمحكوم إذ أنها أصبحت قواعد آمرة لا يجوز تجزءتها أو التحفظ بشأنها بل تعتبر الجماعة الدولية أن الاعتداء عليها بمثابة "جرائم دولية". وهناك العديد من وسائل الرقابة والتنظيم والحماية في هذا المجال ومن ذلك بحث شكاوى "الأفراد" و "الهيئات" و "الحكومات" في حالة إنتهاك حقوق الانسان.

وكل ذلك يرجع الى جوهر الالتزام بالمبادئ العامة لحقوق الانسان الذي يرجع إلى أن الجماعة الدولية ترى ملائمتها وأنها تعبر عن المصالح المشتركة للانسان المعاصر وأنه يوجد رضاء عام بالتقيد بها. وقد أصبح من خصائص النظام الدولي المعاصر إعتبار حقوق الانسان من صميم السياسات الدولية وتدويل وسائل حماية هذه الحقوق والاشراف الدولي لكفالتها.

سيادة الصحفي النابه ومن يتبعه في آرائه التهديدية الترهيبية، إن الأقباط في المهجر بحبهم لمصر وبوطنيتهم المعهودة ولو كره الكارهون – لم يلجأوا إلى الصهيونية والامبريالية الأمريكية.. الى آخر هذا القاموس المحترم – بل لجأوا إلى المجتمع الدولي. لجأوا إلى اللجنة الدولية لحقوق الانسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لبحث شكاوى الأقباط عن إضطهادهم في وطن أجدادهم. فمنذ ثورة العسكر سنة 1952 إلى يومنا هذا والأقباط تُنتَهك حقوقهم الانسانية ولا من سميع ولا من مجيب.

يا حضرات السادة الأفاضل،

منذ نصف قرن وأكثر والأقباط يصرخون لاعطائهم حق المواطنة المتساوية باخوتهم المسلمين في كل مناحي الحياة ولا حياة لمن ينادى وحينما يلجأون إلى القانون الدولي العام، يزعمون بأن مشاكل الأقباط يجب أن تُبحث داخل مصر. فماذا تنتظرون لحلها؟ هل يا ترى نصف قرن آخر؟ هل الأقباط منعوكم من حل القضية القبطية داخل مصر؟ يا ليت يحلونها وبالتالي تسقط فوراً الشكوى القبطية المقدمة إلى المجتعم الدولي. وأكرر المجتمع الدولي وليس اسرائيل أو أمريكا أو فرنسا... الخ.

والمضحك المبكي وإتباعا لسياسة المكيالين فان المسئولين في مصر والاعلام المصري يطالبون ليل نهار بحقوق الأقليات المضطهدة في الصومال وجنوب أفريقيا ويوغسلافيا والشيشان والفلسطينيين.. الخ. بينما يتناسون حقوق الأقليات القبطية المضطهدة داخل مصرنا. حلال لهم أن يلجأوا إلى المنظمات الدولية والمجتمع الدولي ونحن حرام أن نفعل مثلهم ونطالب باحترام حقوق الأقباط الانسانية. "يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك" (متى 5:7).

وأخيراً وليس آخراً، نود أن نلفت أنظار المسئولين في مصر والاعلام المصري أن الأقباط طوال تاريخهم الوطني رفضوا ويرفضون – سواء في الداخل أو الخارج – التدخل الأجنبي بالمعنى التقليدي – رفضا قاطعا تحت أي إدعاء أو أي مسمى. وهذا موقف قبطي قديم لا يحتاج إلى مزايدة من أحد.

ولكننا نقول بأعلى صوت بأن "استدعاء التأثير الأجنبي" أمر مشروع داخلياً ودولياً طبقاً للقانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الانسان وهو ما نسميه "الوساطات التأثيرية" على النظام المصري. إن الأقباط لا يبغون سوى التمتع بكافة حقوق المواطنة الكاملة المتساوية مع المواطنين المسلمين بلا أية تفرقة بسبب الدين.

المراجع:
1- د. محمد سامي عبد الحميد –أصول القانون الدولي العام- جزء 10 طبعة 1981 – ص. 98، 105، 166
2- د. محمد عصفور –الديمقراطية وحقوق الانسان في الوطن العربي مركز دراسات الوحدة العربية – 1983 – ص. 241
3- د. وحيد رأفت – المجلة المصرية للقانون الدولي (1977) ص. 23
4- د. الشافعي محمد بشير – جريدة الشعب المصرية العدد 136
5- د. نبيل سليم – احترام حقوق الانسان والالتزام القومي مجلة الوحدة – باريس العدد 63/64 – يناير 1989/1990 – صفحة 45








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج