الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جثث مكيّسة

ليلي عادل

2006 / 3 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم أعد أهتم بنشرات الأخبار كالسابق ...لأني أرى ألحدث قبل أذاعته .و على الطبيعة ,فضلا عن أني أرى الحقيقة التي غالبا" ما أجدها مزورة عند أذاعتها و تختلف القصة من قناة الى أخرى حسب الأنتماء الطائفي الذي بات يصمم حياتنا و مواردنا من الحصة الغذائية و الأعطال الكهربائية مرورا" بالسياسة و محاصصاتها, وصولا" الى مستوى طفح المجاري الذي بدأ بالتراجع مع هلول بوادر الصيف الأثير ..أعود الى موضوع الأخبار حيث اني بت أضحك أحيانا و أبكي غالبا" عندما أسمع بالصدفة تناقض القصص الأخبارية التي تذاع على القنوات العراقية المتعددة و المتنوعة عملا" بحرية الرأي..و العربية التي كل منها تغني على ليلاها ..و حرية الصحافة التي تتشكى الذبح الذي يستهدف أعلامييها و تطالب لنفسها بالحماية ...من حقها ذلك و نحن أيضا نطالب بالحماية ..و كل أنسان عاقل يسعى للحصول على أمن و حماية لذاته و لكيانه العائلي ثم لمحيطه الأجتماعي و الوظيفي لأن الحياة لا يمكن ان تستمر دون تلك العوامل ...
و أنا أطلب اليوم الحماية من ان يرى أطفالي في الطريق جثث وضعت في أكياس كانت للطحين سابقا ..(كونية) .و الدماء تسيل على الرصيف و هي ساخنة ترشح من خلال نسيج الكيس الأبيض ..و من أصوات الأطلاقات العشوائية أو التي لها هدف , أحاول ان أغطي آذانهم و رؤوسهم الصغيرة بسذاجة علني أحميهم من طيش أحداها ..من العبوات التي لم يبق في الطريق جزء لم تشوهه انفجاراتها و أحاول ان اتنبأ اي طريق آمن لنا و أيها أكثر خطورة ...أعد الأكياس و أراقب مكبات الأزبال علني أكتشف الشيء قبل أن يكتشفه أطفالي لأسبق رؤيتهم لذلك الشيء الذي يمكن ان يصبح كابوسا" يرافق حياتهم المقبلة ...أما السيارات المفخخة فتلك مغامرة أخرى فقد أعتدت ان أضع في ذهني مواصفات أساسية لشكل السيارة التي يمكن ان تكون مفخخة و بتّ أتفحّص السيارات المركونة على جوانب الطرق و المجاورة لنا في السير ..أتفحصها كالمهووسة هل هي ثقيلة هل يبدو انها تحمل شحنة من أطنان من المواد المتفجرة ...شكلها من الخارج و من يركبها ...هذه حكاية كل يوم من الخروج المحدود بأداء واجب أستمرار الحياة ..أما في المنزل فكل طرق على الباب بات تهديدا" يزرع في داخلنا الرعب من مداهمات لا نعرف من هم أصحابها فيمكن ان يدخل لمنازلنا المباحة ..شرطي ....حرامي ......حرس..........أمريكي.......قاتل ....أرهابي ..........و لا يسعفنا سوى الحدس الذي لا يؤخر و لا يقدم في معرفة زائر الغفلة.
هذه هي حياتنا اليوم في عراق الحرية و الديمقراطية ..العراق الجديد ..عراق الشريعة و التدين, عراق الأخلاق الأسلامية,و أخيرا" عراق الجثث المكيّسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه