الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توسيع الدائرة - ضرورات موقف ام نوايا خاصة؟

خالد صبيح

2003 / 3 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


واقع الغربة الذي فرضته علينا المنافي، نحن العراقيين،وصعوبة وقسوة ماعانينا من قمع، ولعظم وجمال مانتوق اليه من امال في الديمقراطية و في حياة آدمية معقولة، حفزنا لان نبحث ونتسائل ونناقش. وهذا التعطش وجد له منفذا نموذجيا عالي المستوى في امكانية التواصل من خلال الممكنات التي اتاحتها لنا تطورات التكنلوجيا في عالم الاتصالات عبر شبكة الانترنيت وماوفرته من سرعة ومباشرة للاتصال، كالمواقع وغرف الحوار المباشر<البالتولك>. واجزم ان مااتاحته للناس تكنلوجيا الاتصالات تلك غير في محتوى واشكال الاتصال والحوار بين الناس. فانتهى تقريبا الزمن الذي كان يجلس فيه العراقييون المنتمين للراي الواحد والفكر الواحد ويجترون قناعاتهم ويعيدون انتاج وعيهم في حركة دائرية مغلقة لاتثمر كثيرا، حيث كان الجميع لايعرف عن الجميع الا مايسقطه هو من تصورات عن الاخر دون عناء الرجوع الى مايطرحه الاخر وبلغته ومفرداته. وصار الان بفضل هذه التكنلوجيا، لمن يريد ويستطيع، ان يجلس في زاوية هادئة ومريحة في بيته ويخوض نقاشا في مختلف الموضوعات والاهتمامات ويستمع الى وجهات نظر واراء من كل نوع. واجمالا يمكن القول ان التكنلوجيا هذه كونت لنا عالمنا المشترك، مخترقا حواجز الامكنة والمسافات، والذي ترك وسيترك اثره التربوي والنفسي مستقبلا على من يخوض فيه، ومكنتنا من ان نناقش قضايا الوطن المختلفة وبحرية لم تكن متاحة سابقا.
بناءا على هذا استطيع القول ان هذا الواقع فتح للجميع حيزا واسعا لممارسة الحوار وفي كل المجالات الدينية والسياسية والمذهبية، وطبيعي ان هذا الحوار لايمكن ان يكون ضمن ضوابط مسيطر عليها بسبب ماتوفره الشبكة تلك من طرق لاخفاء الشخصية وابعادها عن دائرة المسائلة والحرج، لذا فقد حدث وسوف يحدث ان نسمع ونواجه العديد من الممارسات التي يمكن وصفها بغير اللائقة.
بعد الاثقال عليكم بهذه المقدمة التي حاولت التعبير من خلالها عن اهمية قناة الاتصال هذه،اود ان اعلق على الحادثة الاخيرة التي وقعت في< غرفة البيت العراقي> للحوار والتي ساق فيها احد الاخوة كلاما ضد الكرد الفيلية يصعب بكل المقاييس القبول به؛ ولما لهذه الحادثة من دلالات حسب تصوري تعبر عن واقع تجري محاولات، حسنة النية دائما، لغمطه والتغطية عليه رغم حساسيته وانيته. وطبيعي ان هذا الكلام استفز الكثير من الذين لايقبلون هذا الكلام بدواعي احترام حقوق وكرامة الاخرين، الا ان البعض ممن ينتظرهكذا فرص ليستثمرها ايدلوجيا، حاولوا ان يمدوا مساحة الادانة لتتخطى القائل وتصل الى حزب سياسي< هو الحزب الشيوعي> وتدينه. اقول ان بطلان هذا الكلام الذي اطلقه المتحدث وقسوته وتجاوزه لايجوز ان يدفع  احد ما لاطلاق الاحكام دون محاولة الفهم، وبديهي ان الموضوعية تفرض علينا، ولكي نستخلص حكما سليما ومعقولا، ان نحاول معرفة الحيثيات والسياق الذي ورد فيه هذا الكلام..
شخصيا لم اكن حاضرا في الجلسة، لكن بالاستماع الى ماقاله هذا الشخص يبدو وكأن هناك استفزازا او تعديا ما  دفعه لهذا الكلام القاسي، والا مالدافع الذي يجعله يطلق كلاما ويسهب فيه، وبهذه الكيفية المشحونة عاطفيا،ان لم يكن تعبيرا شخصيا عن الم او ضيق، لاسيما وان المعترضين اكدوا ان الرجل منتم للحزب الشيوعي العراقي. وللامانة اقول ان هذا الحزب ربى بشكل عام اعضاءه، ولاسيما العرب منهم، على الروح الاممية واحترام ابناء القوميات العراقية الاخرى. وانا لااريد هنا ان اوجد مسوغات لما قيل فانا اؤكد باني ارفضه تماما لكن هذا لايمنعنا من محاولة التامل في اوضاعنا، فكائنا من يكون هذا الرجل فان كلامه يجب ان يستوقفنا لننظر الى بعض خلفيات واقعنا المر، فمشاعر النفور والرفض شائعة بقوة في الوسط العراقي، والكلام السيء هنا وهناك هو ثمرة لهذه الاجواء المشحونة بالعداء. الا تستدعينا هذه الواقعة للتساؤل اولا، حول لماذا تقع هكذا ممارسات وفي الوسط الذي يفترض فيه المسؤولية الوطنية. الا نكف عن هذه الصور الوهمية من الصفاء والمحبة والتآلف في تصوير علاقاتنا ونقف بموضوعية وصراحة امام واقعنا لنستكشفه؟.
  من كل الكلام الذي سمعته، والذي استنكره تماما، اجد نفسي متفقا مع الفقرة التي اكد فيها المتحدث على عنصرية  الاكراد وكراهيتهم غير المبررة للعرب، وهو الامر الذي دفعني للتصور ان هناك امر ما دفع الرجل لسوق كلامه القاسي هذا. ولنكن واقعيين وصريحين فان امر كراهية الكرد< المتعصبين قوميا؟> للعرب، للاسف الشديد، موجود، وكل من عايش الاخوة الاكراد عانى من هذه الكراهية. واكيد ان اي انسان، حتى وان كان يمتلك قناعات فكرية تفرض عليه ان يحلل الوقائع ويتفهم خلفياتها ويتلمس المبررات لهذا الموقف، لايمكنه، في المستوى الشعوري على الاقل، ان يهضم هذا الرفض والمقت دون ان يرد عليه بشكل وباخر. واتمنى ان لايفهم كلامي هذا ويصنف في خانة تاجيج الكراهية وتاليب الفتن، وادعو لتجاوز هذه الاحكام الجاهزة والقمعية ولنحاول النظر بموضوعية ومسؤولية لهكذا ظواهر في واقعنا.
 الاتبعث هكذا اشياء المرارة في النفوس؟
 ماذنب اي عراقي ان يحمله الاخرون مسؤولية اضطهاد انظمة، لاتفرق في الاضطهاد بين احد واخر، لمجرد انه من الناحية الموضوعية منتمي لذات القومية او الدين او المذهب الذي عليه نظام الحكم ؟.. على المستوى الشخصي مررت بحالات وتجارب مزعجة بسبب من خلفية انتمائي العربي والاسلامي. فغير المسلم يسقط حقده على اي مسلم يصادفه، وغير العربي يحاول ان يسقط غضبة اضطهاده على العربي. قد اتفهم دوافع هذه الممارسات من الناحية العقلية لكني في النهاية بشر واكيد اني ساتاثر وتكون لي ردة فعل. وردة الفعل هذه ،التي قد يمارسها اي انسان يتعرض لمواقف مشابهة، ستوظف في غير مكانها وبغير حجمها وحسب الحاجة والنوايا.
هذه النقطة تحتمل الكثير من الحديث والنقاش حولها اتمنى الانتباه اليها ومحاولة الاقتراب منها.
 اتسائل مرة اخرى: الاتصب محاولة تحميل الحزب الشيوعي العراقي مسؤولية ماقاله شخص ما، حتى وان كان احد اعضاءه، في دائرة تسقط الهفوات والبحث عن اي حجج لطعن هذا الحزب او ذاك لغرض تشويهه وبالتالي تهميشه. ان بعض ردات الفعل على الحادثة هذه يمكن فهم انها منطلقة من دوافع الالم لما قيل، ولكن  ليس كل ردات الفعل بهذه البراءة، فهناك من ينتظر هكذا فرص ليحاول ان يعمق الموضوع ويضمره ماليس فيه. فقد طالب احد الاخوة بتوضيح من الحزب الشيوعي يشرح فيه الموقف، بينما المسالة برمتها يمكن حلها بمطالبة ادارة الغرفة لتقديم وشرح موقفها وانتقادها لهذه الممارسة وتحملها مسؤولية ماحدث.. وهناك من حمل، ليس فقط الحزب باعتباره كيان تنظيمي سياسي محدد الابعاد، بل قفز ليدين الشيوعيين جميعهم بكل تلاوينهم، مثلما فعل <ابن الغراف> في تعليقه العنيف على الموقف..  لست معنيا بالدفاع عن الحزب الشيوعي فهو عنده وسائله وامر الرد هو شانه الخاص ولكني اريد ان اشير الى ان تحميل المسالة اكثر مما تحتمل، من خلال التعميم والاطلاق، يوحي بنوايا مقصودة تستهدف تغذية مشاعر العداء للفكراليساري. خصوصا عند بعض الاسلاميين والقوميين سواء الكرد او العرب.
لم يخل هذا الهجوم والتضخيم للموضوع، برأي، من نفس ابتزازي يمارسه كثيرا القوميون الاكراد. فما ان يقدم شخص ما رأيا يمس القضايا الكردية الا وثارت، كما عودونا، حساسيتهم وشغلوا اليات الابتزاز ومحاولة تصوير الموقف او الراي وكانه يستهدف الكرد كشعب وقضية- ولانعرف من خولهم النطق باسم الشعب والقضية- وتنزل حمم الشتم والاهانة على من يتفوه بكلمة عنهم، مع انهم كثيرا مايستعدون الاخرين باطروحاتهم الاستفزازية.
 ختاما اقول انه ليس هناك من ضير من فتح الحوار والنقاش حول كل العلل والمآخذ في واقعنا  لكي نستطيع التخلص من هذه الحساسيات ولينتهي الى الابد هذا التنابذ والشتم، وليست هناك قدسية لاحد ما تمنع من مناقشة اوضاعه وسلوكه ومواقفه. فبالحوار نستطيع ان نؤسس لمناخ عقلي ونفسي صحي يكون حاضنة لخلافاتنا ومنفذا لتخلصنا من عقدنا.

السويد
20030313








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله