الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنسنة بين الواقع والطموح القصصي

سعاد جبر

2006 / 3 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يسلط نص " قبور غالية الثمن " اضاءاته القصصية حول واقع معاناة اسرية تتكبد حمل اثقالها فتاة صغيرة لم تتفتح اكمامها بعد لبعد ثقل الواقع بكل افاته وازماته اللامتناهية
ويعكس النص الواقع الطبي وضجيج مادياته وانسحاب الأنسنة في مساحات ضغوطات العمل في اتونه حيث التعاطي مع الجسد والمال في معادلة واحدة . لاتتجزأ حيث تغيب الأنسانية بعيدا في مساحات السخرية واعتبارها ليست من اكثر حلم عابر لامحل له في خارطة الواقع والجسد معا
حيث يعبر النص عن ذلك " فلقد اشبعتم جسدها وخزاً بثمن واسقيتموها مرارة الدواء بثمن ، وها هي تفارق الحياة لأنها عجزت عن دفع الثمن "
وتعبر احداث القص عن الام عاصفة تعتصر خلجات فتاة صغيرة تجلس والدتها على فراش الموت ، تنتظر عمراً جديداً من خلال حكايا التبرع بالكلى وما يعتمل تلك الحكايا من اوجاع قاسية واحلام مسافرة بين اعتصار هم الثمن وانكسارات الذل والمسكنة في اتون مسرح الفقر ومعاناته
وتتجلى اوج تلك الأعتصارات التي تتمركز في الأنا المبعثرة في تنهدات تلك الفتاة الصغيرة " اين الدواء يا طبيب الشرف واين العلاج بعزة ورفعة رأس "
وهنا تدور التماهيات بين الحلم والأمنيات والواقع المر الدامي
" ابتسم وقال تجدينه فقط في الروايات وجمهوريات الأحلام "
فتؤول اعتصارات النص إلى :
" سأمنحها أنا ، نعم أنا فإما نعيش معاً او يحملنا تراب الأرض لنموت معاً ..أنا اولى بأمي من الرحماء . هذا هو الدواء بشرف والعلاج بعزة ورفعة رأس
فلا اشكالية في الجسد واجهزة الجراحة في تبعثرات الأنا القلقة في احشائه ، ما دامت تكلل النهايات في ان يكون جسراً نحو عمر جديد
ويمضي القص في دائرته المتمركزة حول اهات تلك الفتاة الصغيرة التي انكسفت الأمال في حياتها ، في رؤى مكفهرة يسيجها حواجز الصمت القاهر بين احلامها الملائكية المتوجه برحلة الشفاء والعمر الجديد للام القادمة من اتون الألأم وانتثارات الجسد إلى احلام الميلاد القادم في حلة الصحة والعافية من جديد وبين الواقع المنكسر فقرا ومعاناة وقلة ذات اليد ، حيث تغرب شمس الأحلام وتغيب صفحات الآمال ، حيث تغدو تلك الحقيقة المسفرة بلا منازع
" ازالت الغطاء برفق ...الأم هي الأم ولكنها جسد ينام بلا روح نظرت إليها وأطالت النظر ...أهكذا يا امي رحيل بلا دعاء وفراق بلا سلام "
وتتوالى متتاليات رحلة الألم في ضجيج رحاها المستميت بين مشهد الوفاة واحتجاز الجثة لدفع تكاليف العلاج :
" اي حثة تلك واي علاج ؟ هل تحتجز امي هنا حتى اركض ثانية لأستجمع الالآلف قال نعم فما تبقى اكبر بكثير مما دفعتموه ...حاولى الأتصال بأقربائك وعودي لنا متى توفرت لك البقية "
وهنا تغدو المساحات البيضاء حيث ملائكة الرحمة وعوالم الطب والعلاج في انسحابات انسيابية من مفهوم الأنسنة في التعاطي مع الضحايا لا المرضى والمسافرين على عجل من الحياة إلى عوالم مجهولة حيث الجسد ورحلة الأرواح .
وهنا تبادر انفاس الفتاة بالتنهد
" امهات تحتجز بعد الممات ؟ يا سيدي دعها تنام وأسألني بعد مماتها الريال ؛ قال ومن يضمن لي العودة ؟

وهنا يبدو المشهد في رمادية الرؤى حيث الريال والجسد وسعار الكسب في جدران خاوية من المشاعر، حيث تتعالى اصوات الفقراء وقد كمشتهم المادة واواقفتهم ابواب التنهدات بين الواقع المتخم بالألم وثقل المطالب وصرخة القلب التي تصدح من بعيد نحو امنيات حالمة في وسادة ملائكية وانسنة في التعاطي مع الألم لامحل لها من العمر في العمر وانفاس الحياة في الحياة
ويسدل الستار في اخر خط منكسر في اللوحة الحمراء
انتظري يا أمي ولا تتعجلي وسادة النوم ..سأركض ثانية واقبل الأيدي وأطرق الأبواب بلا خجل فلقد مضى عهد الدواء وبات التراب هو الأمل .
...........................
قبور غالية الثمن ، رشدي خليفة ، نص مستقى من مجموعة قصصية له بعنوان :امرأة للمتميزين فقط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24