الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرزةُ الحريَّةُ

مرام عطية

2018 / 7 / 1
الادب والفن


أرزةُ الحريَّةُ
_________
داليةٌ زاخرةٌ ، تعانقُ الشَّمسِ علواً ، مذاقُها السُّكريُّ كانَ مرامَ أبي ، ناضلَ من أجلها كثيراً، كما جاهدَ قبلهُ جدي ، اعتُقلَ الأبطالُ، و استشهد الشُّرفاءُ في وطني ؛ ليحظوا برشفةٍ من رحيقِ ثغرها، يرفعون رايتها خفاقةً على ذرا الوطنِ ، كالأرزِ شامخةٌ ، مطارفها الوثيرةُ كانت حلمَ أمِّي ، فكم دأبتْ وسعتْ كالنحلِ ! لتلبسَ بعضاً من فساتينها، أو تتزينَ بأساورها الجميلةِ ، شحبَ الزمانُ ، ورماها الخريفُ على رصيفِ العمر القائظِ عجوزاً شاحبةً ، تجرُّ أذيالَ الخيبةِ قبلَ أن تتذوَّقَ لبانةً من ضرعها ، قبلَ أنْ تزورَ خميلتها الوارفةُ الظِّلالِ ، أوتتقلَّدَ عقداً من لآلئها الماسيَّةِ .
مظلومةٌ هذِهِ الأرزةُ الشَّامخةُ مثلَ أمِّي ، كانت على بعد نبضٍ من أضلاعها ترسلُ إليها قزحَ ضياءٍ ونسيماتِ فرحٍ بلغةِ الوردِ صامتةً ، فتردُّ عليها أمِّي برسائلَ حبٍّ وحنينٍ ، إلاَّّ رسالةً أخيرةً وعدتها فيها بالهطولِ البهيِّ ، لم تقرأها أمِّي قرأتُها البارحةَ حين كنتُ أفتشُ في خزانةِ أمِّي الفقيرةِ إلاَّ من هذه السُّطورِ الزُّمرديةِ
ياللقدرِ ! هل للحريةِ حاسةٌ سادسةٌ ، الْيَوْمَ جاءتْ الحريَّةُ إليَّ دامعةً ، تنزفُ، أُتراها عرفتْ أني قرأتُ ماخطَّتهُ ذاتَ حبٍّ لصديقتها ؟!
لم تشكُ ظلمَ الطُّغاةِ وشيوخَ الظلامِ ، أبناءُ الليلِ أفتوا بقتلها ؛لأنَّها توزِّعُ أرغفتها على الفقراءِ والمظلومينَ . ياللألمِ ! أعطوا جائزةً لمن يغتالها أو يطردها من بلادي ، هاهي تتمرَّدُ ، تمزِّقُ خارطةَ الهوانِ ، أقبلتْ تقولُ لي : أخبري -أيتها الشاعرةُ - أمراءَ الموتِ و الطغاةِ أنَّني ابنةُ النورِ ، لا أقطنُ أقبيةَ الحسدِ والغيرةِ ، أمقتُ جحورَ الحقدِ والنفاقِ، أنبذُ فتافيتِ التملقِ الرخيصةَ ، أثيلةُ الشَّرفِ لا أرضى بطعمِ الذُّلً ، لأجلِ رطبي اللذيذةِ يتصارعُ البشرُ ، وتسفحُ الدماءُ على أعتابي ؛ لينالَ المخلصونَ للإنسانيةِ قسطاً وفيراً من السعادةِ ، الطريقُ إليَّ مفروشةٌ بالأشواكِ الثخينةِ، مساميرهُ تدقُّ سنابكَ الخيلِ القويةَ ، لايصمدُ أمامهُ إلاَّ كلُّ طموحٍ دؤوبٍ ،لايبالي بمسلَّاتِ التحدياتِ ولا يأبه لرياحِ العقباتِ مهما هاجتْ ، لمن يلبسُ ثوبَ العزيمةِ ، ويخلعُ أرديةَ الكسلِ والتهاونِ .
أيتها الحريةُ البهيَّةُ ، سأفتحُ ذراعيَ للطعناتِ، وأفكُّ عقالَ الحبِّ من زنزانةِ العقولِ المتحجرةِ ، سأطحنُ الخوفَ وأذروهُ للرمالِ ، وأحطِّمُ حديدَ القيودِ في جناحي ، أزلزلُ بشعري أساساتِ الخرافةِ العقيمةِ ، أهرولُ كالنهرِ إلى السهولِ العطشى ، أتجدَّدُ كالنَّبعِ ، أغسلُ وجهي من أدرانِ اليأسِ كالحقولِ ،أهطلُ حبوراً كالمطرِ على شفاهِ الرُّبا ؛ لأنطلقَ بجناحي نسرٍ إلى النجومِ ، من هناكَ سأفتحُ بمفاتيحكِ السِّحريةِ أقاليمَ بهاءٍ عذراءَ، أدخلُ جزراً جديدةً أزرعها سنابلَ ، وأخبرُ أصدقائي أن يفتحوا شرفاتِ نفوسهم لعبيركِ العذبِ ونوافذَ أفئدتهم للضياءِ ؛ ليرشفوا رحيقَ الحبِّ من أقمارِ الربيعِ الزاهرةِ ، وأُرتِّلُ القصائدَ على محرابكِ المقدسُ ليقبلَ إليكِ الجميعُ .
_____________
مرام عطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمى و أوس أوس وأحمد فهيم يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم -ع


.. أحمد عز الفيلم المصري اسمه الفيلم العربي يعني لكل العرب وا




.. انطلاق فيلم عصابة الماكس رسميًا الخميس في جميع دور العرض


.. أوس أوس: هتشوفونا بشكل مختلف في فيلم عصابة الماكس وكل المشاه




.. مؤلفين عصابة الماكس: الفيلم قائم على العائلة وأهميتها.. ومشا