الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحَصانة السعودية ، و الحَصانة السورية ..

حازم العظمة

2006 / 3 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


منذ سنين طويلة و النظام السعودي يتمتع بهذه الحصانة ، اللاشبيه لها ، حصانة أن نظام القرون الوسطى هذا ، لا قوانين مدنية و لا دستور ، لا قضاء غير القضاء " الشرعي" ، حكم مطلق بكل معنى الكلمة ، يصفي المعارضين ، أو ينفيهم أو يسجنهم لمجرد أن أحد ( الأمراء ) ارتأى ذلك ، و ليس بالضرورة الملك ، أو لأن أحد الشيوخ ، أو المشايخ ، ارتأى هذا أو ذاك من الأمور ، ما من محاكم هنا و ما من محاكمات ، إلا المحاكم العشائرية - البدوية التي تنتمي للتاريخ ...تاريخ الإستبداد حسب ..
، الحصانة التي أعنيها هي تلك الإستثنائية التي تحوطه إحاطة الملائكة بالأنبياء أو السوار بالمعصم – إن شئتم - تجاه الصحافة و القنوات الفضائية و أدوات صناعة الرأي العام العربي ، و العالمي ..

فباستثناء قناة الجزيرة التي كانت تتعرض أحياناً لنظام الحكم السعودي ، ثم توقفت هي أيضاً ، لا تكاد تسمع أي احتجاج جدي أو نقد حقيقي لذلك النظام إلا من الأصوليين الذين هم نتاجه و " قرينه " و الذي لا يستطيع أن يعيش ، بعد ، بدونه ... و هذا النقد ، نقد الأصوليين ، يطالب بمزيد من الإستبداد ، بل و "يكفّر" النظام السعودي لأنه " متهاون " في شؤون " الدنيا " و " الآخرة" ...

بنفس الطريقة زمرة " بوش" من " المحافظين الجدد " و " الليبراليين الجدد" لا تستطيع أن تعيش بدون " بن لادن" و الإرهاب ...

السر هو الأموال ، السعودية تشتري الصحفيين و الصحف و الكتاب و الوكالات و القنوات ، فبالإضافة للصحف العديدة، على النطاق العربي ، التي أسستها و القنوات الفضائية الكثيرة التي تمولها و تديرها ( من بعيد) ، ثمة الصحف " المستقلة" ... ، اللبنانية مثلاً ( أهم الصحف العربية ) ، هذه الصحف " المستقلة" تصلها"الهبات"و"المساعدات" بصور منتظمة ، لا لتمتدح النظام السعودي ، فهذا كثيراً ما يبدو ناشزاً و وقحاً و .. فضيحة بمعنى ما ..، بل لتسكت و حسب ، صحف كثيرة وجدت نظام " الخوّات " هذا مجزياً و مفيداً ، و إن شئنا أن ندافع عن هذه الصحف لقلنا أن الصحافة العربية لن تعيش بدون هذه الهبات ، في محيط عربي الأكثرية فيه من الأميين ، و الباقون نصف أميين و لا يقرأون صحفاً ...
السر أيضاً هو الحماية الأمريكية ،الإنتقاد الأمريكي للسعودية بعد 9/11 ، "غير رسمي" ، و "ضروري " بطريقة ما أمام الرأي العام الأمريكي ، نقد الصحافة الأمريكية للنظام و المجتمع السعودي قاس و واسع الإنتشار ، و لكن في أمريكا حسب ، و لا تنقله إلى هنا حيتان الإعلام العالمي أو المحلي و هو مستخدم بشكل أساسي لإثارة العداء ضد العرب ( و المسلمين) منذ أن قررت أمريكا بوش أن هؤلاء و أولئك شيء واحد ...، و منذ أن أدركت الفوائد العظيمة لهذه الإثارة الشوفينية ضد العرب ( و المسلمين) ، حيث يجري تنميط العربي على أنه السعودي و بالنموذج الذي ترسمه و كالات نشر الأكاذيب هذه ( و سينما هوليوود) : جاهل و متخلف و متعصب ، يضرب النساء و يحبسهن و كذاب و غادر و إرهابي و فاسق في آن معاً

الحصانة المشغولة أمريكياً للنظام السعودي قبل 9/11 لاتكاد لا تُصدق .. فمن كل إنتهاكات حقوق الإنسان في العالم *، الحقيقية منها و المزعومة ، النظام السعودي كان ينجو تماماً بطريقة عجائبية و فضائحية ، بالطريقة نفسها التي تنجو بها إسرائيل ، و ما تزال ، من أي إنتقاد و لو في مجازرتطهير عرقي كمجزرة قانا ، و صبرا و شاتيلة

النظام السوري كانت له هذه الحصانة نفسها *، تقدمها أطراف عديدة منها الأمريكان و الأوربيون و الأطراف العربية ، إلا أنه فقدها ، علناً على الأقل ، منذ غزو العراق و ما تبع ذلك من مناورات معقدة انتهت إلى المشهد الحالي .. ، في المشهد الحالي الإنتقاد الإمبراطوري للنظام السوري يقوي ذرائعه في مواجهة المعارضة الوطنية و الديموقراطية و يعيد له "عافيته"
، آخر هذه الإبداعات كانت الإعلان عن 5 ملايين دولار خصصتها الإمبراطورية لـ " مساعدة " المعارضة السورية .. !!!
، النظام يعرف أن " الهجوم" الأمريكي عليه يفيده و يستخدم هذا محلياً أيما إستخدام ، و الذين يشنونه أيضاً يعرفون ...

الإمبراطورية تخطط لمواجهة طويلة و حروب طويلة في الشرق الأوسط
ذلك يشغّل عجلات الإنتاج العسكري ، يمنح إسرائيل حماية و حصانة فوق الحماية و الحصانة التي لها الآن ، ذلك أيضاً يسمح للهيمنة الأمريكية بالتوسع أبعد و أوسع في العالم ، يعطي نظام الإمبراطورية سبباً للبقاء و للتماسك ، يخدع الشعب الأمريكي ..." يجنده" – يجلده- في الدفاع عن " القيم الأمريكية " ..

يخططون أيضاً لحروب عربية- عربية ، غير التي أشعلوها حتى الآن ، و حروب أهلية : مذهبية دينية و إثنية و من كل الأنواع ، حتى تذهب هذه الشعوب أبعد في التخلف ، فيما يستمر نهب الشعوب و ليس بالنفط و أرباحه الخرافية فحسب

، و هم هكذا يجهدون في حماية و توسيع نظام التجارة غير المتكافئة – الإحتكارية- المسماة " حرّة " ...

في المواجهة هذه ضد الشعوب اليانكيون الأمريكان يحتاجون إلى حلفائهم : كل دول الإستبداد في هذه المنطقة ، يشتمونهم لإنقاذهم ، لم يتخلوا عنهم يوماً و لن يتخلوا ، إلا إذا ارتؤوا أن إسقاطهم سيأتي بفوائد أكثر ، كما حدث مع زلمتهم ، منكود الحظ ، صدّام في العراق ...

سيء الحظ " ماكيافيللي" بالمقاييس الحالية ليس سوى تلميذ متواضع لدى "بوش" و زمرته

نظام " المكيافيللية" هذا لا يضع فلوسه على حصان واحد ، يضعها على جميع- معظم- الأحصنة معاً ... ، كلها " أحصنته" .. إحتياطياً .

كل ذلك في اللحظة التي تسبق مباشرة السقوط المدوي للإمبراطورية و نظامها .

* المدهش في الموضوع أن البعض ما زالوا يصدقون دفاع الولايات المتحدة عن حقوق الإنسان ، هذه " الولايات" نفسها صاحبة بينوشيه تشيلي و الحرب الفييتنامية و سجن " أبو غريب" و غيرها و غيرها ، القائمة طويلة جداً

*كان بإمكانك فعلاً سنة 1982 أن تعثر في الصحافة الأمريكية على خبر عن مجازر حماه ، و لكن في إحدى الصفحات الداخلية و بالحرف الصغير و في ما لا يتجاوز عشر سطور ... ، قارن ذلك بـ "فضيحة" وجود 200 سجين " سياسي" - أو أكثر - في كوبا .. مثلاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية