الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضاءة في قصيدة -عيناه للشاعرة ناهدة الحلبي

علاء نعيم الغول

2018 / 7 / 4
الادب والفن


إضاءة في قصيدة "عيناه" من ديوان "أبعد من وحدتي" للشاعرة اللبنانية ناهدة الحلبي
بقلم: علاء نعيم الغول

أتابع قصائد للشاعرة ناهدة الحلبي منذ عام 2014 متزامنا مع ما قرأت لها أول ما أنتجته بعنوان "خوابي الروح". في هذه الإضاءة سأركز فقط على ما يسمى بصورة المذاق Gustatory image أو الصورة التي تستفز الدماغ ليستدعي صوراً تقطر في لعاب المخيلة فتستدعي مذاقات تهدم المذاقات القديمة لتبنيها من جديد في إحساسات المتلقي. فالصورة الحسية الأولى للشفاه وإن كانت نمطية كاحدى مفردات العشق إلا أنها تعتبر المدخل الأهم للعبورِ ألى الأنثى وجمالها والإلتقاء باللذةِ التي تحركها ذائقة متخيلة أعلاها طعم العسل وأدناها بلل الريق وفي الحالتين هناك غاية من التقاء الشفاه ألا وهو استدرار غدد العقل الجافة لتغدق على ثغرٍ متهيىءٍ لذلكْ.
ويبدو أن هذه الصورة الذهنية للمذاق هي حاسة وظيفية تتعلق بنظرية إيفان بافلوف المثير والإستجابة المبنية على فلسفة السلوك البشري ودراسة فسيولوجية بحته يتحكم بها العقل عن طريق اقترانات محايدة بين اثارة المذاق والإقبال عليه وهكذا تتكون الصورة الحسية في الشكل النهائي للقبلة التي تسري في نسيج النص الشعري بطريقة غير واعية لهذه العلاقة الوظيفية بين العقل وحاسة التذوقْ.
وتستمر الشاعرة في استدعاء الصورة نفسها عن افتعال مذاق آخر هو طعم الخمر الذي توجده الصورة الاستعارية في كلمة خوابي ولا بد من الإشارة إلى العلاقة بين صورة المذاق والخلايا العصبية المتعلقة بالشم olfactory cells وهذا يسحبنا مرة أخرى للعلاقة الوظيفية بين المثيرات اللفظية في النص الشعر والنتائج الحسية التي يرسمها الخيال بدون الخوض في المتاهة الفسيولوجية والسلوك البشري المغلف بمشاعر وقشور عاطفية ناعمة تخفي تحتها تلك العلاقات المحايدة التي يكملها العقل وينسج منها صوراً شاعريةً غايةً في الرقة.
هذه ليست صورة تجريدية للتجربة العشقية التي ترمز لها القبلة وتحركها الشفاه بل هي صورة للسلوك البشري المبني على علاقات شعورية انسانية من حب واحساسات متبادلة تجعل من الحياة واقعا يمكن التعايش معه والتغلب الى تعقيداته من خلال الوهم واللذة الجميلة التي يفرزها العقل في أعضاء الجسم المسؤولة عن خلق كل هذه المعادلة الممتعة.

القصيدة
عَيْناهُ ما هَفَتا لِغَيْرِ حَبِيبَةٍ
إذْ إنَّهُ في الحُبِّ لونُ تَمَرُّدِي

تِلْكَ الشِّفاهُ فليْسَ يَسْتُرُ عُريَها
والشَّهدُ يَهْمي فَوْقَ ثَغْرٍ أَغْيَدِ

قبَّلتُهُ يا طِيبَ ما سَكَبَ الهَوَى
هَلْ في اعتِرافٍ صِدْقُ مَا لمْ أَشْهَدِ

لو كُنْتُ راهِبةً لَبُحتُ بِسِرّهِ
فَالعِشْقُ يَفْضَحُهُ دُعاءُ العُبَّدِ

أَفْرَغْتُ في جَوْفِ الخَوابي خَمْرةً
قَد يسْتَفيقُ على أُجَاجِ المَشْهدِ

ما بَيْنَنا خجَلٌ تَساقَطَ تَمْرُهُ
أَقْصَى عَنِ الخَدَّينِ لونَ تَوَرُّدي

قَلبٌ طُفولِيٌّ كَطِفْلِ مَغارَةٍ
في خافِقي مَرْساهُ كالغُصْنِ النَّدي

ترِبَ المَكَانُ، فَعاطِرٌ مِنْ رَوْضِهِ
حُلْمٌ يُشِعُّ بِخاطِرٍ مُتَوَقِّدِ

وَكَما الشِّفاهُ إِذا دنَوْتُ لِقُبْلةٍ
أرْوَتْ فَمِي عَسَلاً عَلَيْهِ تَغْتَدِي

أتُراهُمُ الشُعَراء يَذْرونَ الهَوَى
في العَينِ- لا في القَلبِ- ما مِنْ عُوَّدِ!

ناهدة الحلبي
من ديوان: "أبعدُ من وحدتي"
---------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا