الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة ..والدفاع عن الوطن ..! !2 2

هادي فريد التكريتي

2006 / 3 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


من المسلمات به في العمل السياسي ، بأن أي فكر أو نهج سياسي ، غير قادر ، مهما كانت قدرته على الإقناع ، بزج أية فئة أو مجموعة من أتباعه في عمل ما ، دون أن تكون مقتنعة فيه ، وإن حصل كرها ، أو ضد إرادتها ، فلن تحقق نجاحا ، هذا في المجال السياسي ، فكيف إذا كان هذا العمل يتوقف عليه مصير بلد وحياة الكثير من أبناء الشعب ؟ ف " المقاومة " قناعة واختيار ، ولا يمكن إجبار أو إكراه أحد من الناس ، أو فرضها على مجموعة منهم ، دون أن تتوفر أسباب مقنعة للمقاومة ، وتجربة الأنصار بهذا الشأن في كوردستان غنية النتائج ، عندما أُجبر البعض على خوض التجربة .
شعبنا وأغلب قواه السياسية ، بعد سقوط النظام ، رفض كل دعوى للمقاومة ، وهذا خيار شعب يجب احترامه ، بدليل ليس عدم انخراطه فيها ، وإنما خاض متحديا هذه " المقاومة " بتجربتين ناجحتين لانتخابات عامة ، لاختيار ممثليه في الجمعية الوطنية والمجلس النيابي ، وثالثة باستفتائه على الدستور ، ونهجه هذا كان دليل رفض وإدانة لهذه " المقاومة " ، كما هو دليل واضح على انعزال لأصحاب نهج المقاومة ، والمحرضين عليها ، من بعض من يدعي حرصه على الشعب والعمل في سبيله ، وكذا لا يحق لعاقل يدعي الوطنية أن يقف مع هذه القوى ونصرتها ، أو يطلق عليها مسميات شرف ووطنية ، وهي فاقدة لهذه الصفات والمسميات ، على ضد من مصالح الشعب ، ورغبته في خياره واختياره للنهج الذي يسلكه .
"المقاومة " تقرن دائما بالوطنية ، لما توظفه من آليات عمل شريفة ونزيهة لخدمة مجتمعها الذي تعيش فيه وتدافع عنه ، ومن البديهي ، أن تكون لهذه المقاومة مقومات فكرية واضحة المعالم ، وأهداف وطنية معلنة ومعروفة ، تجمع عليها أغلبية من مكونات الشعب ، مفروض بها أن تمثلها مرجعية معروفة من الرموز الوطنية ، الغير ملثمة ، وأساليب عملها شريفة تنسجم مع أهدافها الوطنية . فهل تتوفر مثل هذه الصفات فيمن يحمل سلاح " المقاومة " ويدعيها ، وهو يفجر عبواته الناسفة على الطرق ، تصادف طفلا أم عاجزا ، ومفخخاته وسط الأسواق ودور العبادة تزهق أرواح أطفال ونساء وشيوخ أبرياء ، وتفجر أجساد عمال تبحث عن لقمة عيش لعائلاتها ، كما تستهدف الجندي وقوات الأمن والشرطة ، الذين هم أبناء لهذا الوطن ، يبغون لقمة عيش شريفة ، ورهنوا أرواحهم حماية لأمن وطمأنينة المواطن ، وبالتالي لو قارنا بين ضحايا الشعب الذين استهدفهم إرهاب " المقاومة " وبين ضحايا الاحتلال ، لتأكدنا من أن هذه " المقاومة " موجهة ضد أبناء الشعب العراقي وليست ضد الاحتلال ، لكثرة ضحايا الشعب ، مقارنة بما عند قوات الاحتلال . ولنا أن نسأل المدافعين عن نهجها ، هل بإمكانهم أن يدلونا على مرجعيتها و من يمثلها ؟ وماهية الأهداف التي يرومون تحقيقها ؟ وهل تتماهى أهدافهم ، إن كانت " شريفة " ، مع أساليبهم في الذبح والخطف والتفجير وانتهاك أعراض المحصنات من النساء ؟ وغيرها من وسائل سافلة ارتكبوها في دور عبادة ومقدسات الشعب ، أجمع على حرمتها كل مكونات ، المجتمع بدياناته وأعرافه وتقاليده المختلفة ، فهل هناك من يجهر علنا ، ويسفر عن انتمائه من ارتكب ونفذ تلك الأهداف ؟ ولماذا ؟.
لقد عانى الشعب العراقي كثيرا من النظام الفاشي ومن جرائمه ، فبعد مغامرته المجرمة في الكويت وهزيمته منها ، تفجرت إنتفاضة الشعب في العام 1991 وسيطر المنتفضون على 14 محافظة من مجموع 18 ، وكادت أن تطبق الانتفاضة على النظام كله ، لولا التدخلات الخارجية ودعم القوات الأمريكية للنظام ، هذا الواقع دلل على كره الشعب لهذا النظام وقادته ، الذين أذلوه وجوعوه ودفنوا أبناءه في قبور جماعية ، وبددوا ثرواته على بناء قصور لمجد كاذب ، وشكلوا جيوشا لحماية عرش منهار ، هرب قائدها قبل أن تنهزم هذه الجيوش ، وسلم بغداد وبقية المدن لأسياده ، لينجو بنفسه كجرذ مرعوب ، قبل أن يخرجوه من حفرته القذرة التي اختبأ فيها ، هذا الواقع بحد ذاته يمثل إدانة للرأي المساند " للمقاومة " وينزع أي شرعية وطنية عنها وعن القائمين بها ، ومن يحاول أن يجد تبريرا لمثل هذه " المقاومة " وشرعيتها لِمَ لَمْ يطرح مبرراته وبنفس الوقت لِمَ يتجاهل رأي غالبية الشعب المعارض لهذا التوجه ؟.
في غمرة الهجوم الأمريكي ودخول بغداد ، لم نر مواطنا واحدا دافع عن هذا النظام ، فالشعب قد هلل لسقوط النظام والطاغية ، إلا أن فرحته قد شابها الحزن والأسف ، لسقوط النظام بيد وفعل قوى أجنبية وليس وطنية ، فالشعب العراقي بفطرته الوطنية ، يناصب كرهه للمحتل ، إلا أن سقوط النظام ، بغض النظر عن القوى التي ساهمت في سقوطه ، يعني أن مرحلة جديدة قد بدأت في حياة الشعب ، برغم الدمار الهائل الذي أحدثته قوات الاحتلال ، وأعداء الحضارة والتقدم من الأجانب ، وأعوان النظام الساقط ، وما تسبب فيه كل هؤلاء ، من حرق ونهب لمؤسسات الدولة ، ولتراث العراق في متاحفه ومكتباته ، وما رافق المرافق الخدمية من تخريب ودمار . كل خراب أحدثته هذه القوى سيعاود شعب العراق الجبار ، بناءه وإعادته بأفضل ما كان ، من سابق عهده ، ولكن ليس قبل أن يحقق نصرا على قوى الإرهاب ، ويكنس قاذورات أفكارهم الهمجية والمتخلفة التي أطلقت عنانها قوى الردة ، من التكفيريين وأعوان النظام الفاشي التي يطلق البعض عليها اسم " المقاومة " ، فخلاص الشعب العراقي من قوى الاحتلال والإرهاب مرهون بحكومة وطنية تمثل الشعب ،وتمتلك السيادة واستقلال القرار ، وهذا ما ستحقق بارادة ونضال شعبنا . أما الخلاص من قوات الاحتلال ، فهو أيسر ألف مرة من احتلال داخلي عنصري وفاشي ، أحرق الحرث والنسل ، ووطن نفسه للبقاء مئات السنين كاتما لحرية الشعب ، تتداول الحكم فيه سلالة حقد وكراهية ، من رعاع وسوقة ، متخلفين وهمج ، بعضهم ُقبروا ، والبعض الآخر لا زال يرينا وقاحته متنمرا ، ويحلم بعودته منتصرا ، إن انتصرت مقاومتهم ( لابارك الله فيهم ولا بمن ينصرهم بالقول أو بالفعل ). خلاصنا من الاحتلال ، حتمي بمختلف أساليب النضال السلمية والعسكرية ، وكل شأن مرهون بوقته وبظرفه ، ولكن ليس قبل أن يستتب الأمن في عموم الوطن ، واستعادة لحمة التآخي لقوميات وطوائف شعبنا وهي تتفادى حربا أهلية وشيكة الوقوع ، تساهم في إشعالها قوى الظلام والرجعية والتطرف ، وما تسمى ب " المقاومة " وفي حقيقتها هي قوى لإرهاب طائفي وقومي عنصري أعمى ، تناضل ضدها كل جماهير شعبنا التواقة لغد أفضل وأسعد ..
لا يجوز لقوى تدعي التقدمية والوطنية أن تتحدث عن مجهول لا تعرف كنهه وطبيعته ، تدعمه وتسنده ، بما يخفي وبما يعلن عن جرائم يرتكبها بحق الشعب ، ولا يحق لها أن تمنح القائمين بكل هذا ثقتها ، عن حسن نية ودون تبصر ومعرفة أكيدة ، فحسن النية كثيرا ما تودي بصاحبها إلى مأزق ، ومأزق المثقف والمفكر ، وخيم النتائج ، لأنه يجر خلفه الكثير من الواثقين بمذهبه إلى الهلاك ، وهذا ما يدعو إلى مراجعة المواقف الخاطئة ، فالخطأ والصح مرهون بنتائجه على واقع شعبنا سلبا أم إيجابا ، والتحليل السليم البعيد عن المواقف المسبقة ، الذاتية والمتشنجة ، هو ما يقودنا ويدلنا على أن من فقدوا امتيازاتهم هم من أتباع رئيس وقادة النظام السابق ، وهم من يقود هذه " المقاومة " ، أدواتهم بقايا جيوشه التي شكلها للدفاع عن عرشه وسلطانه ، وما استجلب من قوى دينية تكفيرية ، متطرفة في نهجها وظلاميتها ، من بقايا الأفغان العرب وحكم طالبان وابن لادن ، وكل هؤلاء يسعى لإعادة ظلم وقهر الأمس ، ضد إرادة شعبنا وحريته وأمنه واستقراره ورفاهيته ، ضد تطوره وتقدمه .
تاريخ الشعوب إبان الحرب العالمية الثانية وقبلها ، عرف الكثير من أنواع المقاومة ومارسها ضد المحتل ، ففي إسبانيا كانت مقاومة الشيوعيين وأنصار الجمهورية ضد الجنرال فرانكو الذي اغتصب الجمهورية في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ، وأثناء الحرب العالمية الثانية عندما غزت النازية الألمانية الاتحاد السوفيتي ، والمقاومة الوطنية الألمانية ضد دولة هتلر النازية ، كيف تعاملت مع احتلال حررها وأسقط حكم هتلر .؟ وكذلك كانت هناك مقاومة وطنية فرنسية ضد النازية ، وضد حكومة فيشي العميلة ، وضد فاشية موسليني في إيطاليا ، ( كل أوطان هذه المقاومات حررتها قوى أجنبية ) وغيرها الكثير في اليونان وبلغاريا ويوغسلافيا والصين ، كل هذه الأنواع من المقاومة ، كانت لها أهداف ، ومرجعيات معلومة ومعروفة ، على مستوى الوطن ، وحتى الخصم كان له اطلاع ومعرفة برموزها وقياداتها وأهدافها ، كانت هذه " المقاومات " تخدم أهداف شعوبها في التحرر والخلاص من المحتل الفاشي والنازي ، هدفها هو المحتل تطارده وتوقع خسائرها في قواته ، أما أرواح أبناء وبنات الشعب فكانت أمانة بيد المقاومين ، وملكية الشعب ومرافقه المدنية كانت تحميها وتحرسها المقاومة من تخريب المحتل ، وما كانت تمارس لا قتلا ولا خطفا لأبناء شعبها ، فأين هي من كل هذا " مقاومة " كتاب ومثقفين معادين للنهج الوطني ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل