الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول موءتمر - إنقاذ - العراق

اسماعيل شاكر الرفاعي

2018 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


حول موءتمر " إنقاذ " العراق

شيء جميل ان يبادر فتية من شباب العراق ، يشاركهم شيوخ ذو خبرة نضالية في مقارعة الاستبداد : الى الجلوس في موءتمر عام للتفكير في كيفية وضع الحلول لما يمر به العراق من ازمة عامة يدور في دوامتها منذ فرضت بريطانيا عليه عام 1921 نظاماً سياسياً يشبه نظامها السياسي من حيث الشكل ( وهذا الايجاد المشابه للذات المركزية تكرر في كل الإمبراطوريات : الزراعية منها والصناعية ) وكررت امريكا عام 2003 الفعل نفسه وأوجدت نظاماً سياسياً شبيهاً بنظام مركزها الامبراطوري ...
2 -
شخصياً لم أعد أسيراً لاية فكرة او نظرية سياسية ، وبالتالي لست نصيراً لأي من الانظمة السياسية التي تعاورت على حكم العراق : اكانت في عرف البعض وطنية كنظام الزعيم الأوحد ، او ما تلاه من انظمة هي في العرف العام انظمة ولاء عاءلي مناطقي : شبه استبدادية شبه دكتاتورية كعهد الأخوين عارف ، او شديدة الاستبداد وديكتاتورية صرفة كعهد البعث و ( وضرورته التاريخية ) ، وسبب هذا الطلاق يعود الى الانظمة نفسها ، وليس الي ، فتلك الانظمة كانت تنكسر وتتحطم تحطماً سريعاً ما ان تتعرض لانقلاب عسكري او لحرب خارجية : وتذهب دون ان تخلف وراءها ما يمكن عده موروثاً سياسياً يمكن التمسك به وتنميته : لا على مستوى الاجتهاد النظري السياسي المرافق لتلك التجارب ، ولا على مستوى بناء موءسسات الدولة ...
3 -
كان التطابق واضحاً بين تلك الانظمة وبين زعاماتها ، فكل اجهزة الدولة الأمنية والعسكرية هي اجهزة مبرمجة للعمل على حماية نظام الزعيم الذي هو الدولة والقانون والتشريع ، ولهذا لا توجد موءسسة واحدة يمكن لها ان تعمل باستقلال عن الزعيم ؛ لا الصحة ولا التعليم ولا القضاء ولا حتى اقتصاد الدولة او الاقتصاد الخاص ، اما النقابات والاتحادات والجمعيات فهي الفروع المدنية من ظل الزعيم والمولهة بمحبته ...
4 -
ولهذا أسارع الى تأييد كل ممارسة سياسية لا تلتفت الى الوراء ، وكم هو راءع ان تكون نقيضاً لكل هذا الوراء في القول وفِي العمل : في النظرية والتطبيق .. قد يسارع البعض من المغرمين بعبادة الماضي وينشطرون في الموقف منه الان : ، الى موالين ومشككين به ، قد يسارع هذا البعض الى القول : - ومن انت ؟
بصراحة اقول : انا مواطن خاءف ، زرعت كل الانظمة التي انهارت : الخوف الشديد في أعماقي ، ولو صدقت بسردية اللاوعي لقلت بان كل ما مطور في أعماقي هو الخوف ، ومجسات الخوف في السلوك اليومي هو النفاق . ليس من طبيعة العراقي ولا من طبيعة اي مواطن في الكون ان يكون منافقاً ، ولكن المناخ العام والثقافة الساءدة : ثقافة الكرض والاغتياب والتقرير هي التي تصنع المنافق ، ولا تصنع ابداً المواطن الحر . لم يعلمني سارتر ولا كامو ولا هنري برجسون : البحث عن حريتي ، وإنما تعلمت ذلك من تجربتي الشخصية في الحياة التي دفعتني الى الفرار من النفاق والعيش بوجهين : واحد ظاهر وآخر مخفي ، ولقد عمق النظام السياسي الديني ، نظام ما بعد 2003 ، وكدت اقول برر هذا النظام الخوف وأكده كضرورة للفوز بما وراء الحياة ، بل ان حشد الحكواتية والروزخونية وخطباء الجوامع يبررون كل الماسي بكونها اختباراً لقدرة العبد على الصبر والصمود وهو يخرج مثلاً من محنة الحرب الأهلية وقتال الاٍرهاب الداعشي والدخول بمحنة اختفاء الكهرباء والغش في الانتخابات .. انا اتحدث عن تجربة فردية ، ربما يجد البعض شبيهاً لها في تجارب حياتهم الفردية ، ولا اتحدث عن تجربة جماعية ، انا لست مسوءلاً عن الجماعة ، بل ان ادعاء تمثيل الجماعة هو واحد من أسباب خوفي : إذ ان كل الانظمة السابقة وكل الاحزاب القاءمة الان في المشهد السياسي ، ادعت وتدعي تمثيل الجماعة ، ولكن تلك الانظمة وهذه الاحزاب صادرت وتصادر حق اي جماعة اخرى تحاول ان تنهض وان تشير الى ذاتها وتعلن عن حراكها ، ان ادعاء تمثيل الجماعة ادى في فضاءنا العراقي والعربي والإسلامي الى تحويله الى حق ، ومن ثم استخدام كل الوساءل المتاحة في سبيل احتكار هذا الحق : وهذا الادعاء هو المدخل الذي دخلت منه انظمة مجالس قيادة الثورات الانقلابية ، فجميع هذه الانقلابات العسكرية ادعت بأنها جاءت لإنقاذنا : من الفقر ، من الفساد ، من النكسة والنكبة والهزيمة في 48و 67 ، وفِي حاضرنا فان كل الميليشيات المسلحة ، الملثمة منها وغير الملثمة تدعي بان برامجها العنيفة المرعبة هي من اجل : إنقاذنا ، ولهذا انطمر في الطبقات السفلى من وعيي الباطن خوف شديد من كلمة : إنقاذ ومشتقاتها ، وخاصة من كلمتي : المنقذ والمخلص الذي قدمته لنا سياسة المشرق وعموم السياسة في الشرق الاوسط على شكل : سيف يقطر دماً ، ولهذا فوجءت بتسمية الموتمر : بموءتمر إنقاذ العراق ، لقد اثارت مفردة " الإنقاذ " قلقي فهي ذات حمولة خلاصية تنتمي الى جيل القومانيين الذين قاموا بانقلابهم العسكرية تحت غطاء " الإنقاذ " ولكنهم في الأخير لم ينقذوا شيءاً بل احرقوا كل ما تم بناءه من بنى تحتية وعمرانية وما تراكم من وعي اخلاقي وسياسي .. هذا المسعى النبيل يحتاج الى ان يكافئه الداعون اليه بمفهوم جديد يكون معادلاً له يقع خارج سياق الموروث السياسي الذي خلفته لنا الممارسة السياسية خلال قرن منذ نهاية الحرب العالمية الاولى ...
5 -
لا توجد اكذوبة في التاريخ اكبر من اكذوبة المنقذ المخلص التي يعيش على امل حدوثها الملايين من مختلف الأديان ، ولا توجد اكذوبة في تاريخ العرب الحديث اكبر من اكذوبة : المستبد العادل التي جاء بها من وصفتهم اقلام الموءرخين بالنهضويين العرب الذين داروا حول أصل المشكلة ولم يتناولوا المشكلة من جذورها ..
6 -
إنقاذ : كلمة مشحونة بدلالة غيبية تنسب الى الذات القدرة على الإتيان بافعال خارقة لنواميس الطبيعة والكون ، وهي بالنسبة الى الديانات المحور الذي تدور من حوله كل الطقوس الدينية التي تتجه في الممارسة الى معبود قادر على كل شيء ، فهي مفردة دينية مشبعة بمعاني البطولة والإعجاز التي هي المهد الدافيء الملاءم لولادة الدكتاتورية والاستبداد ... عربياً وعراقياً تجسدت هذه المفردة على ارض الواقع بالمطالبة بثمن النضال : نحن بادرنا الى الإنقاذ وضحينا من اجل إنقاذكم ، وعليكم ان تدفعوا الثمن ، والثمن هو ان نتحول الى مواطنيين من الدرجة الثانية رغم أنف الدستور والقوانين والتشريعات التي توءكد مساواتنا في الحقوق : هذا التسليع للنضال هو النتيجة الطبيعية على ارض الواقع للوعي السياسي للانقاذ ، هل موءتمر الإنقاذ سيختلف في الممارسة الفعلية عن الإسلاميين والديمقراطيين والليبراليين واليساريين والشيوعيين الذين يعلنون بأنهم يريدون إنقاذ العراق .. ومن اجل هذه النية فقط ، لا اكثر ، يطالبوننا بان ندفع الثمن : طاعتهم في كل ما خرجت به موءتمراتهم من توصيات والرضوخ لما يمنحونه لأنفسهم من امتيازات بعد وصولهم الى السلطة كمكافأة لهم ...
7 -
لم يكلف الشعب العراقي الحزب الشيوعي ولا حزب الدعوة على انقاذه ، وتقديم ما قدماه من تضحيات ضخمة في مقارعة استبداد النظام السابق ، والانظمة التي سبقته ، ولهذا لا يحق لهما تسليع نضالهما ومطالبة الخزينة العامة في دفع رواتب شهرية ثابتة لشهداءهم ومفقوديهم ، اذ كان شهداءهم ومفقودوهم متطوعين في نضالهم ولم يجبرهم احد على التضحية ، ولو عادوا الى الحياة لرفضوا هذا السعر الباءس الذي وضعته احزابهم لنضالهم وتضحياتهم ...
8 -
لا بد لأي منهج سياسي يطرح نفسه بديلاً عن منهج السلطة القاءمة ، ان ينحت لنفسه قاموس مفرداته الخاص او مفاهيمه السياسية الخاصة التي يتركز فيها خلاصة نظرته السياسية ، وكان عجبي شديدا حين اطلعت على التسمية في الورقة الصغيرة التي بعثها لي صديقي ساطع راجي صاحب الأعمدة الأسبوعية المميزة ، فتساءلت حينها كيف فاتته هذه ، وربما ضم الموءتمر اقلام مميزة من وزن قلم ساطع راجي .. اقول فات هذه الاقلام انها استعادت عنواناً لنشاطها السياسي ما كان : هو السبب في كل هذه الكوارث والماسي ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات