الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيادة العراق الوطنية ..في ظل الحوار الأميركي الإيراني

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ربما يبدو الحوار الأميركي ـ الإيراني سابقة تاريخية أشبه بالطرفة..
وربما هو مشهد من مسرح العبث أو اللامعقول الذي تجاوز كل مشاهد الحياة العراقية غرابة.. ومأساة!!..
طرافة هذا الحوار تنحصر في كونه يتعلق بالوضع العراقي (فقط!!) .. فالدولتين لديهما من القضايا الخلافية العالقة بينهما سلسلة لا تنتهي للحوار والتفاوض ، وليس الملف النووي الإيراني إلا حلقة في مسلسل طويل من الصراع بين النظامين اللذين على طرفي نقيض في كل شيء، فأميركا ترى في إيران خزاناً للإرهاب ومصنعاً لنشر العنف والشر في العالم.. أما إيران فإنها لا ترى في أميركا إلا هذا الشيطان الدموي الذي يسعى لتخريب العالم والسيطرة عليه..
لكل من الدولتين أيديولوجية متناقضة عن الأخرى وبينهما صراع لا يبدو أنه سينتهي قريباً.. ومع ذلك يلتقيان للتفاوض والحوار.. إنما بما يخص الوضع في العراق!!
لو كان هذا الحوار أميركي ـ عراقي لفهمنا.. إذ أنه حوار بين محتل وشعب يسعى نحو سيادته الوطنية..
لو كان هذا الحوار أميركي ـ بريطاني لفهمنا أيضاً... إذ أن قوات هاتين الدولتين تحتلان العراق..
لو كان هذا الحوار أميركي ـ دولي لفهمنا كذلك.. إذ أنه حوار بين قوة احتلال وشرعة المجتمع الدولي التي تسعى إلى تطبيق قانون حق الأمم والدول في تقرير مصيرها..
إلا أن يكون الحوار أميركياً ـ إيرانياً فهذه عصية على منطق الحوار.. حين يكون الموضوع شأناً لا يخص الإيرانيين (كما يعلنون !!) بشيء.
إلا أن الجميع يعرف أنه حوار ضروري وحساس ولا بد منه.. إنها حقيقة مع الأسف!!.
ضرورته تنبع من خطورة الوضع العراقي الذي يبدو اليوم وكأنه مرجل يغلي لن يلبث أن ينفجر ويدمر البلاد عن بكرة أبيها.. إنه مرجل الحرب الأهلية التي تعتبر من أكثر الحروب التي عرفها التاريخ بشاعة وذبحاً وشلالات لا تنتهي من الدماء.
ضرورة هذا الحوار تنبع من أن التناغم الإيراني ـ الأميركي في العراق طيلة ثلاث سنوات قد وصل إلى مرحلة لم يعد ممكناً استمراره.. فالأميركان سمحوا لإيران بالتدخل عبر أدواتهم ورموزهم في الحكومة العراقية من جهة وعبر التدخل العسكري ـ المخابراتي المباشر من جهة أخرى، مقابل انكفاء القسم الأكبر من شيعة العراق عن مقاومة الأميركان، وهي معادلة تبدو منطقية.. إذ أن تصريح كيسنجر ما زال يتردد صداه في الفضاءات العالمية: (لو أصدر السيد السيستاني فتوى بمقاومة الاحتلال لكان الجيش الأميركي خارج العراق)!!
إلا أن إيران على ما يبدو قد تجاوزت الخطوط الأميركية الحمراء مؤخراً ولم يعد خافياً على أحد دور إيران في مؤامرة تفجير قبة المرقدين.. وما تلاها من اعتداءات بالحرق والتدمير لمساجد العرب السنة.. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية امتعاض الأميركيين من استفحال دور المخابرات الإيرانية وتجنيدها لعشرات الألوف ممن عرفوا بفرق الموت وغير ذلك من الميليشيات المسلحة التي تفتك يومياً بمئات الضحايا من العرب السنة..
كل ذلك شكل شرارة الحرب الأهلية التي بدأت ولا يعلم إلا الله متى يمكنها أن تتوقف.. إذ أن هذا القتل اليومي لا تسمية له خارج حرب الطوائف..
إيران تريد هذه الحرب لأسباب معروفة وواضحة، فكل ما يضر العراق كوطن وسيادة ومناعة هو لصالح إيران بحكم صراع تاريخي بين الدولتين من جهة، ومن جهة ثانية لأن العراق يمثل بوابة العبور نحو الخليج والمشرق العربيين ضمن أفكار تصدير الثورة الإسلامية التي يحملها (نجاد) بوصفه تلميذاً نجيباً للخميني..
أميركا تخشى على مصالحها في العراق والخليج والمشرق العربيين وتعتبر على المدى البعيد أن المشروع الإيراني سيمثل عقبة إزاء هذه المصالح، وهي ليست على استعداد للتفريط بالجنوب العراقي لصالح إيران.. فهي القوة الأولى في العالم التي أتت من الغرب البعيد... لتبقى!!..
لإيران مصلحة في هذا الحوار لا تتعلق بأطماعها في العراق فحسب، وإنما هناك مشروعها النووي الذي سار ضمن تداعيات مخيفة في مجلس الأمن مؤخراً.. ولا بأس بالنسبة لها أن تقدم بعضاً من (التنازلات) في البصرة وبغداد على أن تقدمها في قم وطهران مثلاً!!..
مع ذلك يبدو حواراً يحوي من الغرابة والدهشة الكثير.. فمجرد طرح هذا الحوار يعني أن الإيرانيين قد داسوا على الكرامة الوطنية للشعب العراقي.. خصوصاً أن الفكرة أتت (كما هو معلن) من قبل السيد عبد العزيز الحكيم الذي أثار دهشتنا مؤخراً ببعض التصريحات التي أوحى بها أنه سيقاوم الاحتلال الأميركي.. مقاومة مسلحة!!.
وهو الأمر الذي عجزنا عن فهمه إلا كردة فعل على تصريحات السفير الأميركي زلماي خليل زادة التي هاجم فيها إيران ودورها التخريبي داخل العراق خصوصاً بما يتعلق بإثارة الحرب الأهلية.. إنها ردة فعل (الحكيم!!) الوحيدة ضد الاحتلال.. وبدت آنذاك أنها ردة فعل ضد التعايش الوطني أكثر منها ضد الاحتلال.. فكل جرائم الاحتلال لم تثر (نخوة) الحكيم وغيرته على السيادة الوطنية.. فقط حين حذر الأميركان من الحرب الأهلية وأكدوا رفضهم أن يتولى شؤون الأمن العراقي رجل ينتمي إلى ميليشيا طائفية!!.
دعوة الحكيم لإيران للتفاوض مع الأميركان هي إعلان صريح عما هو أبعد وأخطر.. إنها تحديد خيارات وتفاوض نهائي حول فيدرالية الجنوب الشيعية التي ستسلم لإيران مذهبياً وجغرافياً.. عن طيب خاطر!!.
ولا يختلف الأمر كثيراً فيما يخص الدعوة إلى تشكيل لجان شعبية مسلحة التي أطلقها الحكيم بمناسبة أربعينية استشهاد الإمام الحسين(ع) بحجة محاربة الفتنة الطائفية !!
هل يعقل أن ندعو إلى تسليح الناس ونحن على أعتاب حرب أهلية .. إن لم نكن في قلبها ؟!
في الوقت الذي يجب أن تكون الدعوة إلى إزالة السلاح من الشوارع وأيدي المدنيين .
هناك من يرى أن المشهد العراقي سيقدم لنا الكثير من المفاجآت المأساوية والمرّة..
وكلما قلنا هذا آخر المطاف هناك من يهمس من بعيد ويؤكد لنا: أن القادم أعظم!!..
ما نحتاجه اليوم أبعد من هذه (الهرطقات) الحكومية والبرلمانية التي يبدو أنها لم تعد تقنع المواطن العراقي في شيء...
نحتاج إلى عودة الروح الوطنية إلى شوارع بغداد والبصرة والموصل وبقية المدن العراقية لرفع راية موحدة ترفض استباحة الأرض والتاريخ والمصير.. وتضع حداً لهذا الشلال الدموي بكل رموزه في الحكومة وخارجها..
نحتاج إلى الروح الوطنية ثانية، تدخل عبر أبوابنا المشتركة بكل تنوع هذا الوطن من طوائف وأديان وأعراق..
ربما نحتاج إلى (حلم الله) للخروج من هذه الكارثة التي أعدها لنا الغرباء وهم يلتهمون قلب هذا العراق العظيم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -