الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة الرسمية الرائجة

محمد ابداح

2018 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الصحافة الرسمية الرائجة

من المعلوم بأن الصحافة الرسمية العربية الموجّهة لا تملك موهبة نقد وتفسير الإبداعات الأدبية والفنية بقدر ما تتقن فنون تلميع الأحذية السياسية أو خرقها، وتلطيف الأجواء أو حرقها، ولا يتم ذلك بوازع وطني أو نضالي، وإنما التزام يستأهل كمّا هائلا من الحيطة والحذر ومقابلة غير منطقية ( غير نزيهة بمعنى أدق) بين الحقائق والمعلومات، للوصول إلى تفسيرات مضللة للرأي العام، وقد يتردد من وراء ذلك سؤال عن طبيعة الثقافة المرّيخية التي تتمتع بها الشعوب العربية لكي تستوجب من الحكومات العربية كل تلك الجهود الصحفية والإعلامية المُضنية لاخفاء الحقائق السياسية عنها؟
إن حقائق فساد الإعلام العربي الرسمي واضحة بشكل مفرط لدرجة أنه يمكن رؤيتها في فقاعات زبد البحر على طول سواحل الدول العربية من محيطها إلى خليجها، وقد يوافقنا العدو قبل الصديق على أنه إذا كان لأسلوب جهة إعلامية عربية درجة الصفر من الشفافية والنزاهة فهي هفوة إيجابية تستحق الدراسة، وخلف كواليس التوجه الإعلامي العربي الراهن حول مهاجهة الأديان وتصويرها على أنها سبب التخلف العربي، فإن التاريخ البشري - مع احترامنا للمُلحدين- لم يأذن بعد بخلق مجتمع ما بلا أيدولوجية دينية، وربما لن يسمح بذلك على الإطلاق، لأن وظيفة الأديان هي إشباع حاجات الجنس البشري الغريزية والتي لن تنتهي، لذا فإن قضية تخلف الشعوب العربية لاتكمن في الطعن في معتقداتها الدينية، حتى ولو أخذنا بعين الإعتبار المقابلة الظاهرية بين مجتمعات رجعية ذات ثوابت دينية (مُتنازعة)، وبين مجتمعات عصرية ذات إيمان أقل تطرفا(مُتصالحة)، وأكثر ملائمة (سذاجة) لمتطلبات الواقع.
ولو قُدّر لنا اعتماد مقياس دقيق لدراسة الأزمة العربية المعاصرة، نتجاوز به - عن قصد- قشة الدلالات التاريخية للمصالح العربية المشتركة، فإنه لا يُبحث في فهم الأنظمة السياسية العربية؛ بل في الأيديولوجية الخاصة بكل نظام حاكم بذاته، لأنه ليس ثمة من مُمارسة سياسية على مر التاريخ إلا وفق أيديولوجية دينية معينة وتحت تأثيرها المباشر، علما بأن جوهر الأديان السماوية يُنظر فيه إلى الحشو على أنه تفسير، كمن يُقيم مؤتمرات للفتاوي الشرعية تُناقش فيها أحكام التّيمُّم بمسحوق الطبشور وماء عصير البرتقال.
وكما أن الكون لايحتاج إلى فهم طبيعة العلاقات البشرية ليستمر في وجوده، بل إن البشر هم من بحاجة لفهم أنفسهم أولا والتفاهم فيما بينهم ثانيا، فضلا عن فهم طبيعة الكون لكي يستمروا في وجودهم فيه، فإن العلاقات السياسية لا تُفسّرُ بذاتها ولا بالأشكال الهلامية التي تتخذها، بل بالظروف المادية التي تؤثر في تشكيلها، وإذا كان الوضع السياسي العربي الراهن غير قابل للوصف إقليميا، فهو على خلاف ذلك دوليا، لأن آليات التفسير المنطقي المتداولة دوليا هي مادية بامتياز. لذا فلا يُمكن أن يصدر هذا الوعي المُدرك لطبيعة العمل السياسي عن مفاهيم روحانية ودينية، بل عن مفاهيم مادية بحتة تقوم عليها المصالح والعلاقات. قد تبدو الأيديولوجيات في نهاية الأمر كمجرد وقود أحفوري لتزويد العلاقات البشرية بالطاقة اللازمة لاستمرارها، فعلاقة الناس ببعضهم لتحقيق بعض الأهداف ضامن لبقاء الدورة لكن علاقة الإنسان بأهدافه هو محورها.
ونحن بالطبع فيما نزال نؤدي الضربية المتصاعدة لفشل مشاريع الحداثة في الدول العربية، نبحث أيضا في سرّ علاقات الهيمنة السياسية الدولية على أنظمتنا السياسية الحاكمة، والتمييز المبدئي بين فضائي هذه العلاقة الثنائية، الأول منهما متحرك والآخر ثابت، يضع الواقع العربي الراهن أمام تناقضات أساسية ثلاث:
أولا: الثوابت والمسلمات : إن المحراث الفرعوني الذي تجره الثيران لايهم سوى فئتين من الناس؛علماء الأثار والمُزارع المصري الذي لايزال يُصر على فاعليته وسرعته في الإنتاج، ذلك النوع من الذهنية العربية هو الذي يُؤسّس التمييز الواقعي لتقنية التمسك بالخرافات والأديان والتي لازالت تنخر من الداخل.
ثانيا: التطوّر الصوري للقناعات: قد يرتقي المرء بالوسائل والأدوات العصرية، لكنه يتجمد حين تضربه صاعقة القناعات، وهو بذلك يتتجدد بالوسائل الخارجية ويكرر نفسه قابعا في الداخل.
ثالثا: ليس في وسع أي زعيم سياسي عربي حالي ذو قدرة متوسطة، مُهددة بأمنها الوطني؛ أن يدّعي بأنه سيفعل خيرا مما فعله يوسف بن تاشفين، لمحاولة قوة أستمعنارية من تفتيت ما تبقى من دول عربية.
غير أننا نرى في الوجه الآخر لمحاولة التطور العربي مجرد تجميع آثار مسروقة، وتزوير أوراق تاريخية ثبوتية للحكام، يتم تصنيفها في ملفات قيد الإعداد؛ لتثبت بأن أدنى حاكم خاسر في العالم العربي يكون رابحا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تعيش باميلا كيك حالة حب؟ ??????


.. نتنياهو يعلق على تصريحات بايدن بشأن وقف إرسال أسلحة لإسرائيل




.. مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يوافق على سحب قوات روسية من مناطق مختلفة في أرمينيا




.. باريس: سباق البحث عن شقة للإيجار • فرانس 24 / FRANCE 24