الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة تطويني فراقا.............نص قصصي

سعيد بلغربي

2006 / 3 / 25
الادب والفن


لا تهتم يا صديقي ، ألمك الذي نسيته في رزمة أوراقي و الذي كتبته عندما حلت ضيفا عندي مازلت أحتفض به .
لم أكن أدري أين كنت مختبئا عندما كانت تتساقط عليك أوراق الوحي الشعري فمنزلي المبعثر لا يوحي بأن آلهة الشعر تسكن جنباته ، حيث منديل أخضر يخفي لونه بقع الأوساخ المتراكمة معلق فوق كتف باب غرفتي ، سروال من النوع الرخيص تغير لونه بسبب نقص جودة الصابون ، أشياء تافهة تبدو غير منظمة ملقات هنا و هناك ،عبثا أحاول ترتيبها لكنها لاتترتب .
هناك على الكرسي الحديدي تلفاز بالأبيض و الأسود و تحته بطارية نفدت طاقتها مند أكثر من شهرين لأن "البطاري" لم يعد يمر من هنا لكي يزودها بالطاقة عند المختصين في ذلك ، قيل لي أن حماره الذي يحمل أثقال البطريات يحب أكل السكر فقضم حلوة من يد صبي أصابه في يده فأقسم أن يبيعه تاركا هذه المهنة و تاركا وراءة تلفزات غارقات في صمتهن الأبيض و الأسود .
كنت تفضل دائما الصعود إلى سطح المنزل في ذيل أيام الأسبوع فتوجه مستقبل البث صوب البحر لتستقبل أمواج قناتك المفضلة ليلا ، لا تنام إلى أن تنتهي أفلامك الماجنة .
يا صديقي مازلت الساعة التي كان يقلقك رنينها تحمل جروحها و كسورها ، كانت كلما رنت منبهة إياك بالصباح القادم إليك ليفض بكرة يومك الجديد ، يوم يشبه تفاصيل كل أيامك ، إلاّ و تصتدم بعصبيتك فتلقيها في الأرض حتى أصبحت الآن تعيش خارج هذا الزمن ، و أنت مثلها . كنت تمقت النهوض باكرا إلى أن أقلي السمك و أعد شلاظتك المفضلة بالبصل و الطماطم و الخل الأحمر و قليل من الملح لأن أعصابك المتوترة لم تعد تحتمل الملوحة كما أخبرك الطبيب المجاني بذلك ، ثم تنهض لاعنا الشمس التي تسللت إلى جيوب غرفة نومك بدون إستئذان .
نصحتك ذات مرة طالبا منك أن تطفيء القنديل الغازي لأنك تظل الليل كله وكأنك تكتب شيئا ما أو تحاور كائنات عالمك الخاص ، لمحتك تداعب و تلامس حروفا كنت أسمعها تتنهد في جوفك ، حينها أحسست أن غاز الفانوس قد نفد وهذا ما يحرق فتيل جيبي ، وأنت كما تعلم أنني أعمل حمالا وليس لي دخل مالي قار .
شعرت بك وكأنك لم تقبل نصيحتي ، أحسست بداخلك أنك أصبحت ضيفا ثقيلا عندي ، تبين لي ذلك عندما أفرغت غضبك فتكسر زجاج القنديل شضايا فبقينا لا نرى وجوهنا إلا على ضوء الشموع البيضاء. كنت دائما أوقر غضبك فلا أزعجك كثيرا بنصائحي التي لم تكن تستسيغ سماعها .
الآن أصبحت أعرف أن لعنة الظلام هي التي جعلتك تستعجل الرحيل فجمعت جميع أشيائك وأشلائك بدون أن تودعني أو تشكرني على ضيافتي المجانية لك ، ولهذا أكتب إليك يا صديقي هذا الخطاب لأخبرك بأن قصيدتك في مأمن من الشر فلا تقلق أبدا بشأن ضياعها .
كانت نصا رائعا كلما قرأته إلا وأحسست بوديان من التعاسة تنهمر منها ، وبشلالات من الحزن يتدفق منها ، كتبت أنك لن تعود ، قلت وداعا فترملت أشعارك ، و تيتمت حروفها و بكت كلماتها مرثيات فراقك لها ، وهذا ما أقلقني حينما إكتشفت أنك غائب عني ، وجدو جثتك معلقة إلى حزام سروالك ، رحلت تاركا وراءك أتعابك المالحة لي ، و قصيدة فيها وصيتك و حزني .
تعلمت منك أيها الصديق كيف أتقن لذة الإنتحار لكي أحيا كل يوم ميتا ، وعرفت لماذا الموت يؤرخ لأمثالك ميتاتهم المعلقة إلى أعناقهم ، ولماذا النهايات تأتي هكذا بغتة منا بدون أن تمنح لنا شيئا من مساحتها للتشرد فوقها لكي نلتقي فيها مودعين .
وأعلم ياصديقي أنني شيدت من طين فراقك لي هنالك في ركن من زوايا ذاكرتي ألم ينزوي متشردا بيني و بينك ، أروي به ذكرياتي كلما لبست حروفك وطنا لحلمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت