الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق العودة بين الاممية والعولمة

عادل سمارة

2003 / 3 / 15
القضية الفلسطينية


 


رام الله المحتلة

 لا أبغي لتوضيح ما اقصد عودة الى قرنين أو اكثر من الزمن لأبين ان إقامة دولة لليهود في فلسطين كانت حاجة للنظام الرأسمالي العالمي لخلق قاعدة تحمي مصالحه في الوطن العربي وتعادي المنطقة، وتتحالف معه ابدا وبالضرورة. أي إن الاستراتيجيين والساسة البريطانيين والفرنسيين قد سبقوا الحركة الصهيونية بمائة سنة على الاقل في طرح مشروع لإقامة دولة لليهود في فلسطين. وهذا الحديث يكشف فيما يكشفه تهافت مثقفين فلسطينيين وعربا ممن رأوا الى الحركة الصهيونية على انها حركة تحرر (عزمي بشارة مثلا).

 كان عتاة الراسمالية العالمية منشغلين في اقامة قاعدة عسكرية/عدوانية في المنطقة. ولهذا السبب بحثوا عن اليهود للقيام بذلك حيث ارتكزوا على الخرافة التوراتية بأن الله قد وعد اليهود بفلسطين (ارض الميعاد). ولا شك ان هؤلاء الامبرياليون قد فطنوا، ولكنهم تجاهلوا ثلاثة أمور على الاقل:

الاول: ان الله لو كان حقا يريد اعطاء هذه الارض لليهود، لقامت قدرته بمنع العرب الكنعانيين من الرحيل اليها من حيث المبدأ، ولأبقاها وقفاً لليهود. فهل يُعقل ان الله لم يتوقع من خلقه ان يقاوموا، (والعرب من بينهم) وبالتالي ان تحصل حربا دامية.

والثاني: ان هذا الوعد ليس رباني وإنما سياسي من احد قادة اليهود القدامى المسبيين الى العراق مرتين ليعودوا الى مكان سكناهم كقبيلة عبرية. ولكن هذه القبيلة تناثرت وذابت ولا يوجد أي دليل ان يهود بروكلين في اميركا لهم صلة من اي نوع بيهود خيبر.

والثالث: ان احدث علوم الاثار تؤكد ان لا وجود لآثار يهودية في فلسطين، وهناك علماء مثل (كمال صليبي) يقتربون من تأكيد ان هؤلاء اليهود كانوا في جزيرة العرب.

يتأكد الدافع السياسي/الاستراتيجي للراسمالية الامبريالية الغربية من خلال استخدامهم للدين المسيحي ايضا في اقامة دول عدوانية غريبة في المنطقة. فقد حفل القرن التاسع عشر بكتابات ومراسلات وتحريض على اقامة دولة مسيحية في فلسطين. وقد قامت بعض الدول الاوروبية الغربية تحديداً باقامة مستوطنات في فلسطين (هناك المستوطنات المسماة –الالمانية- شرق شمال مدينتي الرملة واللد داخل الارض المحتلة عام 1948). وهذا يشير بوضوح الى دور الكنيسة الانجليكانية (البريطانية خاصة) والمرتبطة تماماً بالمؤسسة البريطانية الحاكمة، دورها في خدمة الغزو الامبريالي البريطاني للوطن العربي باسم الدين. وهي الكنيسة نفسها التي تخرج علينا بطبعات جديدة من طراز (اليمين الجديد، والايفانجيليتس...) وهي نفسها التي تشكل تياراً عنصريا جديدا هو (اليهو-سيحية).

  وعندما تبلورت الحركة الصهيونية عُقد التحالف بين الطرفين، الاوروبي والصهيوني لإقامة الدولة اليهودية الاستيطانية.

 اذن ليس الامر دينياُ من حيث المبدأ. بل تم استغلال الدين من اجل السياسة والاستراتيجيا، و/أو تم زج خرافات في الدين كي يتم استخدامه في تحريك المؤمنين لاحتلال فلسطين.

 ينقلنا هذا الى الحقيقة الكبرى وراء إقامة الدولة الصهيونية في فلسطين وهي انها وليدة النظام الراسمالي العالمي. هي قضية عالمية اذن. ولا نقصد بهذا التقليل من كون قضيتنا عربية فلسطينية، وإنما التذكير بأن العدوان على فلسطين لم يكن لا بداية ولا نهاية بجهد اليهود الصهاينة فقط، كما لم يكونوا الاساسيين فيه. باختصار، إننا هنا في الوطن العربي، في ارضنا،  نصارع النظام الراسمالي العالمي. وبما ان العالم يدخل منذ قرابة ثلاثة عقود حقبة العولمة، فإن القضية الفلسطينية تدخل هذه الحقبة باعتبارها قضية معولمة من الدرجة الاولى.

 هناك تطورات جديدة تأخذ مداها وتفرض نفسها على الارض في كافة ارجاء النظام العالمي ايضاً. ففي حين تقف الانظمة الراسمالية في العالم الى جانب الكيان الصهيوني (طبعا بدرجات متفاونة بين تسليحه بالذرَّة كما فعلت فرنسا وتفعل امريكا، وبين التصويت المنافق لصالحه) تقف بالمقابل قطاعات واسعة ومتسعة من كافة شعوب الارض داعمة للنضال الفلسطيني، ورافضة للحرب ضد العراق. انه تطور جديد وعظيم حين تخرج الشعوب على إيديولوجيا حكامها الراسماليين رامية بخطاب رأس المال تحت اقدامها، معلنة خطابها الخاص بها، خطاب السلام، الخطاب الأممي، منطلقة الى شوارع مدنها لتؤكد انها ضد الحرب.

 هناك معان كبيرة لوقوف شعوب العالم ضد الحرب. فهي بهذا إنما تقف ضد راس المال لأن من يشعل الحروب هي الراسمالية . ولا شك ان لهذا الموقف الاممي اسبابه ودوافعه. انه تعبير عن ان تزايد التعليم قد خلق مناخا كي تعبِّر الانسانية فيه عن جوهرها، جوهر السلام، وليس القتل. اما في امريكا نفسها، فإن الطبقة الوسطى التي خلقتها حقبة الازدهار الاقتصادي الاميركي في عقود مختلفة من القرن العشرين تتعرض للتصفية على يد نفس الراسمالية التي خلقتها، وهذا ما يجعل التظاهر ضد الحرب مطلباً لتحسين معيشة المواطن الاميركي نفسه. ان هذا السلوك الواعي هو النقيض الحقيقي لرأس المال. انه الاندفاع الاممي للشعوب الى الشوارع والحواري رافضين للحرب والعولمة.

 ماذا يعني هذا بالنسبة لنا نحن العرب؟ ماذا يعني وقوف الامم ضد الحرب؟. يعني بلا مواربة رفض كل دعاة الحرب. ولا شك ان هذا سوف ينسحب على الكيان الصهيوني الذي يدفع بالولايات المتحدة، جهاراً نهارا، لخوض حرب لا نهاية للدم فيها.

 وعليه، إذا ما تمكنت حركة مناهضة العولمة والحرب من الاستمرار، واذا ما القينا نحن العرب بثقلنا الحقيقي فيها للقيام بواجبنا اولا ولوضع قضايانا على اجندتها، فلن يمر طويل وقت قبل ان تتجذر هذه الحركة لتعلن موقفا ضد الصهيونية وكيانها في فلسطين. حيث سيقف الشعبي العالمي في مواجهة الرسمي العالمي. وعندها سيصبح حق العودة مشروعاً أمميا مقابل المشروع الرسمي المعولم لاقامة الكيان الصهيوني في فلسطين.

 لسنا شعب الله المختار، ولكن تحديات رأس المال تضعنا على رأس قائمة اوسع حرب عالمية في التاريخ، سواء في العراق او فلسطين. ولم يكن لهاتين الحربين في فلسطين والعراق ان تحصلا لولا ان شعبنا فيهما يقاوم. لذلك، نحن في بؤرة الصدام، او كما قال المتنبي:

وقفتَ وما في الموتِ شكٌ لواقفٍ   كأنكَ في جفنِ الردى وهو نائمُ

نعم نحن في جفن الردى ولكنه ليس نائماً. ولأننا في هذا الموقع، علينا ان ندافع عن حقنا بكل الشراسة الممكنة، وعندها نكون طليعة للنضال الشعبي العالمي ضد راس المال، أليس هذا شرقا عظيماً؟

*************

كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟