الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذهنية السلطة في العالم العربي واطرها التقليدية

جاسم الصغير

2006 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من مظاهر إشاعة وانتشار الديمقراطية والتغير الايجابي في المجتمع ما يصاحبه من تغيير في ذهنية السلطات والمجتمع وانفتاحهم على مفاهيم العصر في تعاطيهم مع الظواهر السياسية والاجتماعية وادراك المتغيرات التي تطرأ على الصعيد الدولي وتلاشي المفاهيم القديمة والتي تؤبن القيم التقليدية وتمارس آلية شد المجتمع إلى الوراء وتنشر قيم الجهل والعبودية ان الكثير من القيم والعادات غير الديمقراطية ما زالت تعيش في أذهان الكثيرين من النخب السياسية العربية ومن هذه العادات والمفاهيم علاقة أو صلة الحاكم بالمحكوم أي الحكومة بالشعب فالملاحظ في السلطات والحكومات في العالم العربي ما زالت تعشعش في أذهانها في علاقة السلطة بالشعب ملامح صلة فوقية كصيغة المبايعة والولاء المطلق وكأن الحاكم ليس من صنف البشر وهو أنصاف إلهة مفارقة للبشر وهذا يبدو جلياجدا في العالم العربي في حالة حصول تغييرات في رأس هرم السلطة في دولة عربية وطبعا هذا لايتم الا بصيغة الاغتصاب إلا ونرى حالة إعلان الولاء الكامل من أصحاب النفوذ من عائلات أو مراكز قوى للحاكم الجديد وبالطبع هو نسخة طبق الاصل في سمات الحكم السابق وهو امتداد للتقليد المتبع في الدول العربية وهو صورة مصغرة للعلاقات ذا المنحى العشائري في المجتمع الاقطاعي المتخلف ويكاد ينطبق عليهم المثل القائل ذهب الملك جاء الملك ولايتغير في الامر شيئا وهو في الحقيقة لا يحمل أي ولاء أو ايمان بالتغيير بالشكل الجديد الذي حصل في رأس هرم السلطة. إن هذه الأساليب والمفاهيم البالية لم تعد تلائم الواقع المعاصر الذي يتميز بالانتقال من سمة الدويلة الى الدولة المعاصرة الذي هو حقيقة جلية وينبغي التأقلم معها حتى يمكن أن تكون فاعلة على الصعيد العالمي وهذا يتطلب التواصل مع المتغيرات الدولية والعالمية ، وتحضرني هنا حكاية عن الرئيس الفرنسي جاك شيراك كان يتحاور مع أحد الزعماء العرب الذن ينتمون إلى المنظومة التقليدية في توجهاته الفكرية والاجتماعية ولا يفهم من علاقته بشعبه سوى الولاء المطلق والتقيد بتعاليمه فقال هذا الزعيم للرئيس الفرنسي :
- سيادة الرئيس هل الشعب الفرنسي يحبك ويدين بالولاء لك ؟
فأجابه الرئيس جاك شيراك :
- أنا لا افهم سؤالك فما معنى أن شعبي يحبني ويدين بالولاء لي ولا في خلد أي سياسي فرنسي، أنا لم يدر بخلدي كهذا السؤال أو هذه الصلة بشعبي ، كل المطلوب منهم أن يؤيدوا برامجي السياسية في وقت التصويت عليها وطبعاً بكامل قناعتهم وبأجواء ديمقراطية حرة تكفل لهم ذلك.
وطبعاً تفاجأ هذا الزعيم بهذا الجواب لأنه لم يفهم أو لا يستطيع الفهم بسبب الأطر الفكرية التي تنشأ فيها وتغلغلت في عقله الباطني وبسبب انعدام وجود الحراك السياسي والاجتماعي بفعل مجتمعاتهم المغلقة وغير المنفتحة على قيم ولغة العصر الجديدة من ديمقراطية وتعددية وحق الاختلاف ، وفي الحقيقة أن السلطات الحاكمة في العالم العربي تتحمل الكثير من الأخطاء والسلبيات في تأخر مجتمعاتهم عن الحضارة الموجودة لأنها تمتلك الكثير من الإمكانيات المادية ولكنها فقيرة جداً على مستوى الحضاري ومثال ذلك ومن الما ضي القريب ما مر علينا قبل فترة عند وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وفتح النقاش في الإدارة لفلسطينية لاختيار رئيس جديد للشعب الفلسطيني وهذا أمر طبيعي في أي دولة يحصل مثل هذا الحدث ونظرة بسيطة على الخطاب السياسي والإعلامي حول هذه المسألة نرى البيانات الرسمية الصادرة عن السلطة الفلسطينيةوالنشرات الإخبارية تبدأ بعبارة (تم الاتفاق على اختيار خليفة للرئيس الراحل ياسر عرفات) ومعناه استمرار نقس النهج ةالاساليب القديمة كأي سلطة عربية تقليدية ولا يقولون انتخاب رئيس جديد للبلاد . إن العبارة الأولى تستبطن قيم ماضيوية تقليدية موجودة في التركيبة الذهنية لنخب السياسية التي تمارس إدارة السلطة مازالت اسيرة العقلية العشائرية ولم تتفهم سملت العصر بعد وهذه القيم والمفاهيم تنتمي إلى عالم قد تلاشى وأصبح من الماضي فهل رأينا يوماً دول أوروبية تقول عند وفاة رئيسها أنها تنتخب خليفة له ، بالطبع لا ، ومن هنا نؤكد ضرورة أن تتمتع النخب السياسية في العالم العربي بوعي حضاري يتلائم مع قيم العصر ولأن الدول العظمى التي تتميز بالتفوق السياسي لايعود ذلك لامكانياتها المادية فقط بل انها نجحت إلى الدخول إلى المكانة المرموقة عاميا في العصر الحديث بما صاحبها من اعتناق وعي حضاري واكتساب المفاهيم التي تنتمي الى قيم العصر والتي تعزز هذا التفوق وبالتالي التمتع بذهنية كفوءة منحتهم استحقاق التربع على هرم التأثير في المحيط الدولي وبالتالي حققوا لبلادهم وشعوبهم قفزات كبيرة جداً في التطور والتقدم المادي والمعنوي ومن هنا ضرورة انفتاح الساسة العرب على مفاهيم العصر إيجاد نخب سياسية كفوءة ذات ذهنية ووعي معاصر وأن تكتسب كل ما هو جديد وتساهم في خلق وعي وثقافة جديدة لأن الذي لا يواكب التغيرات العالمية يندثر وكما تقول الحكمة (الأفعى التي لا تغير جلدها تموت) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا