الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار هادىء مع وفاء سلطان

حازم العظمة

2006 / 3 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في اليومين الأخيرين نشب "عراك " على صفحات الإنترنت حول مواقف و آراء د. وفاء سلطان ، وهي طبيبة سورية ، كما عرفت من الإنترنت ، تعيش في الولايات المتحدة ، و تابعتُ قليلاً هذا الموضوع بأن عـدت إلى بعض مقالاتها و الجدل الذي أثارته ..

أريد أن أعلق أولاً على " مستوى" هذا الجدل ، ففيما كانت بعض المقالات رزينة و هادئة و تنصف بحرية النقاش و موضوعيته ،( المقالات هذه كانت في الدفاع عن الكاتبة )، مقالات أخرى كانت بمنتهى البذاءة و تنتمي إلى لغة إستبدادية و إلغائية و عصابية ... و العبارات و " الحجج" التي وردت فيها مشينة ، إذا ما فكرنا من حيث المبدأ في كيف نتحاور .. ، وفي كيف أن " بعضنا" بسرعة تسقط عنه أقنعة الحضارة و الثقافة و يرتد بهذه السرعة إلى لغة ٍلن أقول عنها أنها لغة الشارع ، لأن الشارع أكثر تهذيباً ، هي لغة منحطة بإختصار ، و تنتقل بسرعة فائقة من إيراد الحجج إلى التـعرض لـ "أخلاق" أحد ما أو حياته الشخصية .. في زعم لا ينتهي بـ " طهارته" هو و "عفّته" هو ..

و كالعادة عند المتخلفين في مجتمعات الشوفينية الذكورية ، ينتقل النقاش ، حين يتعلق بسيدة ، إلى إهانات و إتهامات تتعلق بالجنس.. أنا متأكد أن ما يسمى بالشارع له" ثقافة" و أدب لا تسمح بإستخدام بذاءات كمثلها
و كالعادة أيضاً في مثل هذه الحالات يصبح جمال السيدة أو قبحها ، شبابها أو كهولتها طرفاً في النقاش .. !!! إمعاناً في إسـتخدام " الحجج" ...

هذا يذكّر أيضاً ، أعني "كراهية النساء " ، بشيوخ الجوامع الذين في خطاب يوم الجمعة لا يتوقفون عن شتم النساء الخطاب الطويل هذا يكون كله، أو بمعظمه ، في شتم النساء .... ،من نوع أن زينتهن أفسدت العقول و أنهن أصل الشرور و الفساد و " الفتـنة" ، و أنهن من نسل "إبليس " إلى آخر ما هنالك ...

من جهة ثانية لا أجد نفسي معنياً بالدفاع عن آراء و وجهات نظر و فاء سلطان في العديد من القضايا (حسب وجدت نفسي معنياً بالهجوم البذيء الذي تعرضت له ) ، حتى علمانيتها التي تبدو جريئة تتكشف بعد قليل عن عداء بدوره من موقع ديـني للإسلام ،من موقع " مسيحي" و "إنجيلي" و أفكارها بمجملها تشي بـ نظرة "تبشيرية " و " رسالية" و هذا "التبشير" لا يتعلق ، ظاهرياً على الأقل ، بقرب قدوم " المسيح المخلّص" أو بـ " تبشير " المؤمنين بالحق .. ، و لكن يتعلق أساساً بتبشير العرب و "أهل الشرق " إجمالاً بقدوم " المخلّص " الأمريكي و "العصر الأمريكي الجديد " .. ، و لكن أليسا ، هذان النوعان من التبشير ، متصلين بطريقة ما طالما أن بوش نفسه يتكلم مع الله في منامه و أن الله يكلمه و يقول له أن إفعل هذا و ذاك ...

تقول السيدة وفاء سلطان :
" زرع قناص واشنطن في الأسابيع الأخيرة الرعب في قلوب الناس في عاصمة أقوى دولة في العالم.
لمدّة ثلاثة أسابيع والأطفال في المراحل الابتدائية محشورون كالسردين داخل صفوفهم دون أن يمارسوا أياً من نشاطاتهم. صرح ناطق باسم قطاع التعليم: ليس الخوف على حياتهم وحده هو الذي يدفعنا إلى إبقائهم داخل صفوفهم، بل الخوف أيضاً على عقولهم الغضة التي لا تستطيع استيعاب ما يجري من أعمال عنف في الخارج. نحاول قدر الإمكان أن نحوّل محور انتباههم ونُشغِلهم داخل الصف بقضايا تناسب أعمارهم ولا ترهق تفكيرهم."

من يسمع هذا يعتقد أن أطفال المدارس في الولايات المتحدة شديدوا البراءة و أنهم هكذا حساسون إلى درجة كبيرة و أن ما من شيء سيلوث براءتهم هذه إلا و جود هذا القناص بالتحديد ، و أن ما من قناصين غيره أو جرائم أو جريمة منظمة على المســتوى القومي ...

إقرأوا هذه الأرقام :

في الولايات المتحدة يحمل الطلاب 270 ألف مسدس في المدارس المتوسطة والثانوية

في لوس أنجلوس وحدها 800 عصابة قتل وتضم هذه العصابات 90 ألف عضو .

3 ملايين عمل إجرامي من كل الأنواع يقترف سنوياً في المؤسسات المدرسية في أميركا. .

38317 شخصاً قتل في الولايات المتحدة في عام واحد بالأسلحة النارية فقط أي قتيل واحد لكل ربع ساعة و105 أشخاص في اليوم الواحد .. 1468 طفلاً تقل أعمارهم عن 18عاماً يقتلون كل شهر بالأسلحة النارية في أميركا..

282 ألف من طلاب المدارس يتعرضون للاعتداء الجسدي كل شهر في أميركا و5200 مدرس أميركي يتعرض للضرب في الشهر الواحد ( من الطلاب) ...
(إحصاءات رسمية أمريكية)

كل كتابات السيدة سلطان ممتلئة بهذا الإيمان الأمربكي ، الإيمان بأمريكا هذه تحديداً ، و لكن ماذا عن براءة أطفال جنين و فلسطين و عقولهم الغضّة ماذا عن دمائهم التي سالت و جثثهم التي شلحتها الدبابات و البلدوزرات، و أطفال العراق ، الذين يشاهدون كل يوم "الجثث المكيّسة " في الشوارع ، حسب تعبير ليلى عادل ، ماذا عن ترويع الأطفال حين تقتحم قطعان الهمج الأمريكية بيوتهم ببغداد في آخر الليل ( للتفتيش) .. ، و كذلك قطعان المليشيات الطائفية التي أسستها و رعتها ، و ترويع الأطفال بالقصف الجوي للبيوت ، لأن إخبارية و صلتهم أفادت أن الزرقاوي – ربما كان هناك- ، و ترويع الشعب العراقي كله بـ " الزرقاوي" الذي لم يأت به إلى العراق – بكل المعاني- إلا نظام " الحرية الأمريكية" المزعومة هذه الذي تروج له وفاء سلطان ...

لا أعتقد أن موضوع النقاش يستحق أكثر من هذا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-