الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار.. اليمين.. الديمقراطية كقسم مشترك بينهما.

ابراهيم حمي

2018 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ما الفرق بين اليسار واليمين في حالة كان القسم المشترك بينهما هو الديمقراطية والمصلحة العامة؟
الواقع ان اليسار منظومة فكرية، سياسية، اقتصادية وثقافية. واليمين كذلك نفس الشيء.

ودون الرجوع إلى الصراع التاريخي والإيديولوجي بين هذه المنظومات الفكرية السياسية أو إلى الفلسفات المحددة لكل مطلقاتهما التاريخية.
فقط هنا أتطرق للجانب التدبيري، أي جانب الممارسة السياسية داخل رقعة جغرافية ما .. وبالضبط إلى التنافس السياسي الحزبي الذي يتم تغليفيه في كثير من الأحيان بمغالطات متعددة من كلا الجانبين تصل أحيانا إلى اعتبار أن نعت شخص ما باليساري أو اليميني فقد شتمه أو احتقره .. بينما الأمر لا يتعدى وصف لصفة سياسية معينة لا تصل إلى التحقير. لأن الواقع نفسه أثبت بأن لا يسار في غياب اليمين والعكس أيضاً صحيح. القصد هنا هو أن نفصل بين الشتم والقدح وبين الوصف، والوقوف كذلك على أن هذه المصطلحات ليست سبة قدحية بالرغم أن كل طرف يقصد بها الشتم فعلا.
بمعنى أدق فلا اليميني يقبل أن تنعته باليساري ولا اليساري يقبل أن ينعته أحد باليميني في الوقت الذي تعد الممارسة السياسية هي المحدد لفرز من هو اليميني ومن هو اليساري، دون الدخول في تفاصيل اخرى مملة من قبيل اليميني المتطرف والمعتدل وكذلك اليساري المتطرف والمعتدل.
ما يهمني هنا هو أن هناك قسم مشترك قد يجمع بين هذه الأطياف وتنسجم في دائرته كل تلك المصطلحات المتناقضة لحد التنافر ودون اللجوء للأساليب التقليدية لتدبير الصراع.
وهذا القسم المشترك هو "الديمقراطي" فكثيراً ما نسمع أن فلان زعيم أو مثقف أو كاتب أو يساري ديمقراطي متنور أو يميني ديمقراطي متنور، وفي هذه الحالة يحضى باحترام الجميع بغض النظر عن وصف انتمائه السياسي.
مما يجعل الديمقراطية والتنوير صفتان مقبولتان عند اليمين وعند اليسار باستثناء التوجهات المتطرفة لدى كل طرف من الأطراف.
مسألة أخرى وهي حذار من الخلط الصبياني للمصطلحات التي تفرغ من مضمونها الحقيقي في إطار المزايدات والتحامل وتبخيس لكل طرف بضاعته السياسية أو الفكرية من طرف هذا الطرف أو ذاك.
وما يجب التسليم به وله، هو تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغالطات والتأكيد على ان اليميني واليساري على حد سواء ليسوا مصطلحات قدحية أوقدفا كما يعتقده أغلب الناس .. وان الفرق هو من هو الديمقراطي من غيره على الأقل في هذه المرحلة التي نعيش فيها بؤس العمل السياسي وكذلك الانحطاط في إطار تدبير الشأن العام الذي تذهب مصالح الشعوب ضحية اغراقها في وحل التصنيفات التي هي في الواقع هامشية أمام ما ينتظر هذه الشعوب من الالتفاف على ايجاد حلول لمشاكلها بدل تقمص صفات وتصنيفات تعرقل فقط مسيرتها نحو تحقيق العدالة التي لا تنتمي لا لليسار ولا لليمين وإنما إلى قوانين إنسانية على الجميع صيانتها والدفاع عنها.
اما الانتهازية والفساد والخيانة والاستبداد..الخ فهي خصال وصفات تتواجد في اليمين كما تتواجد في اليسار.
فليس كل اليساريين ملائكة. وليس كل اليمينين شياطين والعكس صحيح. ومن هذا المنطلق علينا في رأيي المتواضع أن يصب النقاش في المرحلة الراهنة. لأن الهدف هو تحقيق مكتسبات للشعوب وليس التيه في ما هو فلسفي لا يمكن أن يستوعبه الوعاء السياسي الحالي نظرا للثقافة السلبية التي تفكر بها المجتمعات حاليا.
إذا لنناقش بهدوء وبمنطلق سليم بعيدا عن العواطف وعن الذات المنهكة أصلا. الشرفاء دائما الشرفاء أين ما وجدوا والتاريخ يحدثنا عن عظماء ليسوا بالضرورة يساريين.
كفانا من النقاش البيزنطي الذي لا يقدم ولا يؤخر وإنما يعرقل ويبعد المسافات أكثر لأي حوار هادئ.
لا أعتقد أن هناك مشكلة بين اليساري الذي يؤمن إيماناً حقيقيا بالديمقراطية كمنهجية لممارسته في العمل الجماهيري وكهدف إستراتيجي لتحقيق الديمقراطية أولا في المجتمع وكغاية لترسيخ الاختيار الديمقراطي لدى عموم الجماهير لتحسين اختياراتها بطرق وأساليب أيضا ديمقراطية تجعل من الشعب مصدرا وحيدًا للسلطة والتشريع أيضا. قلت ليس هناك فرق بين هذا اليساري المؤمن والمقتنع قناعة تامة وصادقة بهاته المبادئ الديمقراطية وبين اليميني الذي يؤمن بنفس المبادئ فكلهما يعزز الصف الديمقراطي.
ولكن المشكلة الكبرى تقع حين نفتقد في الساحة لهذين النموذجين اللذان يتخذان من العقل والمنطق والحكمة معيارا لممارستهم السياسية بدل العواطف الإيديولوجية المجانية والحساسية المفرطة في الذاتية والأنا المتضخمة عند أغلب اليساريين بكل توجهاتهم بدون استثناء. وهذه هي معضلاتنا الرئيسية كما أن المشكلة تكمن عندما تصبح بعض إطارات اليسار أكثر انتهازية وأكثر رجعية من اليمين الرجعي. ويمارس أعضاء وأفراد هذه الاطارات ممارسات سياسية وجمعوية انتهازية ورجعية أكثر قبحا وأبشع من تلك الممارسة المتواجدة في أقصى اليمين الرجعي، عندها تختلط الأمور وتصبح المزايدات و(التشيار) بالمصطلحات والتسابق بالشعارات الفارغة من أي محتوى أو مضمون له قيمة مضافة في الممارسة اليوم. كما أن الابتعاد عن الجماهير تساهم فيه النعرات والصراعات المستمرة داخل الحقل الجماهيري بكل أشكاله بين الاطارات اليسارية التي تسعى للهيمنة ولو بأساليب منحطة في غالب الأحيان ولا علاقة لها بالديمقراطية التي يتشدق بها خطابهم اليومي.
إن الاتهامات أو النعوت التي تطلق على عواهنها لم تعد أسلوبا مجديا في عصرنا الحالي، كما أن الادعاء بالطهرانية والتشبث بالمواقف النظرية الفخمة والغليظة لم تعد تنفع في الساحة لأن الجماهير أصبحت تتعامل مع النتائج وليس مع الخطابات الفضفضة التي لن تطعم جائعا لا الأن ولا في المدى البعيد. إن الافتخار والتباهي بالتطرف اليساري وحتى اليميني لهو من علامة السطحية والاهتزاز الفكري وغياب المنطق السليم والضعف وعدم استيعاب الجيد للنظرية الفلسفية التي أنتجت كل القيم الإنسانية المتطورة الحالية بكل أبعادها الحقوقية المتجلية في العدل والمساواة وحقوق الإنسان الكونية. إن اليسار الحقيقي واليمين الحقيقي يساهمان معا في ترسيخ المبادئ الديمقراطية ونشر للأفكار المتنورة التي تدعو للحداثة وللعدالة الاجتماعية والمساواة المستهدفة من طرف التطرف لليمن الرجعي وحتى التطرف المتياسر المقوقع على نفسه ويسير عكس أفكاره التي غايتها إسعاد الإنسانية جمعاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب