الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دنكشوت وسانشو في زمن الحرب

رشا السيد أحمد

2018 / 7 / 19
الادب والفن


دودن كيشوت وسانشو
في زمن الحرب
دون كيشوت: كيف رأيت طعم البحر وأنت تغرق يا سانشو ؟
كان رحيما أكثر من الوحوش التي دفعتني للبحر , كنت اتجه لجزيرة نائية ألتجأ إليها من الشواظ التي كانت تتقاذفها أيديهم السوداء من مركباتهم الغريبة !
دونكي شوت : و هل وجدت الجزيرة ؟
سانشو : لقد وجدت الموت بلون فيروزي بلوري يضمني بفضاء طري
كنت أهذي به بعيون تلك الجميلة التي ألتهمتها قذيفة تحاول أن تثبت للعالم أنها تدافع عن تاريخ الحضارات الجديدة ,
بينما كانت فتاتي تحاول الصلاة على أبواب الأحلام بيوم تجد فيه بعض أرغفة خبز دون عناء يوم في ازقة الحروب
دون كيشوت : والجزيرة يا سانشو ؟!
سانشو : وصلت لكن لقد حولوها يا سيدي لمعامل للأسلحة الغريبة الشكل قومي لم يكونوا يعرفون في داحس والغبراء تلك الأسلحة
ويركبون الخيل , فتلك الأشياء الغريبة التي تسير بالشوارع لو رآها قومي لولوا هاربين , حتى أنا أولي هارب كلما لحق بي ذاك الطائر المعدني الغريب الشكل , ورمى شهبه على الأرض
دون كيشوت : ما أخبار بغلك الأعرج
سانشو : أصابته كآبة يا سيدي فوق العرج الذي يحتويه , فلم يصادف بطريقه ما يسره أبدا وهذا أشعره بغربته عن هذه البلاد !
ولأجل ما أصابه وفوق ما بي أصابني كآبة لأجله
ولماذا أنت هنا يا سانشو الآن بعد مئات السنين من الموت والضياع
لقد قذفني الموج من جديد لدياري , فوجدت أن الديار ما زالت تشتعل بها حرب داحس والغبراء , لكن هيئات الناس تغيرت وأصبحت الوجوه لا تهتز لرؤية لوحات الدم أو لموت مدينة
دون كيشوت : وهل راقك زعماء البلاد ؟
سانشو : وأين هم لم أرهم في قاعات السلام , ولم أرهم في المسارح ولم أرهم في ساحات القتال كم قادة عصورنا قديماً
دون كيشوت : لا يا سانشو عصرنا تطور كثيرا فلم يعد يخرج القادة للقتال يكفي أن يسلموا لأمر للرجل الذي يصحب ابنته وزوجته للبلاد العربية ومن شاكله من قبله
دون كيشوت : وكيف وجدت الحضارات الحديثة يا ساشو ؟!
أنه تطور في كل شيء , إلا في عقولنا المتخمة بالجهل وتضاد المعتقدات وما يطبخونه في نفوسهم
ثم رأيت تَأّلِيه الكراسي والأصنام متضخمٌ أكثر من عصور الجاهلية
أنه قتل لكل الإشراقات الجميلة
بعضهم يُصلون بالنهار ويعربدون بالليل , يهلوسون خلف المنابر ويقرؤن القرآن في المقابر , ثم يجرون كما الريح يبحثون عن طبيب يحل لديهم مرض الانفصام , لكن أي طبيب سوف يداوي من يسكر ببرميل نفط ويشتري ابتسامة امرآة بخزينة دولة
مثلومة عقولهم البشعة يا سيدي
وعلي أن أبحث عن عشبة تبعد عن بغلي الكآبة , فلا ثقة لي حتى بأطباء يفكرون بأرصدتهم , قبل أن ينظروا لتحليل الأنيميا لدى أمنية سلام جاءت تطرق باب أحدهم
متخمون نحن يا سيدي بتخمة تضخم الذات , متخمون بالتفكير ببلاهة الطبول
متخمون بعقدة الآغا , متخمون باللاوعي و بنفخ العضلات , متخمون برائحة العصور التي انقرضت
متخمون بكل شيء إلا رؤية حقيقة الذات
دون كيشوت وكيف رأيت الفنان التشكيلي؟!
سانشو : الفنان الذي رسم لوحَاته عن حروبنا العربية الحديثة , أعدموه والمطرب الذي غنى للعصافير , قذفوا به من فوق جبال الهملايا فصارت روحه فراشات من نور تغني للبلاد أشتدت جدا في بلادي حرب داحس والغبراء حتى تداخلت الأمور
أما الشاعر الذي كان يرسم قصائده بلون القرنفل والحمام , ما زال يكتب قصائد من نار رغم مدينته التي يعيش بها ونصفها الشتوي ثلج ونصفها الآخر غربة وطن .

رشا اهلال السيد أحمد
ألمانيا . درزن

19 . 7 . 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟