الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأوديسا اليمنية

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2018 / 7 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


عكست السنوات الخمس الاخيرة في حياة اليمن واليمنيين مظاهر وصور متعددة من تفاعلات وعلاقات وتنقلات في المواقف واهتزاز في منظومة القيم كما اظهرت مشاهد بطولية وانسانية اقرب الى المظاهر الملحيمة حتى في البحث عن اسس المعيشة والاصرار على الحياة .. كل هذا المشهد اظهر ملحمة وجودية للشعب في تعاملات القاسية مع الطبيعة وظروفها ،، ومع السياسة وتقلباتها ،، بل وعدوانها على المواطن،، زد في ذلك متغيرات الخارج الذي اصبح جزء من المشهد العدواني تارة والانساني الخيري تارة اخرى والمشاهد لمجريات الاحداث تارة ثالثة ..هنا في هذا السياق عكس المشهد السياسي الاجتماعي اصرار وعناد اليمني في ان يعيش بجهده وعرقه ونضاله في مسلكه الخاص وفي تفاعلاته مع قضايا وطنه ..
فالبحث عن لقمة العيش يعتبر نضالا في بلد السياسة والاقتصاد لايسيران لصالح الشعب .. فالمواطن بمفرده اعزل عن توحش قوى السوق والراسمالية العالمية ،، كما هو اعزل مقابل جماعات السلاح المتعددة والمتنوعه وفشل الدولة بل وتحول مؤسساتها لصالح مراكز القوى من الافراد والقيادات الذين لامجال للشعب في اهتمامهم ..المواطن في عموم الريف والحضر لايزال يزرع في حقله ماتيسر من احتياجاته ، ولايزال يغني ، وتتعدد حفلات الزفاف كما حفلات تخرج الطلاب وفرحهم بشهاداتهم الجامعية وما دونها من مراحل تعليمية ..اليمني يعيش ملمحة بكل ماتعني الكلمة من معنى ودلالات وهو يعكس هذا المعنى في حياته المعاصره خلال مائة عام او يزيد قليلا .. تجلى بعضها في اشعار غنائية كالبالة التي عكست ملمح اليمني في صراعه مع الفقر والمرض وجنود الامام بل ومع قوى ميتافيزيقية ثم الهجرة الى ارض الحبش في خمسينات القرن الماضي ..ثم جاءت الثورات العظيمة سبتمبر واكتوبر وفتحت صفحات جديدة للامل والفرح ..
لكن المسار الثوري انكسر بعد ومضات من التفاءل والتهيؤ للانطلاق التنموي .. فعرفت اليمن انقلابات متعددة ومرحلة من عدم الاستقرار تمكنت من خلالها قوى تقليدية من الامساك بمقاليد السلطة بدعم الخارج الاقليمي الذي هو اليوم فاعل في الداخل اليمني ..ثم تبلور ملمحا من الفرح والامل مع العام 90 واعلان الوحدة التي سرعان ما انكسر مسارها بحرب94 وما اعقبه من ازمات تراكمت كما ونوعا وصولا الى الانتفاضة الشعبية عام 2011 التي استهدفت التغيير الشامل للنظام ورموزه ومؤسساتها وتوجهاته .. فكان الخارج جاهزا للتدخل من اجل انقاذ حلفائه متعددي الانتماء والمواقع في بنية الدولة والمجتمع . وهنا دخلت اليمن والى اليوم مرحلة معقدة ومركبة من الازمات والتدخلات وما افرزته من معاناة ومشكلات فردية واسرية ومجتمعية ووطنية .. كان على المواطن الفرد والعامة ان يخلقوا انماط متعددة من اساليب التكيف والتحايل على هذا الوضع والمشهد ليتمكنوا من العيش والامساك ببصيص من الامل نحو القادم والغد المأمول ..اليمني يعيش حياة ملحمية في وجوده الاجتماعي وهنا تكون الاشارة الى العامة من الشعب والطبقة المتوسطة والعمال والفلاحين ...
فالمواطن البسيط والموظف والعامل والمزارع هو جوهر هذه الاوديسا الملحمية ..فالفلاح هو عنوان الارض والكرامة ومعه العامل والطالب والعامة ممن يبذلون العرق والدم ليعيشوا بستر وامان ومعهم اعداد غفيرة من المهاجرين ايضا ..اليمني سيطر على الجبال الصماء وشكل منها مدرجات زراعية ومستقرات حضرية وتلقف مياه الامطار بحواجز للزراعة وللاستخدام المنزلي لكن السياسة بشكلها لرسمي والحزبي ومعهم لاعبون جدد متعددي الهويات لم يكونوا في صف الشعب ولا المواطن بل ولا في صف السيادة والوطن ..ولهذا تعمقت الازمة وزادت ملامحها في بكائيات تحولت الى طقوس دينية تارة ومواويل وغناء تارة اخرى واصبح المسار السائد ..الحياة وسط ازمات متراكمة ..
هنا يكون الصبر وتحمل المشقات وطلب العون الالهي وخلق اصرار على الحياة .. تأملا للغد القادم بفجره وضياءه وهو الخيط الرفيع الذي تتلامس اطراف العامة من الشعب في الامساك به لتوجيه سفينة الوطن نحو الخلاص من تلاطم الامواج وصولا الى بر الامان ..وهو امل (الانتظار معه ومن اجله ) ذو قيمة وجودية ورمزية في ملحمة شعب قرر ان ينتمي للحضارة العالمية والخروج من انظمة القرون الوسطى ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق