الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر ناجح ناجي من حساء العافية الى طبق الحنين !!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 7 / 21
الادب والفن


من خلال تفاعلي في صفحات التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، جرتني متعة القراءة وقصيدة قصيرة للشاعر ناجح ناجي والموسومة بـ(قمر وخبز وعافية)، فهي بمثابة شذرات، والشذرة قولة قائمة على كلمات قليلة، لكنها تحمل المعاني الكثيرة، عبر عنها زولا : بانها تقدم قطعا حياتية .. " إذ تستمد قوامها من حساسية في حالة يقظة واستلهام، ومن أفكار تأتي على حين غرة، فتتظاهر من خلال مجيئها حياة الروح وتُحفها الصغيرة غير الكاملة."، فانطلق الشاعر من المكان الذي عبر عنه هيدجر انه عالم التفكير الاهم، حيث كان يتسع حتى يصل حيز المجرات ويصغر حتى يصل إلى أركان غرفة، هو المكان إذن الذي يتفاعل معه الإنسان صغر أو كبر فيتناول عطاءه، وإن إمكانية عطاء المكان هي إمكانية عطاء غير محدود .. وكأني احس بالشاعر ناجح ناجي عاش لحظة التذكر، لحظة شعرية تأملية لباحة الدار، فسقط مغشيا عليه، ذائبا مع لحظات الزمان الماضي، وبهذا (يذهب هيدحر بعيداً إلى حد قوله : أنه لا يمكن فهم إنسانيتا أو استيعاب مغزاها إلا من خلال هذا الوجود المكاني الذي نمتلكه، فإذا كانت المكانية تعني للإنسان بشكل من الأشكال لكونه موجوداً منفتحاً على العالم، وأن انفتاحها على العالم سيكون من خلال خاصيتين جوهريتين : هما الاتصالية والاتجاهية من قبيل القرب والبعد، وهي هنا تتلاشى وتجعله يختفي وتحيله إلى ضرب من القرب، فكل السبل التي تتصارع فيها الأشياء وفق ما نمارسه على مدار اليوم تدفعنا إلى أن نقهر البعد ولا ينبغي أن يكون البعد مسافة مقاسية، كما تصور المفكر الفرنسي ديكارت، فإذا كان لنا أن نُقيم البعد فإننا نفعل ذلك على نحو تقييم نسبة بينه وبين ما يحققه الإنسان لذاته في حياته اليومية.)، (ومن هذا المنطلق، يمكن أن نعد جدلية الزمان والمكان من البنى المحركة للدلالات النصية في القصيدة، خاصة إذا أدركنا أن الزمان والمكان صيرورة متكاملة في الكشف النصي، بل صيرورة رؤيوية متلاحمة في التحفيز النصي، ولما كان المكان المساحة التي تنعكس عليها الأحداث الزمنية، بوصفها نقطة تحفيز المكان وتحولاته، وفيوضاته العاطفية فإن خصوصية المكان تكمن في المؤثر الزماني وخصوصية الزمان تكمن في المؤثر المكاني، تبعاً لعلاقة الألفة التي تجمع بينهما، يقول الناقد السيمائي (يوري لوتمان):"إن علاقتنا بالمكان تنطوي-إذاً على جوانب شتى ومعقدة تجعل من معايشتنا له عملية تجاوز قدرتنا الواعية لتتوغل في لاشعورنا. فهناك أماكن جاذبة تساعدنا على الاستقرار، وأماكن طاردة تلفظنا. فالإنسان لا يحتاج إلى مساحة فيزيقية يعيش فيها، ولكنه يصبو إلى رقعة يضرب فيها بجذوره، وتتأصل فيها هويته، ومن ثم يأخذ البحث عن الكيان والهوية شكل الفعل على المكان لتحويله إلى مرآة ترى فيها الأنا صورتها، فاختيار المكان، وتهيئته يمثلان جزءاً من بناء الشخصية البشرية(قل لي أين تحيا أقل لك من أنت)") .. يقول الشاعر ناجح ناجي :

(في باحة الدار
هي..
تعد لنا حساء العافية
تهشم من وجع العائلة
الصبر والخبز
لتعد لنا طبق الحنين)

فكون المقولة شعرية، فقال الشاعر الكثير بالايحاء والسيماء، ولم يقل الكثير، اي جاء بشذرة قولية امتدت بمساحة زمنية طويلة رافق الشاعر فيها طبقا من الحنين المتواصل الذي انعدم مع هذا الطبق، فكان ذلك الوعاء من الاحساس بالحياة، بين يدي امه، وهي تعد حساء العافية، حالة تذكر ممزوجة بحزن فقداني شفيف، الا انه اقترن بالحياة وهي هنا الام وحساء العافية، حيث اختلط المرئي باللامرئي، الخبز والصبر.. وحينما اقترن الخبز بالصبر تطاول الشاعر على الزمن، حتى عاش طبق الحنين.. والحقيقة كما ارى اني ازاء لوحة قولية امتزجت فيها الوان لامرئية كثيرة، اي انها ضجت بالحياة، رغم ان الشاعر، احسه هكذا يعتصره الم التذكر... يقول الشاعر :

(في باحة الدار..
تلملم من النهارات ، قوس قزح
احلام
واحزان
ومرح
وتشتله..في ايقونة البياض
نهارا" لنا
نحن أطفال العافية
نظفر من الليل جدائلا"
واغانينا تراقص احلامنا
نغني للنجيمات
والعصافير الغافيات)

ولاشك فان الوان الحلم والمرح، قد تختلف عن الوان الحزن، لكن يبدو ان الشاعر عرج على اصله السومري، فاجتر الوجع، واخرجه الى حيز المقابلة مع الوان الحلم والمرح، فاقتربت الذكرى حتى عانقت الحال، الذي يكتنف الشاعر وقلقه ازاء الحياة والكون والفناء والوجود، وبهذا عبر عن فلسفة جمالية وجودية من خلال التذكر، وهذه الذكرى ترقى لان تكون خالدة في ذهن الشاعر، مستثمرا عطاءها باستمرار الحياة والوجود من خلال الام وطبق الحنين .. ويبقى ضوء القمر خالدا، الا انه حزين بعلة انه لازال يعد لنهاية الكارثة (مثل..وطن يشبه حياته/حالما بموعدلنهاية الكارثة...............)، فالشاعر ناجح ناجي يحلم بنهاية الكارثة، كونه عاش اكسير حياته من حساء العافية، التي تعده الام ..



هوامش :

قصيدة (قمر وخبز وعافية) ناجح ناجي

مقالة (جدلية الزمان والمكان)، بقلم عصام شرتح، الثلاثاء ١٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا