الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يُحكى أنّ ... كُرةً تتراكلُها الأقدام صرنا

مريم الحسن

2018 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يُحكى أنّ
وأعتقد يا أشقائي
هذا ما سيرويه التاريخ عنّا
أنّ بلاد العربِ أوطاني
على امتداد اتساعها الجغرافي
و تضخمها
في ضمائرنا و في الوجدانِ
لم تكن سوى ملعبٍ
لمبارةِ كرةِ قدمٍ
بين الروسي و الصيني و الأمريكاني
و التركي و الخليجي و الإيراني
و بين كل اللصوص و المستعمرين
من فرنسي و بريطاني و ألماني
و كل من حضر معهم
من قوافل المشجعين
المتنافرين أصلاً
لكنهم متواحدين
على الكذب و السلب و النهب
و رفع علم التحضر الغربي
و زيف الدفاع عن الحق الإنساني

يُحكى أنّ
و هذا بالظبط
ما سيرويه التاريخ عنّا
أنّ الإنسان العربي
في حقبةٍ تاريخيةٍ ما ... من العصر الحديث
انحطّ كثيراً
و كثيراً
و وقع من فرطِ جهله
و تأصّل سذاجته
في فخِ غرورِ حماقاته أسيراً
و أضاع فرصته الوحيدة بأن يكون لأرضه
المالك الفعلي و الوريث
فتهاوى بعد أن فَسَدَ
و تدحرج بعد أن بَدّدَ
كامل أرصدة فرصهِ و آمالهِ و أخلاقهِ
فتحوّل بعد أن توحّش حتى صار
لكل طامعٍ أو غازٍ
أو حتى لكل حليفٍ أو مُغيث
مجرد كرة قدم
يتقاذفه المتنافسون في مباريات نزاعاتهم
يركلون جسده المستباح بأقدام خلافاتهم
يسدّدون بدمه المسفوك وقاحة أهدافهم
حتى إذا ما تضاربت مصالح و مكاسب المتبارين
و استعصى النصر المطلق على أحد المتنافسين
لملموا أشلاءه المنثورة من بين المرامي
و نزعوا عن ثقوب الشِباك بقايا رأسه الدامي
و دحرجوه أمامهم
بكل ما للمستكبر و للمستعمر من صلف
أو للطامع الطامح من هدف
لينقلوه إلى ملاعب نفاقهم
هناك
حيث عشب الكذب الأسود ينمو
على روائح قذارة الصفقات
ليكوّروه من جديد
و ليشكّلوه من جديد
بالكذب تارةً
و تارةً بالتهديد و بالوعيد
كرةً إنسانيةً حقوقيةً ضاربة
يُسَجّلون بها ركلات الجزاء
مع كل صافرة أطماعٍ صمّاء
أو رفع بطاقةِ جشعٍ حمراء
تُنذر بفقدان التوازن بين المصالح
أو تؤشر لاحتمال فَوزِ فريقٍ منهم على الثاني

يُحكى أنّ
و هذا ما سيرويه التاريخ يا شبابَ العُرب عنّا
أننا نحن الذين في ما مضى كنّا
و كنّا و كنّا...
أسياداً في البر و البحر
و توسّعنا خلف الحدود
بالحضارة و اللغة و ما هُنّا
أُخذنا على حين غفلةِ جهلٍ عريق
و على غدرة غباء منّا
في الصراع الأممي الكبير
و للمرة الثالثة
هذا على أقل تقدير
فتحوّلنا إلى كرة قدم
يتراكلنا المتبارون المتصارعون
ليتقاذفونا
في مرمى فريق الجزرة مرة
و في مرمى فريق العصا مرة
هذا بعد أن استسغنا و استمرأنا
نظرية التطور الرجعي التي بها تحوّلنا
مع كامل أرضنا و ثرواتنا و قيمنا
إلى قطيع من لحم و دم لكن ما دون البشري
و إلى مجموعة أهدافٍ حُرّة
نُساقُ و إيّاها بين الفينة و الأخرى
و طبعاً ...
هذا بعد استراحتنا في خديعة العشب و المرعى
مرة إلى حظيرة اليمين إن قبلنا
ومرة إلى حظيرة الشمال إن رفضنا
و إذا ما استعصى على الراعي كبرياؤنا المبتور الجريح
و تجرّأ على صلفِهِ رفضُنا الصريح
ساقه و ساقنا إلى مسالخ المجازر الكبرى
ليُرهقنا بمشاهد الدم و الآلام
و ليخدّرنا من بعدها بصفقات الصلح مع السلام
لنعود و لنجمتع خلفه تماماً كما تفعل الأغنام
قطيعٌ يقوده المنتصر إلى حظائر الإنتماءات الجديدة
حظائرٌ تنتظر احتواء سكّانها من دون استراتيجيات أو رؤى بعيدة
و من راعيها المنتصر تنتظر
منحها شكلها و حجمها و نوع هويّاتها
و يافطات خاوية من الإستقلال التام على مداخل كياناتها
لا يُذكر فيها سوى
عرق و ديانة و مذهب القطيع
و اسم جغرافيٍ عربي بالخط العريض
أو بأي لغةٍ أخرى شبيهة بالخط الرفيع
لا يُشير إلى المالك الحقيقي بل
لضرورات استراتيجيةٍ اقتصادية وأمنيةٍ عالميةٍ كبرى
يُشير فقط
إلى لغة سكان الحظيرة
كمأوى لهم ممهورٍ بعنوانِ

يُحكى أنّ
و هذا ما سيرويه التاريخ عنّا
سيقول أن سيول الدم التي فاضت
لم تكن دماء
بل ماء
سقى عشب الملاعب
لينمو و يستوي على وقع مآسي التعساء
حتى يرتاح لاعبوهم في تسديد الركلات
سيقول أن هذه الجراح التي غارت عميقاً
في نفوس وأجساد الناس و الأبناء
لم تكن سوى رضوض
و هي ضريبةٌ لا بدّ منها
يدفعها التابع قُرباناً
تقرّباً منه إلى المتبوع
سيقول بأن هذه الأرض و بكل ما عليها
لم تكن سوى مُلك اليدِ ... و القدمِ
التي سبقت في الوصول إليها
سيقول أن كل هذا الأنفجار
و هذا الإنحطاط
و هذا الإحباط فينا
و هذا الدمار
لم يكن سوى صخبِ حفلِ تقسيم و توزيع الثروات من جديد
لم يكن سوى ضجةٍ دمويةٍ لاحتفاليةٍ كبرى
تمنح كأس إدارة المنطقة إلى الراعٍ العتيد
أرضٌ تُحرث بالدم و اللحم و الدمار
كل بضعة عقود
تورّث بما عليها للمنتصر في مباراة الحروب ليرسم لها الحدود
و مستقبلها
و ليدير فيها الثروات
و يقلّم عنفوانها أو تمردها
على وقع الصفقات التي تمنح هذا لهذا
و تقضي بصلح هذا مع هذا
لتنتهي صرعاتٍ طويلة مريرة خيضت بلحمِنا و دمنا
فقط بابتسامات كبار اللاعبين على التواقيعٍ
كأن أحداً من أطفالنا على هذه الأرض
ما قطّع و ما حُرّق و ما اغتيل و ما مات و ما بِيع
فأمنُ الطرقاتِ التجاريةِ الطويلة
و تصريف مخازن السلاح و الترويج للأسلحة الخفيفة و الثقيلة
و استيلاد أنظمة من رحم أنظمة
و الإستمرار في السيطرة على ممقدرات الأرض بالخطط البديلة
تقتضي بأن يقدم العربي لأجلها كل التضحيات
و لم لا
ففي القسم الأعلى من العالم الإنساني
و في وثيقة بورصات المزاد الأُممي
مسجّلٌ بخطٍ صهيوني واضح و صريح
ما يلي:
بعد أن ثبت لنا بالمراقبة الحثيثة و بالمؤامرات
أن العرب أدمنوا
الجهل و الفساد و الفوضى و التبعية و الخيانة و تفقير و تحقير الأنسان
و بما أنهم غارقون و سيظلوا غارقين
في فوضى صراعات المذاهب و الطوائف و التعصب للأديان
هذا و بعد علمٍ على خبرةٍ منا
بأن هذا النوع من التنافس لا يؤدي إلى أي تقدم و لا لفوز فريق منهم على ثان
و بما أن فرصةً استراتيجيةً كهذه لا يجب أن تمر من دون أن تُستغل منا على قدر الإمكان
قررنا نحن المجتمع الدولي مجتمعين
بأن الدمَ العربي مباحٌ للمستهلكين الجرمان أو لأيٍ من المستعمرين
مجاناً
و في أقصى تقدير منّا
هو معروضٌ عليهم بأبخس الأثمانِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة