الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتجاجات في العراق ينقصها التنظيم

عادل احمد

2018 / 7 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عندما تغضب الجماهير في الدفاع عن حقوقها، فليس هنالك قوة ستقف امامها، هذا هو منطق تاريخ الحركات الاجتماعية. ان الاحتجاجات والتظاهرات في المدن الجنوبية ووصولا الى بغداد العاصمة تشير الى غضب الجماهير من السلطة الطائفية في العراق بكل احزابها وسياسيها ومليشاتها. ان التربع على عرش السلطة باسم مظلومية الشيعة منذ حوالي عقد ونصف لم يثمر منها شيئا غير الفقر والعوز، والبطالة وانعدام الامن والخدمات وتفشيء الفساد ونهب الاموال العامة والتعدي على حقوق المواطنيين بقوة السلاح والمليشيات واندلاع القتال الطائفي.. خمسة عشرة سنة تحمل المواطنيين الفقراء من العمال والكادحين سياسة هذه الاحزاب وحكوماتهم المتعاقبة بصبر ومتوهمين بافكارهم الدينية والطائفية، حتى وصل الامر الى أمنيات الموت بكرامة وليس العيش في ظل سلطة هذه الحكومة الطائفية. ان كأس الغضب امتلأ ولا مجال لقطرة واحدة ان تضاف عليه، هذا ما نراه في العراق اليوم.
ان غضب الاحتجاجات الجماهيرية وصل الى درجة وقف فيها الشباب المحتجين عاريي الصدور امام رصاص القوات الحكومية ومليشيات الاحزاب بدون خوف وبدون تردد فليس هنالك شيئا تخافه اليوم، فحياتهم اصبح جحيما بدون عمل وبدون خدمات من الكهرباء والماء اضافة الى الغلاء الفاحش والظلم المستمر بأسم الطائفية. فليس هنالك مستقبل افضل طالما هذه الاحزاب الطائفية متربعة على السلطة ومستحوذة على المال العام لخدمة مليشياتها واسيادها الموالون لايران وامريكا، وليس هنالك حتى موت مشرف تحت طاولة الفقر المدقع لجماهير العمال والكادحين والفقراء.. هذا ما نراه اليوم في معادلة القوة بين المواطنيين والسلطة الطائفية. ولكن الاحتجاجات والتظاهرات في جنوب العراق والتي تستمد جميع الاحزاب الشيعية قوتها منها، اربكت عرش السلطة الحاكمة واحزابها بعد حرق مكاتب ومقرات جميع الاحزاب بدون استثناء. وشكل علامة استفهام على المرجعية وفتواتها وجعلهم على طاولة التحقيق والمحاسبة الجماهيرية. ان هذه هي القوة المادية التي بامكانها لن تزيل الافكار والاوهام في غضون ايام من القيام بالاحتجاجات وارتفاع وتيرة العنف الحكومي ضدها، وبالمقابل يزداد وعي الجماهير اكثر نحو مصالحها وأستخدام ارادتها الموحدة. ان وعي الجماهير يزداد كلما تتحد وتتوسع نطاق الاحتجاجات الجماهيرية وكلما تشارك القوة الفعلية من العمال، وخاصة عمال القطاع النفطي والتي هي عمود الاقتصاد العراقي. والى هنا كل شيء عفوي وجماهيري، توسعت نطاق الاحتجاجات حتى شملت اغلبية المحافظات الجنوبية والعاصمة بغداد ايضا. ولكن اذا استمرت العفوية بدون تفكير بمستقبل الحركة وبدون استمرار الاحتجاجات بطريقة منظمة، فان جميع المكتسبات تذهب مع الريح عندما تنهض القوات الحكومية من جديد وتسلح مليشاتها وتوهم الجماهير بالوعود الكاذبة، او حتى القيام ببعض الاصلاحات الطفيفة الممكن اجرائها بدون خسارة سلطتهم.
ان تنظيم الجماهير المحتجة تنظيما سياسيا وقويا هو نقطة ضعف التظاهرات والاحتجاجات الحالية. ان التظاهرات العفوية الناتجة عن الغضب الجماهيري على سلطة المليشيات الاسلامية والطائفية وحدها ليس هي طريقا في تحقيق مطالبها العادلة، وانما يجب ان تصاحبها التنظيم الذي بامكانه ان يرشد ساعات بعد ساعات هذه القوة المحتجة، وان ينظف الطريق امامها من الخدع والوعود الكاذبة التي تطلقها السلطات. كلما تنظم الجماهير تنظيما سياسيا كلما تقل الاوهام وتزداد قوة الجماهير امام مخططات العدو. ان التنظيم هو ما تنقص هذه الاحتجاجات الجماهيرية. ان تشكيل اللجان الثورية في جميع المحافظات والمدن وصولا الى المعامل والمصانع والمحلات السكنية هي خطوة اولية من اجل التنظيم. ان تشكيل اللجان الثورية بأمكانها ان توحد قادة التظاهرات والعمل سويا لتوجيه التظاهرات صوب طريق صحيح ومؤثر، ومن ثم البدء بالتجمعات العامة الجماهيرية تحت قيادة هذه اللجان الثورية. علينا ان نستخلص من تجربة الثورة المصرية محاسنها والتي تتسم بقيادة التظاهرات تحت قيادة اللجنة الثورية الموحدة، والتي اشرفت على مراحل الاحتجاجات وسقف المطاليب الجماهيرية في كل مرحلة وصلت اليها. علما ان المرحلة الحالية هي ليس مرحلة ثورية في العراق بمقارنتها بالثورة المصرية ولكن استمرار الاحتجاجات وقيادتها وتنظيمها تنظيما سياسيا قد تقلب الاوضاع الى المرحلة الثورية وبامكان جميع الناس المشاركة في اسقاط السلطة. ان خلق الاجواء الثورية هي مهمة ازدياد الوعي الجماهيري عن طريق التنظيم الثوري. كلما استمرت التظاهرات يستمر الاعتماد على الارادة الجماعية، وكلما ازداد الاعتماد على الارادة الجماعية يزداد الوعي الجماهيري لمحو الاوهام والبدء بالتفكير السليم.. وكل هذا يعتمد على التنظيم الثوري من اجل استمرارية التظاهرات ورفع الوعي الجماهيري.
ان الجماهير لا تثق بجميع الاحزاب المشاركة في ما يسمى بالعملية السياسية بعد الاحتلال وحتى القسم التي احتجت في السنوات الاخيرة، تحت اسم النظال المدني من الحزب الشيوعي العراقي والصدريين حتى حصلوا على عدد المقاعد في البرلمان الطائفي.. هذا كان طريق احتجاجاتهم ولكن هذه المرة جميع الاحزاب المشاركة مع الاحتلال الامريكي وقعت تحت سخط الجماهير المحتجة بدون استثناء وسقطوا في امتحان الجماهير العمالية والكادحة. وان هذه الاحتجاجات قد كنست مخلفاتهم وسخافاتهم وكشف البعد والفارق في المصالح بين هذه الاحزاب وبين الجماهير من الطبقة العاملة والكادحة وتضادها.. ولم يبقى الا الاعتماد على القوة الطبقية الموحدة وتنظيمها السياسي.. ان الاحتجاجات مستمرة والارادة موجودة وما ينقصها هو فقط تنظيم هذه الارادة وهذه الاحتجاجات.. هذه هي خطوتنا المقبلة يجب ان نبدا من اليوم لمواجهة الطائفيين والقوميين للبرجوازية العراقية. ازدادت مهمة الشيوعيين العماليين اليوم في تحقيق هذه المهمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي باشتباكات في جباليا | #


.. خيارات أميركا بعد حرب غزة.. قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ




.. محاكمة ترامب تدخل مرحلةً جديدة.. هل تؤثر هذه المحاكمة على حم


.. إسرائيل تدرس مقترحا أميركيا بنقل السلطة في غزة من حماس |#غر




.. لحظة قصف إسرائيلي استهدف مخيم جنين