الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرفود: هشاشة البنيات وتواضع الخدمات

علي بنساعود

2006 / 3 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الوضعية بأرفود "كارثية"، وجولة بسيطة فيها تؤكد هذه الحقيقة، حيث هشاشة البنية التحتية، وقلة المرافق، وتواضع الخدمات الجماعية، وتفشي البطالة، والمسؤولون "في دار غفلون"...

وقد صادفت زيارتنا لهذه المدينة المتخبطة في المديونية وقفة دعت إليها فعاليات جمعوية محلية، احتجاجا على مشكل الواد الحار الذي تعاني منه، إذ نظرا لعدم تغطية شبكة التطهير لكل الأحياء، ولضيق قنواتها وترديها، أصبحت جل البيوت والأحياء غارقة في مستنقعات الواد الحار. بل إن إدارة الإعدادية اليتيمة بهذه المدينة اضطرت مؤخرا لتأجيل امتحانات تلامذتها بعدما غمر فضاءاتها الواد الحار!

وللإشارة، فهذه البلدية الواقعة بإقليم الرشيدية، بالجنوب الشرقي المغربي، والتي تناهز ساكنتها أربعة وعشرين ألف نسمة، تعيش فوضى وتسيبا يجعلانك لا تلمس فرقا بين أسلوب التسيير الذي يعتمده رئيسها وهو مهندس، وأساليب رؤساء آخرين غير متعلمين يسيرون جماعات معزولة في قمم الجبال!، والسبب، هو أن الرئيس يقيم بمكناس، حيث مقر عمله (على بعد أزيد من أربع مائة كلم عن مقر البلدية)، ونوابه عديمو الخبرة، غارقون في تدبير اليومي، ولا يستطيعون أن يقدموا أو يؤخروا دون تعليمات منه.

وباستثناء الشارع الرئيسي للمدينة، اكتشفنا أن باقي الطرق غير معبدة وفي حالة متردية... كما استغربنا لكون هذه البلدية التي زحفت عليها الرمال من كل جهة، لا تتوفر على أية مساحة أو حزام أخضر! بل إنها، وبسبب فساد بعض الموظفين، وتواطؤ الأغلبية، يغض الطرف عن البناء العشوائي داخل الواحة، ودليل ذلك، الجرائم البيئية التي ترتكب ب"الرميلة" ب"جنان الطالب خليفة" جوار مدرسة الحمري!!! هذا ناهيك عن البناء والترميم بدون رخص في أغلب الأحياء. هذا دون أن نتحدث عن الوضعية المزرية لدوار "دراعو" الذي ترتبط الحياة اليومية لساكنته بأرفود مع أنه إداريا تابع للجماعة القروية، علاوة على مئات البنايات القديمة المتربصة بحياة المواطنين!

وخلال جولتنا، شد انتباهنا عشرات المشردين والمرضى العقليين يجوبون الأزقة والأحياء، وعلمنا أن الصحة متدهورة حيث حالات صحية بسيطة كثيرة تحال على الرشيدية أو مكناس لأن مستشفى المدينة ومركزها الصحي لا يتوفران معا على أطباء اختصاصيين ولا على تجهيزات.

لقطة أخرى استوقفتنا، وتتمثل في مزبلة وجدناها بباب المركز الصحي، وهي لقطة أغنتنا عن السؤال عن قطاع النظافة، وإن قيل لنا أن مجهودات في هذا الإطار تبذلها هيئات مدنية وبعض عمال النظافة. أما التعليم، فقد اعتبره بعض الآباء نقطة سوداء!

وإذا كان بعض المواطنين قد اشتكوا من انتشار الذبيحة السرية ومن افتقاد مجزرة المدينة لمتطلبات النظافة والجودة، وهي المتطلبات الغائبة عن سيارة عادية مهترئة تستخدم في نقل اللحوم! فإن آخرين اشتكوا من كون المحطة الطرقية، مجرد ساحة وسط المدينة، بدون مرافق، تتكدس فيها الحافلات وسيارات الأجرة. أما عن قطاع النقل، فعلمنا أن عامل الإقليم قد استمهل النقابات لإيجاد الحلول الناجعة لما يسوده من فوضى وابتزاز.

هذا، وقد علمنا أن هذه البلدية تعيش أزمة مالية خانقة، يضاعف من حدتها فشل مشاريعها السابقة (القيسارية والمسبح...)، والزبونية المعتمدة في استخلاص الضرائب والأكرية، ومع ذلك، فلا أحد يفكر في تنمية مداخيلها الذاتية التي تكاد لا تتجاوز ثلث الغلاف المالي للميزانية البالغة حوالي خمسة عشر مليون درهم!

ورغم كل هذا، فالسلطة المحلية سلبية وعاجزة عن التدخل، رغم احتجاجات المعارضة، بل رغم ما تسجله هي نفسها من تجاوز وخروقات.

نفس هذه السلطة اعتبرها أحد الشباب "ما تخسر خاطر ما تقضي حاجة"! وذلك في وصفه لعلاقتها بعموم المواطنين. لذلك، فالبلدية التي لم يسجل لها المواطنون في ولايتها الحالية أي إنجاز، لا تطرح مبادرات تنموية حقيقية تجلب المستثمرين وتستقطب رؤوس الأموال، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من إمكانيات هامة في مجال السياحة والصناعة السينمائية والتقليدية (واحات، قصور، كثبان، رخام...)

لذلك، فبعد توالي سنوات الجفاف، استفحلت البطالة والفقر، واضطر الشباب غير المؤطر، الذي لم توفر له متنفسات حقيقية، إلى التعاطي للإرشاد السياحي السري، أو الهجرة أو التعاطي للمخدرات والخمور، وخصوصا ماء الحياة والدعارة، وهي ظواهر منتشرة بشكل رهيب بمجموعة من الأحياء المهمشة وأهمها حي الحمري والمنكوبين...، إضافة إلى استفحال السرقة والاعتداء على المواطنين الذي بلغ أوجه باغتصاب جماعي لتلميذتين قاصرتين، منتصف السنة الماضية. والمثير، هو أنه، لإلقاء القبض على الجناة، انتقلت فرقة من الأمن الإقليمي إلى عين المكان. وذلك للخصاص المهول الذي تعرفه المدينة في الأطر الأمنية والمعدات، حيث، لم يتم خلال الفترة الأخيرة، تعويض أزيد من عشرة عناصر تم تنقيلهم.

وحسب فعاليات محلية، فإن ما يشجع القائمين على شؤون البلدية على مواصلة عربدتهم ولامبالاتهم بالرأي العام والمعارضة (ستة مستشارين موزعين بين الحركة الوطنية الشعبية والاتحاد الدستوري استقال أحدهم مؤخرا)، هو الحضور الحزبي الخجول الذي يتراجع سنة بعد أخرى، والذي يعكسه كون القوى الديمقراطية واليسارية والإسلامية مجتمعة لم تستطع الظفر ولو بمقعد واحد خلال انتخابات 2003! وكون المبادرات التي تقوم بها بعض أطراف اليسار تبقى محتشمة بدون استراتيجية ولا متابعة أو دعم. أما الجمعيات، فرغم حضورها الكمي، (زهاء خمسين جمعية) فإن أغلبها، حسب المتتبعين، غير فاعلة وتفتقد لآليات التشبيك والتنسيق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار أميري بحل مجلس الأمة الكويتي وتعليق العمل بعدد من مواد


.. تسلسل زمني لأبرز الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله.. فما هي أ




.. دولة الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو بشأن المشاركة في إدارة قط


.. عبر الخريطة التفاعلية.. لماذا قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي ال




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في رفح جنوب قطاع غزة