الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعند دارفور الخبر اليقين

علي حسن الفواز

2006 / 3 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يبدو ان قضية دار فور تعكس ازمة في العقل السياسي اكثر مما هي ازمة في العدالة السياسية وسوء ادارة الجغرافيا في المكان والحقوق المدنية وتوزيع الثروات .. اذ هي تعكس محنة هذا العقل في التعاطي مع طبيعة التأسيس الحضاري لمفهوم الدولة الجديدة في ظل الايمان بتعددية الهويات والاثنيات في المكان الواحد ، لان مفهوم الدولة الابوية(البطرياركية) ومفهوم المكان التابعي لم يعد واردا في سايكولوجيا الشعوب المعاصرة التي تشاهد الانترنيت في عمق الصحراء وتعرف الثورات الحمراء والبرتقالية ومن فاز في انتخابات مدغشقر وجزر الهونو لولو !!!!!!! وتعرف احدث صرعات الازياء وتسمع بشغف ووله الى نانسي عجرم وشاكيرا!!!،،فضلا عن ان الدولة العربية الجديدة شأنها شأن (بنات جيلها ) بدأت تفكر بثياب سهرتها مع الصديق الاشقر!! ولم تعد تفكر جديا بشؤونها العائلية ، تناقش شجون العولمة ونظريات الاصلاح السياسي والسوق المفتوحة على مصراعيها!!!!!!! ولم تناقش هموم الفقراء والجياع وربما لم تقرأ تقارير وزراء التربية عن نسب المتعلمين المتدنية وهروب الاولاد من مدارسهم وتحولهم فيما بعد الى جزء من( الميليشيات) المتحاربة والتي هي جزء من مشكلة دارفور في جانبها الميداني !!
ان المكان السوداني هو مكان عربي خالص وهمومه هي هموم عربية خالصة ، ومشاكله في السياسة والادارة وازمة الحريات وعسكرة الدولة هي مشاكل ذات مرجعيات عربية ، ولكن مايضيف للمكان السوداني خصوصيته هي العطالة عن اقتراح حلول حقيقية وارضية لمشاكل يبدو ان عمرها عشرات السنوات ومعالجتها امّا بالهروب منها او قهرها بمفاهيم القوة والطرد المنهجي لعوامل وجودها اصلا !!! وهذا ما يجعل قضية مثل قضية الجنوب السوداني وصراعاته القديمة تتحول الى صراعات سياسية وباستحقاقات دينية واثنية والتي جعلت الغرب الاثني والديني يتدخل بقوة الى حسمها وسط فرجة كاملة من الطيف العربي والجامعة العربية ،والتي تتدخل عادة بعد ان يكون الغرب بكل تاريخه الاستعماري والعولمي قد أخذ( هبرته) الكبرى من الجسد العربي!! وربما هي ذات المشكلة التي تمظهرت في دارفور،، فهي ذات جذور صراعية قديمة لكنها ملفوفة بشروط المكان السياسي القهري ،،ومع بروز تهيجات سياسية عالمية والتي تدار بشكل مدروس ظهرت الى السطح كمشكلة صراع سياسي واقتصادي واثني وغيرها من المسميا ت والتي راح ضحيتها الالاف !! ،وربما اعطاها الاعلام الغربي وحتى العربي المغربن!! خصوصيات وعناوين تدخل في اطار حقوق الانسان وقمع الحريا ت واهمية الحفاظ على الهويات والخصائص الجنسية والنوعية في المجتمعات ،وبالتالي فان هذه المشكلة تحولت بين ليلة وضحاها الى مشكلة معقدة ومجالا مفتوحا لتدخل الجميع وبكل نواياهم ،وهذه المشكلة يمكن بطبيعة الحال ترحيلها الى اي مكان عربي من صحراء المغرب الى صحراء حضرموت!!
وربما ثمة سؤال قد يطرحه الكثيرون ،اين كانت هذه المشاكل سابقا ،؟ هل كنا رومانسيين ونؤمن بالقسمة والنصيب ، أو كان لنا اباء طيبون يوزعون العدالة والمحبة على اولادهم بالتساوي؟ وهل كان الغرب الامريكي الداخل بكل عدته الى بيتنا العربي الان ،مشغولا عنا بحروبه الباردة والساخنة ؟؟ اظن ان هذه الاسئلة مدعاة للنقاش والحوار واعادة فرش الجردة السياسية العربية خاصة ،لان الشعوب الافريقية متورطة اصلا بمصائب أمرّ وادهى كالجوع والجفاف والحروب الاهلية والحدودية (دائمة الوصل) ومحنة الصومال......
لذا لاأجد ان الحلول الافريقية ستكون فاعلة ،وان حدث وجاءت القوات الافريقية لرعاية (الامة الدافورية) فمن سيمولها !!! حتما سيكون الممول من تلك الجهة ،وكأنك ياأبا زيد لاغزيت ولا !!! وهل لديها برنامج ،أم انها ستكون قوات فصل بين متحاربين!! لذا ينبغي ان نفكر جديا بحلول تقارب اسباب المحنة وتلامس جوهرها العميق والقديم ،ولا بأس ان تكون عربية ولكن غير تقليدية !! وان لانجعل الامر مرهونا بالجامعة العربية فقط فهي مؤسسة استعراضية لاحول لها ولا قوة ،والعاملون فيها وربما اغلبهم من(الحرس القديم) الذين يؤمنون بحلول المخرج حسن الامام في التراجيديا المصرية ،،
ان حل هذا المشكلة وغيرها ينطلق اصلا من فعل الارادات التي تدرك خطورة استمرار التداعي العربي والهزائم العربية والتي ستجعل البيت العربي بقصد أو بغيره بؤرة للعنف والارهاب والكراهية والتخلف التنموي والثقافي والعلمي .....
لعلي وهذا حلم ان يجعل العرب قضية دارفور فرضة لتحسين نسل الحلول العربية والبدء بمعالجة مصائبنا العربية وما أكثرها بروح عربية خالصة وعادلة ،ولكن ايضا بادوات ورؤى معاصرة تؤمن بالحوار والتفاعل وتؤمن بطروحات جاك دريدا في تفكيك المركزيات مثلما تؤمن بطروحات سارتر التي تقول ان الحرية مسؤولية ...نحن بحاجة للخروج من لعبة مسمار جحا الى فاعلية قراءة الوجع الذي يحمله جحا ذاته ،،وان نواجه الحقائق بارادة واعية دون ترقب تداعياتها ومصائبها ،وان ندرك ايضا اننا لم نعد جرما خارج المدار الكوني ، اذ ينبغي ان نفكر بتوازن وموضوعية تؤّمن لنا شروط البقاء على الطاولة مع الآخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم