الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الحزبية لعبت دورا ثقافيا سلبيا، بتجاهل أسماء شعرية هامة في شعر المقاومة

اديب مقدسي

2018 / 7 / 25
الادب والفن


ظاهرة الحزبية لعبت دورا ثقافيا سلبيا، بتجاهل أسماء شعرية هامة في شعر المقاومة

بقلم: د. أديب المقدسي*

• ربما حان الوقت لإعادة تقييم حركتنا الشعرية بعيدا عن التأثير الحزبي.
*************
منذ هوى البدر من سمائنا الشعرية الفلسطينية والعربية عموما، محمود درويش، هناك ظاهرة نبيلة في حياتنا العربية، فمحمود حاضر بقوة، في فلسطين، في لبنان، في دول المغرب العربي، في الجزيرة العربية وفي المشرق العربي. هناك ندوات ونشاطات محترمة حول شعر محمود درويش، والنقلة النوعية التي قام بها في الشعر العربي .. مضمونا وموسيقى.
هناك الآن من يقولون، ان الموسيقى في شعر محمود درويش تبدو قوية كأنما هي عزف موسيقي، والأهم ان محمود آخى ومزج بين الموسيقى الشعرية الكلاسيكية وبين موسيقى الحداثة بكل ما فيها من تنوع وتجديد.
محمود درويش ليس شاعرا آخر كبيرا. انه، ونقول هذا بعد موته، ولكن بدون ارتباط بموته، انه أحد أعظم الشعراء العرب في القرن العشرين ولعله سيأخذ مكانا محترما بارزا عندما يدور الكلام عن كل مسيرة الشعر العربي، منذ أمرئ القيس الى أيامنا.
الفلسطينيون وكل العرب أحبوا الشاعر محمود درويش حبا عميقا، وفي كل مكان من الأرض العربية كان احتضان محمود حارا، كأننا بالناس عندما يحبون محمود، يحبون شعبنا وتاريخنا وتراثنا وفولكلورنا وثقافتنا بمجملها، يحبونه كابن لكل عائلة، كمغن دمج بين الكلاسيكي والمعاصر، بين القديم والمتوارث وبين الشعبي. محمود بشاعريته العظيمة لم يوحد العرب جميعا فقط، يل وحد كل روافد الثقافة الشعرية العربية عبر العصور. طبعا لا يمكن تجاهل زملاء محمود درويش الذين شكلوا سوية معه ما عرف باسم شعراء المقاومة.الذين قدموا عددا هاما من الشعراء، هم زملاء ومواصلي درب محمود درويش، ولهم مكان شعرية ضن تيار وطني فلسطيني احدث ما يشبه البركان الشعري في كل ما يتعلق بجمالية الشعر، ومفاهيم النضال الوطني عبر الكلمة وعبر الموقف السياسي، والصمود بمواجهة سياسة عنصرية ترانسفيرية، بحيث أصبحت القصيدة سلاحا جماهيريا ثقافيا وسياسيا، رغم ظاهرة المنبرية في هذا الشعر الا ان منبريته لها مضامين سياسية وجمالية ونضالية احدثت نقله هامة وكبيرة في الشعر العربي كله.
نعتقد بيقين وثقة، ان مكانة محمود درويش ورفاقه شعراء المقاومة، سميح القاسم، توفيق زياد وسالم جبران احتلوا مكانة مرموقة في الشعر العربي، لكن هناك شعراء وادباء آخرين ليسوا أقل ابداعا، لكن جرى تجاهلهم ربما بسبب الانتماء لحزب لعب دورا سياسيا في أوساط العرب في إسرائيل وبالتالي رفع من شأن أعضائه إعلاميا .. ان ظاهرة شعراء المقاومة لن تنطفئ، بل لن تخفت مع الوقت، بل ستتعمق كجزء من حسنا الثقافي، جزء من وعينا القومي، جزء من كل القيم العظيمة للأمة العربية عبر تاريخها الطويل، كما اسلفت هناك شعراء آخرين ليسوا اقل شأنا من سائر زملائهم، لكن للأسف الفكر الحزبي الضيق لعب دورا سلبيا بعدم كشفهم على المستوى العربي العام، مثل سائر زملائهم .. وانوه بشكل خاص بالشعراء حنا أبو حنا، شفيق حبيب، جمال قعوار، فوزي عبدالله، حنا إبراهيم وآخرين تفوتني الآن أسمائهم .. ربما حان الوقت لإعادة تقييم حركتنا الشعرية بعيدا عن التأثير الحزبي.
أحد المثقفين الاوروبيين المتخصصين في الثقافة العربية القديمة، قال في محمود ما هو جوهري، بل الجوهري: " محمود درويش هو استمرار قوي وتطوير عميق للثقافة الشعرية العربية ".
هناك اهمية ان من قال هذا الكلام هو مستشرق أندلسي متخصص بالشعر العربي الأندلسي.
بدل ان نقف بمهابة وخشوع امام تراث محمود درويش، فأننا نلاحظ بعض صغار النفوس والعقول يتنبهون ان هذا الاهتمام بمحمود سوف يخفت عندما تنتهي الطقوس الجنائزية، او عندما يتقدم الوقت ويصبح هذا التيار الشعري مرحلة تاريخية تجاوزها الزمن، فيحتل الساحة الشعرية جيل جديد، كلنا ننتظر نشوء جيل ثقافي جديد يواصل ويطور ما اورثه لنا جيل النكبة إذا صح هذا التعبير، لكني بألم أقول ان ما يجري هو هبوط نسبي مؤلم، وما عدا أسماء قليلة جدا، لا أرى ان شعرنا وثقافتنا عامة تحدث قفزة تستحق ان تشكل الوريث لمرحلة شعراء المقاومة. ولا بد لي ان اعبر عن رأيي باني الاحظ، وارجو ان أكون على خطأ، تنامي عدم المسؤولية في معظم ما يكتب من نقد، على الأقل ما ينشر في مواقع الانترنت، هو ما يصلني، المتميز بفوضى نقدية وعدم وضع النقاط على الحروف في النقد حول ما ينشر، اقرأ وأصاب باكتئاب حين أجد مديحا مبالغا به لصياغات لا تثير أي حس جمالي او معاني ثقافية، حتى بت اتردد في قراءة قصائد لأسماء لا اعرفها. بعض هذا النقد يكتبه نقاد عرب من العالم العربي، ويبدو لي انهم يكتبون من دوافع غير ثقافية. حتى النقد من نقاد يعيشون نفس الواقع السياسي والثقافي يبالغون وأقول اني افتقد للمصداقية النقدية في نقدهم.
حلمنا ان يكون لدينا أكثر من محمود درويش واحد، ولكن تنمية الغرور لن يكون عاملا في تمهيد الطريق لظهور شعراء مجيدون.
وأقول شيئا آخر، ولا اريد ان أطيل، ان الحب الجماهيري الجارف والساطع لمحمود درويش، هو مد جارف، هو نهر عظيم، يتقدم الى الأمام، هو اكتشاف الشعب لذاته الشاعرة، عندما يكتشف شعر محمود درويش ويسمعه بفرح ويحفظه، على كل مستويات شعبنا وأمتنا.
نقول الآن ما ترددنا ان نقوله في حياة محمود درويش، ان شاعرية محمود درويش المتدفقة، المازجة بين الكلاسيكي والحديث، المازجة بين تراثنا القومي الشعري وكنوز الشعر العالمي، هي الضمير الثقافي والهوية الحضارية لشعبنا وامتنا .. والصغار يصبحون صغارا أكثر عندما يتطاولن على العمالقة!

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??