الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون القومية: إسرائيل البلطجية تنتقل إلى الجانب الظلامي

حيمي شليف

2018 / 7 / 25
القضية الفلسطينية





قانون القومية هو قانون مكروه وضار ويعمق الانقسامات، وبالأساس هو قانون لا لزوم له. ولكن المصادقة عليه لم تخرج الاسرائيليين عن أطوارهم. عدد منهم يوافقون على القانون، وعدد آخر مترددون، والمعارضون أدركوا بسرعة أن النضال ضد المثليين، الذي ثار في اعقاب المصادقة الموازية على قانون "الأم الحاضنة"، هناك امكانية اكبر لتجنيد احتجاج جماعي ضده. يزرع قانون القومية السم في علاقة الدولة مع الاقليات فيها، لكن باختصار، بعد أن تمت ازالة بنوده العملية ظاهريا، هو لن يغير بصورة ملموسة الحياة اليومية لمعظم الإسرائيليين.
في الساحة الاعلامية والرسمية في المقابل يتعلق الامر بضرر كبير، باشارات دالة تفصل بين ما قبل وما بعد. لذلك فإن بنيامين نتنياهو كان محقا عندما اعتبر المصادقة على القانون "لحظة تأسيسية". عشرات من نشطاء "نكسر الصمت" ومئات من تقارير "بتسيلم" وآلاف من نشطاء حركة المقاطعة "بي.دي.اس"، الذين تلقي الحكومة المسؤولية عليهم عن الاساءة لسمعتها، لن يستطيعوا الاضرار باسرائيل بهذا القدر من الشدة والحجم والمدى الطويل مثل الذي تسبب به نتنياهو ووزراؤه والكنيست عندما صادقوا على القانون. كانت الولايات المتحدة في عهد ترامب ستسمي هذا خيانة.
هذا الضرر لم يجد تعبيره في الادانات المعدودة التي تم إسماعها في عواصم العالم، ولا سيما في اوروبا. الآن يوجد للمجتمع الدولي اهتمامات اخرى اكثر وجودية، تنبع من الاعتراف المتزايد بأنه يقف على رأس الدولة الاقوى في العالم رئيس غير مفهوم في أحسن الحالات، وغير متزن في أسوأ الحالات. في الاصل الاحتجاج الوحيد الذي يترك انطباعا لدى نتنياهو بشكل خاص والاسرائيليين بشكل عام يجب أن يأتي عموما من البيت الابيض: براك اوباما اوقف هذا القانون بجسده. ترامب، يمكن الافتراض أنه لم يسمع عنه، واذا سمع فحينها لم يفهم، واذا فهم فحينها حقا لم يهمه. هذه هي البشرى الكبيرة لعهده: اسرائيل يمكنها التنكيل بنفسها كما تشاء، والولايات المتحدة لن تحرك ساكناً.
ليس في هذا ما يقلل من قوة القانون التدميرية. يوجد فيه جهاز توقيت يؤكد أنه سيواصل تخريب سمعة اسرائيل الجيدة لسنوات كثيرة. يشير القانون الى الطابق الارضي لاسرائيل الجديدة. احد بنود القانون يعطي الشعب اليهودي الحق الحصري في تقرير المصير.
حتى اذا كانت اغلبية الاسرائيليين تفضل تجاهله، فان كل العالم ينظر ويفهم. كنيست اسرائيل بوقاحة أعلن للعالم عن الانسحاب من نادي الدول الغربية والليبرالية وانضمامها لكتلة الدول غير الليبرالية، القومية، ، التي فيها قيم المساواة وحقوق الفرد، المتضمنة في وثيقة الاستقلال، تخضع لحاجات الأمة والبلاد. في الوقت الذي توجد فيه الدول الغربية الليبرالية في حالة دفاع وربما حتى تحارب على وجودها فان اسرائيل اعطت الاشارات بأنها تنتقل الى الجانب الآخر المظلم.
مثلما ادعى معهد ابحاث في السويد، الشهر الماضي، وحتى قبل المصادقة على القانون، فانن اسرائيل كفت عن أن تكون ديمقراطية ليبرالية، وهي منذ الآن ديمقراطية انتخابية، فيها حق الانتخاب والترشح محفوظ، لكن ليس الالتزام بحق المساواة وسلطة القانون. لقد كان هذا فقط جديرا ورمزيا في وقت المصادقة على القانون؛ فرئيس حكومة هنغاريا ذو الصلاحيات والذي يكره الاجانب، فكتور اوربان، كان موجودا في اسرائيل كضيف مرغوب فيه ومرحب به. هو بالتأكيد كان راضيا عمن يواصلون دربه: بعد المصادقة على القانون، اصبحت اسرائيل وهنغاريا تنتميان إلى النادي نفسه.
الضرر الاكبر للقانون هو في اوساط يهود اميركا. منظمات يهودية كثيرة، بما فيها التي تملأ فمها بالماء بشكل عام، أدانت القانون الجديد بكلمات لاذعة، لكن ايضا بالنسبة للكثيرين الذين صمتوا فان قانون القومية هو جسم مسموم في قلوبهم. إن اخلاص يهود اميركا لاسرائيل يستند الى رؤيا / وهم أن اسرائيل هي "مدينة تلمع فوق التل"، كما وصف رونالد ريغان الولايات المتحدة، وليس دولة بلطجية تنكل بالاقليات. في الأسبوع الذي تتفاخر فيه الكنيست بحربها ضد "نكسر الصمت" فان شرطة اسرائيل تحتجز حاخاما محافظا لأنه زوج زواجا غير شرعي، والكنيست اعلنت عن تفوق اليهودية، وقدرة يهود الولايات المتحدة على التظاهر بأن كل شيء يسير على ما يرام اصبح اصعب على التحمل. بالنسبة لكل اولئك الذين صكوا اسنانهم ولم يتخلوا عن اسرائيل رغم خرق اتفاق "حائط المبكى"، فان رفض الاعتراف بالاصلاحيين والمحافظين، والتنكر لاوباما، والاخلاص لترامب، استمرار الاحتلال، وغياب عملية سلمية – ولا نريد التحدث عن القوانين الاخرى غير الديمقراطية التي قامت هذه الكنيست باجازتها في ولايتها المرعبة – فإن قانون القومية يمكنه أن يشكل القشة التي قصمت ظهر البعير، والمسمار الاخير في النعش.
يوجد لمؤيدي القانون ادعاءات قانونية كثيرة مختلفة، وتفسيرات قانونية ملتوية أعدت لإثبات مشروعيته. في سلوفاكيا ولاتفيا توجد قوانين مشابهة. صرخوا، وكأن هذه الدول التي تسري اللاسامية في عروقها تحولت الآن نموذجا للمحاكاة. على كل الاحوال، الذرائع والتفسيرات هي من نوع "اذهب وبرهن على أنه ليس لك مثيل"، ليست الاشجار هي المهمة بل الغابة. قانون القومية يعتبر في الخارج لاظهار عضلات الاغلبية اليهودية المفترسة ازاء اقلية عربية تعاني من التمييز. اذا لم يكن القانون يؤسس لنظام ابرتهايد فهو يضع كما يبدو البنية التحتية لتأسيسه مستقبلا، وهو بالتأكيد يمنح سلاحا ثمينا لمن يقولون إن الابرتهايد يوجد هنا. الوطنيون الفخورون في الائتلاف منحوا اكبر كارهي اسرائيل هدية لا تقدر بثمن.
الامر الفظيع هو أن كل هذا قام به نتنياهو ووزراؤه وناخبوه بارادتهم. بدون أي حاجة حقيقية ومن خلال اعتبارات ضيقة قصيرة النظر، من اجل كسب عدد من النقاط في الوطنية الزائفة في الرأي العام، من اجل تجاوز نفتالي بينيت بصورة التفافية، ومن اجل عرض نشطاء اليسار المعارضين للقانون على أنهم خونة. في المقابل، من هذه الخلطة البائسة أساء نتنياهو وجماعته لسمعة اسرائيل الجيدة وصنفوها كدولة ضيقة الأفق. الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، هكذا سيستنبط الكثيرون، ببساطة كرهت نفسها.
في التاسع من آب (العبري) يجب التذكير بأن "الهيكل" لم يدمر في الحقيقة بسبب كراهية عبثية، وحتى ليس بسبب العمل الاجنبي، وسفاح القربى وسفك الدماء، مثلما زعم المتشددون. بذور الخراب زرعت قبل سنوات كثيرة من ذلك، بين امور اخرى، في عهد الكسندر يناي، كبير المحتلين الحشمونئيم. لقد وسع حدود البلاد، أعلن نفسه ملكا، اعطى لنفسه صلاحيات حكم وتشريع، زرع الانقسام والتجزئة، اشعل حربا داخلية زرعت الكراهية التي لا مبرر لها، أخطأ في فهم الواقع الاستراتيجي، ونقض العهد مع مملكة روما، التي استند اليه من سبقوه. بعد مئة سنة حيث كانت المملكة مفككة وقوات الرومان تقف على ابواب القدس، فان شعب اسرائيل هو الذي دفع الثمن.

عن "هآرتس"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز