الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المندس

سربست مصطفى رشيد اميدي

2018 / 7 / 26
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


منذ اندلاع التظاهرات الاحتجاجية في محافظات الوسط والجنوب وبغداد ضد الحكومة والحكومات المحلية، احتجاجا على انعدام الخدمات وتفشي البطالة والفقر ونخر جسم مؤسسات الدولة بافة الفساد، فقد اختلفت ردور الافعال تجاه ذلك. واقصد هنا ردود افعال الاحزاب الاسلامية الحاكمة والفصائل المسلحة المرتبطة بها او التي تدور في فلكها والتي تتجاوز عددها الستون فصيلا. حيث ان جميعها ايدت هذه المظاهرات بشكل او اخر، لكن الجميع يحذر من عمليات التخريب والتنديد بها والتحذير لا بل التاكيد بوجود مندسين يقومون باعمال التخريب والتعدي على الممتلكات الخاصة والعامة في هذه التظاهرات.
وحسب معاجم اللغة العربية فان مندس ( اسم ) والفعل هو (اندس)، اندس، يندس، اندساسا.
اندس فلان، دخل في الشيء، مثلا دخل في الفراش خشية من البرد، وتعني اختفى في الشيء. اي تسلل خفية بين الناس او اختفى في الزرع .
والمصدر هو الاندساس اي الدخول في الشيء والاختفاء فيه، كالاندساس في الازدحام، او الاندساس في كومة تبن للاختفاء فيه.
وللكلمة اشتقاقات عديدة، مثل اندس، تدسس، تدسيس، دس، دساسة، دساسة، دسائس، دسيسة، مدسوس، متدسس، مندس.
اي ان كلمة المندس في مفهومها تعني الاندساس والدخول في الشيء للاختفاء او التلون والظهور بمظهر ذلك الشيء او المجموعة او الفئة وهو في غير محله او شكله الحقيقي، مثلما كان وجود مندسين من قبل امن ومخابرات النظام السابق واستخباراته ضمن تنظيمات الاحزاب المعارضة وكان هدفهم هو نقل المعلومات عن تحركات وخطط تلك الاحزاب وحتى التشبيك في تنظيماتها لتكون تحت سيطرتها وضربها والقاء القبض على اعضاء تنظيمات تلك الاحزاب متى ما عرف النظام او تحسس بوجود خطر ضدها. والامثلة على هذه الحالات كثيرة ومعروفة من قبل كل حزب، فمثلا شخص باسم ( ابو ندى) كان مختصا بحركة العمل الاسلامية وكان محل ثقة اعضاء تلك الحركة باعتباره من التوابين حيث كان سببا في اعدام 171 عضوا لتلك المنظة واغلبهم كانوا من الطلبة والجنود، وكنت شاهدا على اعدام تسعة منهم.
في هذه التظاهرات تختلف الاراء حول وجود مندسين فيها وهويتهم وانتمائهم والهدف من عمليات تخريب الاموال العامة والخاصة، لكن الاغلبية تتهم حزب البعث بدس اعضاءها ومواليها في التظاهرات وانها تقف خلفها واصبحت قصة رائجة على لسان قيادات الاحزاب الاسلامية الحاكمة وفي اعلامها وما اكثرها. ولكن السؤال الذي يتبادر الى ذهن الانسان هو اليس هناك الالاف من اعضاء الفروع والفرق الحزبية البعثية السابقين هم الان اعضاء في الاحزاب الحاكمة تلك؟ وان الكثير من القادة العسكريين ايضا كانوا اعضاء في حزب البعث؟
واذا كان المندسون هم اعضاء حزب البعث، لماذا تدافع الحكومة والاحزاب الاسلامية الشيعية عن نظام حزب البعث في سوريا ودكتاتورها المدلل بالسر والعلانية؟ ويزج الكثير من ابناء الجنوب من قبل عدد من الميلشيات في القتال الدائر في سوريا والتي لا ناقة لهم فيها ولا جمل وتقدم ارواحهم في سبيل استمرار البعث في الحكم؟ علما ان نظام البعث السوري لم يبخل على العراقيين بتدريب وزج الاف الارهابين السوريين ومن مختلف صقاع العالم الى العراق للقيام بقتل مئات الالاف من ابناء الشعب العراقي، وايضا احتضان هؤلاء البعثيين (المندسين) وتدريبهم وتمويلهم وتسليحهم.
واذا كان المندسون هم من مخابرات السعودية ودول الخليج، فان العذر هو اقبح من الفعل. فكيف لوسط شيعي يكون بيئة حاضنة للمخابرات السعودية والخليجية ذات انظمة حكم تتهم من قبل الاحزاب الاسلامية الحاكمة بانها حكومات طائفية سنية؟ وها ان حكومة الكويت الدولة الخليجية قد وعدت بتزويد الكهرباء للعراق، في حين ان ايران هي من قطعت الماء والكهرباء عن ابناء العراق، فضلا عن تركيا التي قطعت الماء ايضا عن العراق، طبعا بعد اعلام الحكومة العراقية مسبقا بذلك من قبل الدولتين.
ووفق مفهوم الاندساس، هل بعتبر وجود اطفال وصبيان حفاة في التظاهرات ايضا اندساسا؟ لان مكانه الحقيقي هو المدرسة ولا يجاهد ليلا ونهارا لتوفير لقمة العيش له ولعائلته. ام يعتبر الشهداء الذين سقطوا بنيران القوات الامنية وميليشيات الاحزاب الحاكمة هم مندسين في هذه التظاهرات؟ وذلك بسبب عدم احترام المتظاهرين الشهداء للاموال العامة والخاصة !! والتي في الحالتين تعود للاحزاب الاسلامية، وهل يعتبرون مندسين في الجنان التي اقامتها احزاب الاسلام السياسي في العراق؟!! قتل شباب العراق المنتفض يعتبر خطأ لا بل واجبا في نظر قيادات الاحزاب الاسلامية، لكن حرق (صور) لزعامات ايرانية تعتبر جريمة لا تغتفر!!
وهل يعتبر اندساسا وجود ميليشيات حزبية تقوم بفض التظاهرات واطلاق النار على المتظاهرين بدل قوات الشرطة والقوات الامنية ؟ لان فض التظاهرات يفترض ان تكون من اختصاص وزارة الداخلية فقط. وهل ان مشاركة منتسبي قوات (سوات) يعتبرون مندسين في قمع التظاهرات؟ لان مهامه هي المحافظة على امن المواطنين ومكافحة الارهاب.
لكن ماذا نسمي اعتقال المتظاهرين واختطافهم من قبل الميليشيات الحزبية وتعذيبهم في المقار الحزبية؟ وماذا نسمي وجود معممين يقودون اجتماعات لاعلى الرتب في وزارة الداخلية؟ او يجتمعون بقادة الجيش العراقي او الشرطة الاتحادية ؟ لان يفترض ان تكون القوات المسلحة والقوات الامنية بعيدة عن الاحزاب السياسية، اليس هذا خلاف نصوص الدستور؟ الذي يتغنى به قادة الاحزاب السياسية ورجال السلطة صباحا مساءا.
مع كل هذا نرى اناسا يصرون على وجود مندسين بعثيين في التظاهرات للتغطية على جرائم القتل والاختطاف والتعذيب للمتظاهرين وخيرة الشباب العراقي. لهذا يجب على الحكومة ورئيس الوزراء ان تقوم بدورها في وقف الاعتقالات الكيفية واختطاف وتعذيب المتظاهرين واطلاق سراح المعتقلين وتقديم من اقترفت ايديهم بهذه الجرائم سواء كانوا مقنعين أم كاشفين وجوههم الى القضاء، وفضح مع من يقف وراءهم وانتماءاتهم السياسية كخطوة اولية قبل تلبية مطالب المتظاهرين، لان تلك المطالب تحتاج الى قرارات جريئة وجدية في تنفيذها وضرب الجهات التي تقوم بتلك الجرائم.
لكنني اشك في جدية الحكومة في حل مشاكل ومطالب المتظاهرين وفي قدرتها على ذلك مثلما لم تكن جادة في محاربة الفساد والفاسدين يوما ما.
ادعوا القاريء الكريم الى مشاهدة الفلم الوثائقي (المندس) المنشور على موقع اليوتيوب لصلته بالموضوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل