الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسادس-

سعيد رمضان على

2018 / 7 / 26
الادب والفن


7- الفنانة آية عبد الرحمن
--------------------------------
تمنحنا الفنانة الفلسطينية آية عبد الرحمن القوة ، وهى تقف صامدة امام لوحتها متحملة الالم الجسدي بسبب مرض السرطان ،فى مهرجان غزة الثاني للفن التشكيلي 2016.
تتحمل المعاناة الجسدية وعذاب الحصار وتبث لنا برسائل الحياة .
أي طاقة تملكها لتكافح في حياتها لتعبّر عما بداخلها وعن نضالها وعن بلدها ، وتزيح الحجر الجاثم على صدرها ؟
طاقة حيوية من الارادة والجمال ، تقف بشموخ تبدع نوعا من الحياة مليئة بالأمل والثقة والإيمان .
لوحاتها فريدة من نوعها بسبب الأسلوب المبتكر الذي اتبعته في معالجتها.
حقا انها تحتفي بالطبيعة وعناصرها ، لكنها تحتفى ايضا بتراثها الوطني إلى درجة التقديس. لذا نرى اللوحة مليئة بصور الأشجار وعناقيد العنب التي تظهر كاللؤلؤ.. ومفتاح المنزل المصمم بشكل تراثي والورود وعباد الشمس. وسنابل القمح وغيرها . وبالوان متناغمة على نسق متقارب كل ما فيها يستثير الذكريات والمشاعر للديار الفلسطينية القديمة التي تحتفى بالجمال والحياة .
ثم السفينة كرمز الهجرة والتشريد .. وغربة الفلسطيني عن وطنه .
المنظر الذى يغطّي خلفيته سحب بيضاء وصفراء ، بالإضافة إلى خلوّه من أيّ حضور للإنسان، يعنى ان هذا الانسان
بالتشريد والهجرة والمنفى تحول ليكون مجرّد نقطة ضائعة وسط الواقع المؤلم والمخيف للفلسطينيين... ووسط واقع اكثر قتامة هو الوحدة فى عالم مشغول اكثر بالانحناء للقوة الغاشمة .
فى هذه اللوحة تمكنت الفنانة اية عبد الرحمن من ابداع منظر شاعري قائم فى الذاكرة الفلسطينية ، ويعيد الحياة للتراث الوطني .. منظر يوحى بوجود سابق للجمال وضياعه كما بوحى باستعادته .. هنا نرى الحلم والامل ... نرى روح الجمال فى الفنانة الفلسطينية .
نكاد نشعر بهدوء المنظر وبطغيان الجمال حتى ينسحب بصرنا الى اسفل اللوحة ، فنسمع هدير المياه وصخبها وهى تسقط بعنف الى البحر ، حيث تقف سفينة الرحيل جاهزة للرحيل الى المنفى .
الفنانة الفلسطينية آية عبد الرحمن تأخذ على عاتقها احد الهموم الأكثر ثقلا، أنها تتحمل المعاناة التي تعيشها، من اجل غد مختلف .. من اجل حياة كالحياة ، ووطن كبقية الاوطان.
انها فنانة تمنحنا المعنى الكامل لصراع الفنان مع نفسه ليستمر فى الصمود ، ومع الاخرين ليحقق ذاته وضد الاحتلال من اجل حريته وحرية بلاده .



8- الفنان رائد النبريص
-------------------



في لوحته " "المأساة" التي عرضت بمهرجان فلسطين الثاني للفن المعاصر ، يتفوق الفنان الفلسطيني رائد النبريص‏. على نفسه ..
في "المأساة" يرسم رائد دمعة واحدة على خد فلسطين ، لكنها تحوى ماء اكثر من ماء البحر، وملوحة اكثر من ملوحة كل بحار الدنيا .
المرأة التي ترمز لفلسطين هي الشخصية المركزية في هذه اللوحة. يدها اليمنى تضعها على اليسرى كما توضع اليد اثناء الصلاة كإشارة دينية صامتة، وضع المرأة بشكل عام وهو نفس وضع لوحة الموناليزا ، نظراتها الحزينة تعطي إحساسا بالفجيعة ، وهى تحتضن مبانيها التراثية والبشر يحيطون بها ونظراتهم تتجه اليها . بينما صدرها يكتسى باللون الاحمر الدامي . وشجرة خالية من الاوراق تقف على فرعها حمامة وحيدة ، حمامة كفت عن الطيران مكتسية بلونها القاتم .. منظرها المنسحب والمنكسر وهى واقفة على الشجرة الجرداء يعكس شعورا بالحزن و الفجيعة.. بينما يصرخ فراخها نحوها من الجوع ولا تجيبهم تعبيرا عن واقع محاصر ومؤلم .
غطاء الرأس بالأخضر القاتم الذى يحيط بالوجه وينسدل للكتفين يوحى بالثراء والخصوبة ، تعكس سحب السماء هذا الثراء فتكتسى باللون الاخضر مع اضواء سماوية توحى بالأمل... تبدو الشمس في الخلفية كأنها مغتربة عن مكانها، مما يعطى انطباع بتغير مخيف ضد طبيعة الاشياء !
الافق السماوي اكثر اضاءة وانفتاحا .. على عكس الافق الأرضي أو افق البحر الذى يبدو اكثر قتامة وبدون انفراج.
بالجانب تقف امرأة تطلق صرختها.. !
يجسد رائد محيط الوجع بأمواجه وصخبه وعنفه ، في صرخة إنسانية توحدنا مع العذاب وتعيدنا 68 عاما إلى الوراء الى يوم النكبة بما فيه من قتل وتشريد وحرمان .
يقف الجميع على شاطئ البحر .. خلفهم ميناء صغير يحتوى مراكب متناثرة بدون بشر .. كأن الرزق الذى خلقة الله في بحار الدنيا منعه البشر عن البشر !
على سارية بأحد المراكب يرفرف علم فلسطين صغيرا ووحيدا كرمز لفلسطين المهمشة البعيدة والتى تركتها الدنيا لمصيرها البائس امام جبروت الاحتلال .
في جانب اللوحة يظهر رأس حصان مجسدا شعورا بالألم ، تظهر انتفاضته المؤلمة من خلال عرفه المتطاير ، عدم ظهور جسد الحصان يوحى بالمجزرة التي وقعت للشعب الفلسطيني. وتعبيرا عن مقاومة جريحة ومنهكة .
اتسمت اللوحة بغلبة اللون الأزرق والبنفسجي وتحولا بقتامتهما ليكونا رمزا للوحشة والحزن ... انها تمنحنا ذلك الشعور بان الحياة اكثر قسوة مما نظن ، وان الانسانية فقدت وجهها المشرق .
لوحة تعرى الدنيا وتطرح السؤال " لماذا ؟؟ "
كثافة انفعالية تسيطر علينا عندما نبحث الاجابة ، لكن لا توجد اجابات تمنحنا العزاء .
رائد الذى يجسد فى لوحته الوجع ، يكافح لاستدعاء هذا الوجع ويجعله أسبابا للحياة. انه يأخذ من الماضي ليكون فنانا للمستقبل، فهو يبدع ليكون فنانا ، وفنانا من اجل الانسانية وبلاده .. وبكلمات اخرى الفن من اجل فنه .. والفن من اجل قضاياه ... وقضاياه هي وطنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل