الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االخامس-

سعيد رمضان على

2018 / 7 / 26
الادب والفن


6 - الفنان ماهر ناجى
----------------------

من خلال لوحته "الفرح الفلسطيني "يطل علينا الفنان ماهر ناجى، معبرا بريشته عن الجمال الفلسطيني، الذي يرفض الزوال ، في زمن قام على الاقتلاع والخداع .
يستحضر ماهر، المكان والشخوص والحياة، التي كانت في المدنية الفلسطينية، كأنها وشوشة للوجع تهمس بحكايات المكان القديم .. دفء الرحم الحامل أبدا بالذات الفلسطينية .
وهكذا هو الفنان ماهر ناجى، مزيج غريب من الوجود في الوطن، والوجود في المنافي داخل الوطن .
في لوحته تلك تتزاحم بشخوص المرأة ،كرمز للأرض والمنفى، وفي لحظة سمو، تحمل المرأة على أكتافها أشجار الزيتون، وعلى رأسها سنابل القمح ، ينبعث منها رائحة خبز الطابون ،وأوراق الزعتر، وفى أحضانها تحنوا على الطفولة، بحب يذيب ملوحة وجع المنافي والشتات .
و برغم عويل الزمن الذي اجتاح الحياة ،يقف الفنان كفارس يفجر الذاكرة، ويحمى الخير ويحرس ينبوع الجمال . .
وها هو، بذات الحس العالي، يقبض على نغمات كثيرة من سيمفونية الحياة في بلده فيبكينا، في نفس الوقت الذي يمنحنا فيه الأمل .
تنسل النساء في اللوحة ، يداعبهن النسيم ،ويحملهن الهواء، ويتمايلن كأعواد اللوز الخضراء، وبليونة كبيرة يحركن جسدهن الدقيق، حتى يسكّن إلى الحركة المرسومة دون عناء، يستسلمن إلى الضوء المتسلل من الخلف، فيحيطهن بالذهب، بينما تختفي الوجوه في الظلال .
عبر الذات الفردية المقاومة ، لا تبرز المرأة ببعدها الفردي، إنما تتبلور الحركة على مستوى مجموعات .. كذوبان الذات الفردية في الارض والوطن ، وقد قدر لفلسطين أن تشهد انهيار أمالها وأحلامها الواحدة وراء الأخرى ، ثم لا تلبث أن تقيم غيرها ، لتجرفها بدورها التيارات ناحية بحر بلا جزر ولا شواطئ.. وبكل الطرق تحاول أن تصمد.
تثور مرة بالحجارة ، ومرة بالسلاح ، ودائما بالصمود ، ومرات كثيرة ضد المحو من خلال الذاكرة عبر الفن .
وهكذا يظل الإنسان المناضل ، ممسكا بشعلة الحياة رافضا للانهزام .
وهكذا يقول الفن: أنه لا يمكن أبدا إخماد طاقات الحب، ولا ردم ينابيع الجمال .
-----------



7- الفنان فارس عياش
---------------------

في لوحاته يحاول الفنان الشاب فارس عياش أن يفتح للناظر نافذةً يطلّ من خلالها على الجانب المظلم من الحياة .
والضوء الشاحب الذى يطل منها ايضا ، وهو ضوء أما ان نخمده أو نساعد فى زيادة اتساعه ليشمل الدنيا .
تصيبنا الرعشة ونحن نطالع هذه اللوحات، التي نرى فيها نموذجا للجمال المثالي للطفولة ، وقد تغيرت ملامحه ليضجّ بملامح الألم ،التي تبعث فينا شعورا بالقلق الممزوج بقدر كبير من الرعب .
الفنان الشاب، يركّز في لوحاته على تصـوير الواقع الدموي لأثار العدوان على غزة ، لكنه التصوير المتضمن
معاني ومبادئ انسانية . فالفنّ عنده أداة للترويج لقيـم الحرّية والكرامة الإنسانية.
لوحات الفنان فارس التشكيلية ، نجدها مليئة بعذابات شخوص الطفولة ..المعاناة والدمار والجمال الذي فقد أجمل ما فيه ..... براءة الطفولة.
أرق فني يبحث عن خلاص الجمال الإنساني، من كل أشكال القبح وصور الدمار، والانعتاق من حالة البؤس الذي يعيش فيها المجتمع الفلسطيني .
أنها لوحات تلامس المسافة الفاصلة بين الحياة والموت، أبدعها فنان يعيش وعيا قلقا ، وهو يرى الأعماق المظلمة والوحشية في الإنسان ، تقفز من دواخله لتغمر الدنيا بالظلام .. وتكتسح كل ما هو جميل ورائع .
لوحات شخوص غلبت على وجوهها الأحمر والأرجواني، والخلفية السوداء القاتمة .. معبرة عن نزيف الدم والموت ..
الوجوه مصورة عن قرب وبدون أي تفاصيل في الخلفية ، كي يشاهد الناظر ويركز على تفاصيل الالم المنعكسة على وجوه الاطفال .
انها من أكثر اللوحات التي تكشف بشاعةً العدوان ، ومن يشاهدها بضمير مفتوح لن يتخلص من تأثيراتها النفسية، والمعنوية، إنها تتوّجه إلى عين الناظر وتُحيله فوراً إلى التصرفات البشرية الأكثر بشاعة.
أما لوحة الطفلة التي تضع راحة يدها على عيون عروستها لتخفى عنها ما تراه هي بنفسها من صور الدمار ، فهي تفجر كل معانى الالم وتمنحنا شعور بجمال الانسانية المعذبة فى طفولتها، شعور سامى ينتابنا مع الاسى ، لجمال قلب الطفولة وحنانها الأمومي المبكر .
أي أحلام تلك كانت تداعب الطفلة؟
وأي اسرار طفولية بريئة كانت تهمس بها لعروستها وهى تحتضنها في فراش دافئ أنتزع منها ؟
أكانت تحكى لها حكايات تجهزها بخيالاتها الحالمة؟
أم كانت تحكى لها عما ستفعله فى الغد الجميل الذى لم تشرق عليه الشمس أبدا ؟؟؟
لقد أجبر الفنان نفسه على رسم تلك اللوحات ، ليجعل العالم يشاهد بطريقةٍ مختلفة، مُؤلمة، ودامية، كيف يكون العدوان على البراءة .. ويضعه بذلك أمام ضميره الإنساني .
والعالم ليس بريئاً من هذه النوازع السادية المدمرة للحياة ، هناك تواطؤ مُعلن، أو خفيّ ... اما بالصمت او التشجيع على العدوان بحجة الدفاع عن النفس .. ويقف مشاهدا المخلوقات البشرية وهى تتحرك كوحوشٍ مسعورة ، تعذب
المناضلين فى سجونها، وتقتل الابرياء بطريقة حيوانية، وتعتقل الطفولة دون ان تسمح لها بأن تعيش طفولتها !!!
يقف الجميع متفرجين لا يفعلون شيئا لمنع أكثر الوحوش دموية في التاريخ من ارتكاب فظائعهم.
لكن فارس عياش أيضا فنان يحاول استشراف قبس من ضوء ينير المستقبل مع أمل مطوي في القلوب ، فأبدع لوحاته: " بعد العاصفة " وفراشة البيدر" ولقطة مشمسة " وهى لوحات لشخوص مبتسمة بعيون تتطلع للحياة بأمل .. لوحات يغلب عليها اللون الأخضر المعبر عن الخير والنماء .
وهكذا يضعنا فارس أمام أبواب الأمل أثناء الضياع في العدم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس