الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثامن-

سعيد رمضان على

2018 / 7 / 26
الادب والفن


10 -الفنانة منال أبو صفر
----------------


ما جذب نظري فى لوحة (( احتضان )) للفنانة منال أبو صفر التي عرضت بمعرض مهرجان غزة للفن ، هو عنصر الزمن .. وليس المقصود بالزمن هنا هو حركة الايقاع كما فى الرواية ، بل العنصر الذى له علاقة بالتاريخ أو الهوية الوطنية ... وكلاهما لا يتشكلان فجأة فى لحظة حاضرة ... بل لهما امتداد فى الزمان .. إلى تاريخ اكثر قدما .
يظهر عنصر الزمن هنا من خلال قطعة القماش المطرزة ، الخارجة من اعماق المرأة - الارض - الوطن ... وتمتد بدون انقطاع الى الوراء متطايرة بحركة لها ميل يمين ويسار كأنها منحنيات فى التاريخ ، حتى تخرج من اللوحة فلا نرى نهايتها، انه امتداد من الحاضر الى الماضي .. متوغلة عميقا فى الزمان .. زمان مختلف ومضيء ، هكذا ترمز الطاقة من الضوء فى نهاية الامتداد بالخلفية التي لا توجد بها من التفاصيل سوى النباتات...
ان جماليات التراث تظهر فى التطريز بوحدات زخرفية ترجع الى اصول كنعانية ومن الظواهر الهامة التي يتضح من خلالها مدى الحس الجمالي الذي تتمتع به الفلسطينية , هو دقتها وإتقانها لعمليه التطريز ، فعدد الغرز وحصرها جزء من العمل حتى تأتى عمليه التطريز في النهاية متناسقة , كما تراعى أيضا المساواة في الأشكال التي يتم تطريزها . ونرى هذا التطريز في اغلب اللوحات التي تجسد المرأة الفلسطينية الرامزة للأرض والتاريخ.
نرى التطريز هنا فى لوحة الفنانة منال ابو صفر متناسق ايضا وعدد الغرز متساوية .
واذا دخلنا لنستشف مجاهل اللوحة سنرى ثلاث شخصيات بلوحة تضم حالة انسانية فريدة وهى الحنو بالاحتضان مع إظهار عمق الحالة النفسية للشخوص، والتي تعبر عن الوجع والشعور العميق بالحزن ، في تعابير العيون والملامح والالوان القاتمة . مع اختلاف في نظرات الشخصيات بين التحدي فى نظرات الأم والحزن فى نظرات الابنة والخوف فى نظرات الابنة الاخرى .
وجميع الشخصيات هنا نسائية – أم وأبنتان - أي أننا أمام حالة إنسانية خاصّة، تبرز فيها معانى الأمومة التي تميز المرأة الفلسطينية ، عاكسة بذلك معاني الوفاء والإخلاص .
لكن الشكل الأنثوي هنا ليست هدفا بحد ذاته ، فامتداد القماش المطرز الى الماضي، يدخل الرمز الأنثوي الى فضاءات
رؤية تاريخية قادمة من ازمنة سحيقة حاملة مضامينها الوطنية .
لكن الرؤية التاريخية لا تتجاوز الحاضر الى الماضي وتتوقف عنده ، فدور المرأة الفلسطينية فى الحاضر هو دور طليعي ... هكذا تكشف اللوحة عن اسرارها ، الحضور المتميز للمرأة فى ملحمة النضال الوطني، جنبا الى جنب وبدرجة متساوية مع الرجل ، فهي أيضا كما يقول الكاتب المسرحي الفرنسي " جان جينيه ":
" إن المرأة الفلسطينية هي العنصر الأكثر جذرية في النضال الفلسطيني ."
تكشف لنا منال ابو صفر عن وحده التوازن بين الذات المنفية داخل وطنها والذات التي تؤكد وجودها ،هذه هي حياتها وذاك هو فنها، وعلى ومضات الحياة تغرق فى عشق الوطن، داخل ذات متواضعة جدا ومثقلة بالمشاعر في الوقت نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا