الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بروتوكولات

طارق المهدوي

2018 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بروتوكولات
طارق المهدوي
قبل ثلاثة عقود زمنية طلب مني أحد وزراء مصر الأقوياء المعمرين في مواقعهم ترشيح بعض المثقفين الليبراليين والشيوعيين لتدريب بعض منتسبي وزارته الجدد فلبيتُ طلبه، وبعد ثلاثة شهور طلب مني الوزير دعوة هؤلاء المدربين لحضور احتفال بروتوكولي تقيمه وزارته على شرفه داخل أحد فنادق الخمس نجوم القاهرية بمناسبة انتهاء الدورة التدريبية لأولئك المنتسبين الجدد، كما طلب مني الوزير كتابة الكلمة القصيرة التي من المقرر أن يلقيها هو في الاحتفال على أن تكون مناسبة للأجواء المحيطة بما فيها اتجاهات الحاضرين، كتبتُ الكلمة المطلوبة بخط يدي على ورقة واحدة من وجه واحد وطويتها صاعداً إلى الجناح الفندقي المخصص للوزير الذي تسلمها مني مرتدياً زيه الرياضي، ثم أصر على مشاركتي في الاحتفال وهو يغريني بقوله "حا تلاقي حاجات حلوة تاكلها وحاجات حلوة تشربها وحاجات حلوة تصاحبها ما إحنا كلنا عارفين إنك عزبانجي"، طال انتظاري في قاعة الاحتفال ومعي الضيوف والمدربين والمنتسبين الجدد وكبار موظفي الوزارة حتى أن إدارة الفندق قامت بسحب بعض أنواع الأطعمة والمشروبات سريعة التلف لتضعها في المبردات، كانت المؤسسة العسكرية التي أنهت خدمتي بين صفوفها خوفاً من خطورتي على أمنها القومي حسب قرارها تترصد خطواتي سرا،ً الأمر الذي كان يقتضي إطلاعها المسبق على كلمتي التي سوف يلقيها الوزير باسمه وهو ما لم يتم لإني كتبتُها بيدي وسلمتُها له في يده، فكلفت المؤسسة العسكرية ضابط اتصالها مع الوزارة الذي أصبح لاحقاً وزيراً لنفس الوزارة بإطلاعها على تلك الكلمة بأي طريقة، لدرجة أن الضابط وقف بزيه وسلاحه الرسميين على باب الجناح الفندقي من الداخل كي يمنع الوزير من مغادرته إلى قاعة الاحتفال قبل إطلاعه على كلمتي، فأجرى الوزير اتصالاً هاتفياً مع رئيس الجمهورية للاستنجاد به على مظنة عدم علمه بما يحدث، رغم أن المؤسسة العسكرية كانت توافيه في حينه أولاً بأول بتطورات الأحداث ليس فقط لكونه قائدها الأعلى لكن أيضاً لكونه هو من سبق أن أصدر قرار إنهاء خدمتي بين صفوفها، قال له الوزير إنه أقدم وزراء حكومته وإنه يرفض وصاية المؤسسة العسكرية على تصرفاته المتعلقة بشؤون وزارته، لاسيما وأنه قد قرأ كلمتي التي سيلقيها عدة مرات حتى حفظها وهي تتعلق بالمحتوى الثقافي للأدوات الإعلامية دون أي اقتراب من الشؤون السياسية أو العسكرية، فقال له رئيس الجمهورية لا أنا ولا أنت نريد إغضاب المؤسسة العسكرية فدعنا نتعامل معهم بالحيلة كي نخدعهم، أنا سأطلب منهم سحب ضابطهم خارج الجناح الفندقي وأنت تقرأ لي الكلمة في الهاتف ثم تبلغهم بموافقتي على الكلمة وهو ما سوف أؤكده لهم من جانبي وهم يقيناً لن يتجرأوا على طلب مراجعتي، رضخ الوزير لحيلة رئيس الجمهورية رغم علمه بأن أجهزة التنصت الموجودة في الجناح وخطوط الهواتف كفيلة بنقل الكلمة على الهواء للمؤسسة العسكرية مما يعني أنه هو المخدوع بتلك الحيلة، عقب تأخير عدة ساعات ألقى الوزير كلمتي كما هي حرفياً في الاحتفال ثم أعاد لي ورقتي المطوية، طالباً مني أن أذهب إلى حمام الفندق العمومي لتمزيقها قطع صغيرة ثم إلقائها في مجاري الصرف الصحي قبل أن تقع في أيدي الأعداء، وامتنع منذ ذلك الحين عن مطالبتي بأي شيء دون أن يشفع له هذا الامتناع عند المؤسسة العسكرية التي أقالته من منصبه وحبسته قبل سبعة أعوام باعتباره من الفلول!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال