الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا والصين من صراع تجاري الى حرب عملات

احمد البهائي

2018 / 7 / 31
الادارة و الاقتصاد


الدولار واليوان .. حرب عملات
أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، حرباً تجارية بفرضها، رسوماً جمركية على واردات سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار،ما جعل الصين ترد بالمثل ، واتهمت واشنطن بإطلاق شرارة الحرب التجارية الأوسع نطاقاً ، ولم يكتفي الرئيس الأميركي ترمب بذلك ، محذراً من أن بلاده قد تزيد رسوماً على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار، أي ما يعادل تقريباً إجمالي واردات الولايات المتحدة من الصين ، ما يدفع الصين ليس فقط الرد بالمثل ، بل اللجوء الى أساليب اخرى من اجل حماية اقتصادها وتجارتها العالمية ، ومنها تخفض قيمة عملتها اليوان ، حيث تستخدم الصين نظام "التعويم الموجه"، الذي يسمح لسعر صرف اليوان بالتقلب ضمن نطاق2% أعلى أو أدنى النقطة التي يحددها بنك الشعب الصيني بناءً على تداولات اليوم السابق، وهو ما يعني إمكانية ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف استجابة للعرض والطلب ، حيث تؤكد الصين ان هذا النظام يمنع التقلبات التي قد تضر المتداولون ، وهذا ما قامت به الصين بالفعل بتخفيض قيمة عملتها مقابل الدولار ، حيث أشارت كثير من الجهات الاقتصادية إلى أن اليوان انخفض بأكثر من 5% مقابل الدولار الأمريكي في الفترة من منتصف يونيو إلى أواخر يوليو من العام الحالى ، في الوقت الذي تبادل فيه الطرفان فرض الرسوم الجمركية على بضائع بعضهم البعض.

فانخفاض قيمة اليوان يعنى رخص ثمن البضائع المستوردة من الصين، فالصين تنتج وتصنع كل شئ ، وبالتالي الشركات الأمريكية تجد كلفة أكثر فى بيع بضائعها للصين والدول الاخرى التي قد تفضل المنتجات الصينية في حالة انخفاض اسعارها ، ومن ثم تقلص عائداتها الخارجية بالدولار، وارتفاع الدولار مقابل اليوان يؤثر على الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات، التى تسجل أكثر من 50% من قيمة مداولاتها فى الخارج، ويجعل أسعار منتجاتها أغلى ثمنا عند التصدير، ويؤكد ما نقوله هو ان الصين تلجأ الى هذا الاسلوب في حالة ضعف بياناتها الاقتصادية وحدوث إنخفاضا حادا في صادراتها وتراجعا في أسعار المنتجين ، فمن يتابع حركة السوق العالمية وتقلباتها ، يجد ان هذا لم يحدث حتى الان ، اذاُ من يقرأ ما بين السطور يجد ان الصين لديها من الادوات والاساليب التي تجعل كافة الموازين الاقتصادية في يديها ، ومن خلالها تصبح ندا للولايات المتحدة اقتصاديا ، وهى ان تنقل الحرب من موقعة الرسوم الجمركية المتبادلة الى حرب اليد الطولا فيها تكون للصين ألا وهى حرب "عملات " ، التي من شأنها حدوث صدمة في الأسواق العالمية ، وقد تتسبب فى زعزعة استقرار الاقتصاد العالمى والإضرار بالتجارة العالمية إذا طال أجلها ، فالصين لديها من المقدرة التحملية ان تخفض قيمة اليوان الى 10% ، ليحدث انخفاض حاد للأسهم ، ودفع أسعار السلع الأساسية إلى الاتجاه المعاكس ، وذلك من اجل ثني ترمب عن ما يسعى اليه ، فالصين على دراية بأن خطوة ترمب القادمة هي خفض قيمة السندات الى أدنى مستوى لها لتفقد قيمتها السوقية ، لكي تعاود امريكا شرائها مرة اخرى ، وهنا تخسر الصين ملياراتها ، لصالح أمريكا ، فحسب أخر البيانات أصبحت الصين أكبر الدول المالكة للسندات الحكومية الأمريكية ، ليصل اجمالي ما لديها من السندات ما يقرب 1.30 تريليون دولار.

من خلال ما يريده ترمب هو رفع سعر الفائدة بسرعة ‏أكبر، بدلاً من سياسة الرفع التدريجي التي ‎ إنتهجتها أمريكا في السنوات الماضية ، سيدفع أسعار السندات نحو الهبوط ، بمعنى إن إرتفع سعر الفائدة نقطة مئوية واحدة يعني هذا ضمناً ان السند يتحمل خسارة 10% من سعره ، أي بحسبة بسيطة سوف تخسر الصين 130 مليار دولار في كل نقطة مئوية إزدادت بها الفائدة ، ومن ثم تتوالى الخسائر على السندات لضعف الثقة فيها وارتفاع درجة المخاطرة، فمسئولوا الصين على علم بذلك ويعتبرونها الخطوة القادمة لترمب وهذا ما سيجعلهم مستعدون بأخذ التدابير اللازمة ، حيث يعتقد الكثيرون ان الصين لو قامت برفع عملتها اليوان ، فهي في هذه الحالة لا تحتاج إلى السندات الأمريكية، ويمكن أن تتخلى عنها بسهولة وبدون خسائر، بل وستكون نتائجه كارثية بالنسبة للولايات المتحدة ، وستضعها في مأزق مع ديونها الهائلة، وحدوث هبوط حاد للدولار سيزعزع استقرار الاقتصاد، متناسين ان هذا الهبوط سيكون وقتي وسرعان ما تتعافى منه الاسواق لانه هبوط لا يضر بثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي ، لانه ناتج عن رفع القيمة الخارجية للعملة التي تمتلك السند طويل الاجل ؛ ما يجعل واشنطن غير عاجزة وقادرة على تمويل عجز الموازنة الضخم ، فهبوط الدولار في هذه الحالة سيكون إيجابيا بالنسبة للصادرات الأمريكية، وسيضعف من صادرات الصين بسبب ارتفاع تكلفة المنتجات الصينية ، فالصين لديها من الاحتياطيات النقدية الضخمة لمواجهة ذلك ما يقرب 4 تريليون دولار، حيث ستبذل ما في وسعها من اجل بقاء سعر الفائدة الامريكية عند مستوياتها الحالية ويجب ألا تتجاوز 2%، حتى لو تطلب الامر بعض الخسارة المؤقته ، فهى تمتلك من الادوات ما تساعدها على تحقيق ذلك بأقل خسارة ، حتى لو حدث هبوط للأسهم في البورصة الصينية (شنغهاي وهونج كونج ) ، وقد يكون هبوطاً متعمداً، بأن تسمح بطريقة غير مباشرة في " إغراق " الأسهم ، والسماح لكبار حاملي الأسهم من الخروج من مراكزهم ، وغض النظر عن البيع على المكشوف والمضاربة على النزول ، حتى يحدث تراجع في الاسهم الصينية ، ما ينتج عنه هبوط الدولار الى ادنى مستوى له مقابل سلة العملات الرئيسية ، وبالتالي قيام المستثمرين بالتخلي عن الدولار لصالح عملات الملاذ الآمن " اليورو-الين-الفرنك السويسري " ، ففي حالة ان فقد اليوان 10%من قيمته هذا يعني هبوط حاد للدولار ، ففي جلسة واحدة سيصعد اليورو تقريبا 1,2 % أمام الدولار ، وسينخفض الدولار 0.5 % امام الين ، وإنخفاضه الى 0.45% امام الفرنك السويسري ،وبالتالي هبوط حاد ومتوالي في البورصات الامريكية ،اي ما يكبد الشركات خسائر بالمليارات من الدولارات في الجلسة الواحده ، هل تستطيع امريكا الصمود والمواجهة في هذه الحالة ، وتحمل عواقب مواجهة الانتقال من الحرب التجارية الى حرب العملات ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي