الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثانية التراجيديا الكيمياوية في الحقيقة الكردية!!!؟؟؟

شيار محمد صالح

2006 / 3 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ربما يكون قدراً مكتوباً على الكرد أن يواجهوا عدواً لا يعرف معنى الإنسانية والأخلاق، ولا يمت بصلة لأدنى شيء اسمه الضمير والوجدان. ولعل ذلك نابع من أخلاق سماسرة الحروب التي لا همَّ لها سوى تحقيق أطماعها ونزواتها الديكتاتورية والشوفينية. وكل سنة نلج فيها شهر آذار يستذكر الكرد ذكرى حلبجة الشهيدة التي راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف شهيد كردي، ليس لشيء سوى لأنهم كرد، وعليهم دفع ضريبة ذلك!!!.
وها نحن نلج هذه السنة واحتفالات نوروز تعم كل بقاع العالم حتى خرجت من إطار كردستان لتنتشر في كل بقعة يعيش عليها الكرد. الملفت في نوروز هذا العام أن الكرد عموماً مدّوا يد السلام والأخوة والمحبة للجميع، وللأعداء قبل الأصدقاء. وحلَّت مسيرات الشموع والورود والرايات البيض المعبرة عن السلم والمحبة في كل مسيرة قام بها الكرد أينما حلّوا وأينما اتجهوا. لكن، نقولها على مضض، وبقلب ملؤه الحزن والأسى والتراجيديا، أن أعداء الكرد لم يفهموا، أو بالأحرى، لم يرغبوا الفهم، ولم يعيروا هذه اليد أي اهتمام أو حتى مجرد النظر إليها. بل زادوا من حماقاتهم وشوفينيتهم وعنجهيتهم وقتلهم للكرد في كل مكان.
النظام الديكتاتوري الراحل الذي كان يتزعمه صدام حسين، والذي طغى في الأرض، أراد أن يجعل من حلبجة عبرة ودرسا للكرد كي لا يرفعوا رؤوسهم ثانية، بعد أن أبادها عن بكرة أبيها مستخدماً الغازات السامة الكيماوية، ولم يبقِِ على الشجر أو الحجر، فكل شيء قد تم تسويته بالأرض. ولكن الذي تمَّ أن الكرد جعلوا من حلبجة الشهيدة ومن شهدائها قوة وعزيمة لدحر الديكتاتور وزبانيته، حتى لم يبق له من سواد العراق إلا جحرا اختبأ به علَّه يظفر بيوم آخر يعيش فيه. لكن على ما يبدو أن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، مثلما يقول المثل الشعبي. فكم من مقابر وحفر جماعية زرعها هذا الديكتاتور في سواد العراق علّه بذلك يخفي وجهه الحقيقي الشوفيني، لكن، ولسوء طالع صدام، أنَّ هذه المقابر الجماعية، وهذه الحفر باتت الدليل والصيحة الحق بوجهه الشوفيني الذي لم يتبق له في النهاية سوى حفرة أو جحرا يختبئ به.
اليوم، وبعد مرور حوالي عقدين من الزمن، تقوم الطغمة الأتاتوركية التركية الوريثة الشرعية للشوفينية الطورانية بالسير على خطى الديكتاتور صدام حسين، وتطبيق مشاريعه الإمحائية والآقصائية على أرض شمال كردستان أيضاً. إذ، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على الحرب المتصاعدة بين الجيش التركي من جهة والمقاتلين الكرد من جهة أخرى، تقدم الحكومة التركية ومن ورائها الجيش على استخدام السلاح الكيماوي ثانية بحق المقاتلين الكرد بغية تصفيتهم وإشفاء الغليل بعد كل هذه الخسائر والانكسارات التي منيت بها، وخاصة بنوروز هذا العام في شمال كردستان الذي تحول إلى نوروز أوجلاني رغماً عن أنف ورهانات الطغمة العسكرتارية الطورانية، وكذلك جميع أعداء الكرد الذين أرادوا بكل ما أوتوا من قوة إطفاء روح مقاومة نوروز في قلوب الكرد.
وبعد هذه الفرحة التي عمَّت ملايين الكرد في كل مكان بصيحاتهم التي شقت عنان السماء مطالبين عبرها بحقوقهم المشروعة بالطرق والأساليب السلمية وبعيداً عن العنف والقتل والدمار؛ لم تكتمل فرحة نوروز حتى أطلنا الجيش الفاشي التركي الوريث الحقيقي للفرق الانكشارية الوحشية التي قامت بمذابح الأرمن أوائل القرن الماضي، والآن تريد الاستمرار في عملها الانكشاري بحق الكرد، وذلك للنيل من عزيمتهم وقوتهم وإرادتهم التي أثبتوها في نورزهم.
استخدام السلاح الكيماوي لا يدل إلا على عنجهية النظام المُدَّعي للديمقراطية، والذي يتباكى للدخول إلى المنتدى الأوروبي من أوسع أبوابه. فالدخول إلى هذا المنتدى يلزمه على الأقل ثقافة من الحد الأدنى في احترام الآخر مهما كان، والاعتراف به ضمنياً وليس لسانياً كما يقال. من ذلك نستنتج أن جدية الحكومة التركية لم تتجاوز أرنبة أنفها، وأن الديمقراطية التي تتشدق بها ليلا نهاراً لم تتجاوز لسانها، وتبقى في حلوق أصحابها يرددونها بين الآونة والأخرى، علَّهم يستجدون بعض المساعدات من هذه الدولة أو تلك.
للحرب أيضاً أخلاقها وحدودها، ونحن ندخل القرن الحادي والعشرون. لكن على ما يبدو أن هذه الأخلاق لم يسمع بها أتراكنا الأحباء، وهذا ما يدفعهم لاستعمال أي شيء تقع عليه أيديهم، تماماً كالغارق الذي يمسك بقشة علَّها تنتشله من الغرق المحدق به. كذلك الحكومة التركية، وبعد أن أفلست وفشلت كافة مشاريعها ومخططاتها الديمقراطية في كردستان، توصلت إلى قناعة بأن الكرد لا يفهمون إلا لغة الغازات والسلاح الكيماوي، وبذلك تقوم على تسييس وترويض الكرد حسب ما تبتغيه هي وليس الكرد أنفسهم.
إن استشهاد أربعة عشر مناضلاً ومقاتلاً من أجل الحرية بالسلاح الكيماوي في شمال كردستان على يد الجيش التركي ما هو إلا دليل على عجز جنرالات هذه الحكومة على وضع حل سلمي لهذه القضية المستمرة منذ عقود من الزمن. هؤلاء الشهداء ثلاثة منهم من غربي كردستان وشهيد من جنوبها وشهيدان من شرقها والآخرون من شمالها. ربما أراد الجيش التركي بحملته المجنونة هذه النيل من عزيمة الكرد في شمال كردستان، لكنه فتح باب الانتفاضة أكثر، وحول كردستان إلى وطن واحد وإن تعدد الأعداء.
لم يحمل الكرد يوما من الأيام السلاح حباً به، بل للمطالبة بحقوقه المهضومة. الكردي ليس عاشقاً للقتل والدمار، بل إن العدو يفرض على الكرد حمل السلاح ليدافعوا به عن أنفسهم. وأنه لم يعد هناك معنى للحدود السياسية المفروضة على الكرد، بل هذه الحدود تم إزالتها من عقلية الكرد، ولم يعد هناك انعزال كردي أو تقوقع على الذات، بقدر ما هنالك وحدة في العقيدة والروح والإرادة المنبثقة من النهج والمدّ الأوجلاني في كل مكان.
نتمنى ألا تكون نهاية الحكومة التركية كنهاية مثيلتها في العراق، وأن تعمل هذه الحكومة على الاقتراب من الكرد كشعب له الحق في العيش كما باقي الأمم. حينها سيكون لكل حادث حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا


.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال




.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح


.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة




.. أصوات من غزة| البحر المتنفس الوحيد للفلسطينيين رغم المخاطر ا