الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انتصر النظام المستبد على الثورة السورية؟

محيي الدين محروس

2018 / 8 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يتغنى النظام السوري ومؤيدوه بالانتصارات، فما هي حقيقة الأمر؟
بدايةً لا بد من التمييز بين الثورة والثورة المضادة.
حول الثورة:
انطلقت الثورة السياسية السلمية السورية في آذار 2011، في سياق ما عُرف بٍ „ ثورات الربيع العربي“. حيث عمت التظاهرات الشعبية السلمية بالآلاف في كافة المدن السورية، رافعةً شعارات: „ الحرية والكرامة والعدالة“، و „واحد واحد واحد …الشعب السوري واحد“، ومطالبةً بإسقاط النظام.
هنا، لا بد من وضع خط تحت: حراك جماهيري واسع، شعارات سياسية، إسقاط النظام. هذا يؤكد: بأنها ثورة سياسة، وليست فقط حراكاً جماهيرياً. لماذا؟
الحراك الجماهيري يكتفي بمطالب محددة …منها مسيرات من أجل مطالب اقتصادية أو سياسية كي يقوم فيها النظام! ولكن عندما تكون أهداف هذا الحراك الجماهيري الواسع إسقاط النظام، فعندها تكون ماهيته هي: ثورة على النظام. وذلك وفقاً لمفهوم وتعريف الثورة ( المختصر): التغييرات الجذرية للنظام.
ولكن حسب التعريفات والمفاهيم الكلاسيكية للثورة: من الضروري أن يكون لهذا الحراك قيادة ثورية ( أو قائد ) وبرنامج سياسي.
نعم، أتفق مع ذلكن من حيث التعريف، وعندها يكون الوضع المثالي للثورة، ولكن: في حال تواجد حراك جماهيري بالملايين يُطالب بإسقاط النظام… هل ننفي عنه صفة الثورة، لأنه لا يتفق مع التعريف، أم نعيد النظر في التعريف؟
آعتقد جازماً: علينا إعادة النظر في التعريف والقول: بأن أهم عنصر من العناصر الثلاثة: جماهير - برنامج - قيادة، هو الجماهير الواسعة الثائرة ضد النظام والهادفة لإقامة نظامها، وفي حال توفره، فهي ثورة. وهذا توفر لدى الثورة السورية، وتجري النشاطات والمؤتمرات العديدة للتوافق على رؤية سياسية وقيادة لتنفيذها.

حول الثورة المضادة:
مفهوم الثورة المضادة العام هو: معارضة الثورة - التضاد في الأهداف السياسية مع الثورة .
وعادةً تأتي بعد انتصار الثورة للإنقضاض عليها بالكامل أو جزئياً. وتهدف إلى إبطال ما أحدثته الثورة من أعمال وقرارات. وتنشط لفرض الأمر الواقع، وبأن ما تقوم به „ لا بد منه „ ولو حتى مرحلياً.
هنا المثال الصارخ هو ما حدث في مصر: من جهة انقضاض الإخوان على الثورة … ومن ثم انقضاض قادة الجيش على الإخوان!
أما في سوريا، فموضوعة الثورة المضادة ليست بهذه السهولة، حيث تتشابك العوامل الداخلية مع العوامل الخارجية.
غياب الديمقراطية لعشرات النظام، الذي تجلى ليس فقط بعدم السماح لأي معارضة سياسية بالنشاط، وإنما بالاعتقالات والتعذيب في السجون لكل معارض مهما كان وطنياً! أدى في النتيجة إلى غياب قيادة وطنية للثورة التي فجرتها الجماهير السورية. ولكن التنظيم الوحيد الذي تابع نشاطاته خارج سوريا كان الإخوان، و رويداً رويداً عاد وتغلغل وسط الجاهير بدعمٍ مالي وبالسلاح! رافعاً شعارات دينية ومعارك مسلحة „ سنية ضدالشيعة“ ! واستغل النظام ذلك، من خلال تسعيره مثل هذه المعارك.
ولعبت السعودية وقطر وتركيا دوراً هاماً وأساسياً في تغيير التوجه السياسي الوطني للثورة إلى معارك طائفية!
وتجلى ذلك بتقديم الأموال والسلاح، وإرسال „ المجاهدين „ من مختلف الدول إلى سوريا عبر الحدود التركية والأردنية والعر!قية…
للمشاركة في هذا„ الجهاد المقدس“!!. وهكذا تواجدت داعش والنصرة وعشرات التنظيمات الإسلاموية .. ومعظمها تحت الرايات السوداء!!
لماذا هذه الدول ارتكبت هذه الجريمة بحق الشعب السوري وثورته؟
أولاً: خوف هذه الدول من وصول الثورة السياسية إليها…فالأفضل لها تحويلها إلى „ حرب أهلية „ ولهم دوراً فيها!
ثانياً: صراع المصالح بين هذه الدول على بسط نفوذها في المنطقة من خلال سيطرتها على سوريا! تركيا ( أردوغان ) وقطر لهما مصلحة في إقامة نظام تابع للإخوان التابع لهما! والسعودية لها أطماع توسعية في المنطقة من خلال سيطرتها على سوريا واليمن!

من هنا يتضح بأن الثورة المضادة وداعيمها، هم على النقيض من الثورة السياسة للشعب السوري.

بعد أن ترك النظام هذه التنظيمات الإسلاموية للسيطرة على العديد من المدن والمناطق- عدا دمشق والمناطق الساحلية - حيث أقامت سلطتها السياسية - الدينية حسب شريعة داعش ومثيلاتها .. من ملابس وجَلدٍ وقطع أطرافٍ ورجمٍ… إلخ! هذه المأساة أدت إلى أن يتمنى العديد من الناس „ عودة النظام „ … „ الأقل سوءاً „ ! وهذا ما كان يريده النظام.
كذلك ازدياد الأعمال الإرهابية لدعش في العديد من دول العالم، وقفت هذه الدول على الحياد تجاه النظام الذي „ يقاتل داعش „.
وأيضاً هذا كان يخدم أهدافه.
بعد انتهاء دور هذه القوى السوداء، يقوم النظام وبسرعة كبيرة بالقضاء عليها… وبصخبٍ إعلامي لانتصاراته … وهي انتصارات على الثورة المضادة، التي ساهم في تأسيسها مع دولٍ أخرى. وليست انتصارات على الثورة السياسية المستمرة.

إن عدم التمييز بين الثورة السياسية والثورة المضادة الإسلاموية أوقع العديد من الذين تبنوا الثورة ودافعوا عنها، في موقعٍ ملتبسٍ! بدءاً من الوقوف على الحياد إلى العودة لتأييد „ النظام الذي يقاتل الإرهابيين „ كأولوية ! وهم هنا، دون أن يدروا، حققوا أحد أهم أهداف النظام الأساسية: بدايةً تحييد أكبر عدد من السوريين في عدم دعم الثورة، ومن ثم إعادتهم لبيت الطاعة قدر الإمكان!

كذلك على المستوى الدولي: انتقل الدعم والتأييد لدول „ مجموعة أصدقاء سوريا „ للشعب السوري في ثورته إلى الموقف الحيادي! فمن الطبيعي والمفهوم بأن هذه الدول لا يمكن أن تؤيد الإخوان والفصائل الإسلاموية والنصرة وداعش! ومن المعروف بأن الصداقة بين الدول تقوم على المصالح المشتركة الاقتصادية والسياسية.

نعم، حقق النظام أهدافه من الثورة المضادة داخلياً ودولياً، وخرج بدور المنتصر! والآن يعمل لضمان استمراريته من خلال: دستور ( موسكو) وعودة لاجيئن لحظيرته، وربما سيتساهل بإجراء انتخابات رئاسية تحت إشراف أحهزته الأمنية، لإعادة „ انتخابه „ !

ولكن ليعلم الأسد والمافيات التي حوله بأن:
الثورة مستمرة في نشاطات العديد من التظيمات السياسية على الأرض داخل سوريا وخارجها، على الرغم من تغييبها إعلامياً.
الثورة مستمرة في العديد من النشاطات الثقافية والأدبية والمسرحية والموسيقية.
الثورة مستمرة في نشاطات المنظمات النسوية والمدنية وعمل التنسيقيات.
الثورة مستمرة في عقول وقلوب ملايين السوريين الذين هبوا في ثورتهم السياسية السلمية في آذار 2018
الثورة مستمرة وستنتصر، لأن النصر حليف الشعوب المناضلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم