الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة نيسان سليم رأفت : الشعر ومواقف الحياة ..

وجدان عبدالعزيز

2018 / 8 / 8
الادب والفن


الحقيقة ثبت لنا ان مجالات الحياة متعددة ومواقفها تتكون وفقا لهذا التعدد، فهناك مواقف تتحمل مرونة التغيير والتعامل معها بانفتاح الحوار، وهناك اخرى لاتحتمل هذا كما هو الموقف الوطني وقضية الشهادة .. والشعر من معطياته انه رسالة انسانية تصل الى الانسان الاخر عبر اللغة، حاملة معها اثار العوامل الخارجية المحيطة، عبر آليات التراسل الابداعية الشعرية، حيث سعى الشعراء في رسم ملامح الانسانية طوال تاريخ الشعر العالمي ..وهذا جاء عبر الاعمال الشعرية من هوميروس الى تاريخنا الحالي، وانها عكست هذه الخصائص وجسدت صراع البشر من اجل انسانية افضل، فالشعر يبحث عن الجمال اينما وجد، وهنا تكمن وظيفته الحيوية والضرورية في مفهوم النظرية الإنسانية، فالشعر هو الوسيلة التي تسخر الإمكانات المؤدية إلى وجود أفضل وعالم أجمل، ولذلك اصطلح النقاد وعلماء الجمال والأخلاق على أن الإنسان الذي يتذوق الشعر خير من ذلك الذي لا يهتم به، لأن الشعر تجربة نفسية وجمالية فعالة وضرورية لبلوغ الإنسانية درجات أعلى من النضج والرقي، هذه المقدمة التي جاءت وليدة لقراءة بعضا من نصوص الشاعرة نيسان سليم رأفت، وتمخضت عن رؤية محددة ان الشاعرة مسكونة بالهم الانساني، وكما هو حال كل العراقين، تسكنها هواجس الحرب وويلاتها واثارها الكبيرة على نفسية الانسان، فكانت الشاعرة قد نوهت الى بيان الحرب والنصر والهزائم، وعندها النصر هو الشهادة بدليل تعتبر موكب الشهيد عرس .. وذكر كلمة عرس تعني هناك بقاء وخلود، ورغم الدمع وقص الضفائر حزنا، الا الشهادة بحد ذاتها خلود بدالة القصيدة وتيه الشعر، فهو الذي يعبر عن الحزن والفرح، والحب والجمال ويخلد المواقف منها بدون ادنى شك .. تقول الشاعرة نيسان في قصيدتها (شموس كفيفة) :

(أنا بيانُ الحربِ
أكلَ النصرُ
هزائمي
ورصاصةٌ باردةٌ
لم تثقبْ خوذةَ جندي
أنا هستيريا في عرسِ شهيدٍ
صفّقَ لهُ دمعي
وعندَ اكتمالِ القمر
قَصَصْنَ العذارى
ضفائري
أنا شرودُ العشاقِ في الشِّعْرِ
وتيهُ القصيدةِ
في قوافي القُبلِ)

وهكذا تشكل موقفها عبر تماهيات اللغة، محاولة منها للاثبات .. بعيدا عن مكامن الزيف والرياء، ثم انها اتخذت من الشعر مواقف ثابتة، كما هو ثبوت الجمال ونقيضه القبح، واثبات النظرية الانسانية، كما اشرنا اعلاه .. ثم تقول في موضع اخر :

(حين عادت الخيول دونهم
زحفَ الخيالُ
خجلاً
يدقُّ أجراسَ الأعيادِ في أحلامهم
قبلَ أن يجففَهُ النهارُ
يُقبّل الوحلُ أجسادَهم
هناكَ
تقفُ وحدَها
فاطمةٌ
عيناها تحتضنُ
دمعةً
تسألُ الغرباءَ
أهو حلمُ يوسفَ)

لتؤكد ان الشعر مُعبرا جماليا عن الواقع بكل سطوته المريرة، وكذا معبرا جماليا للاحلام .. وبين الواقع والحلم، تعيش الشاعرة نيسان سليم رأفت صراعها الذي اختارته من اجل اثبات موقفها ... مرددة : (كتبت يوم كان الشعر نبياً/تتسارعُ التواريخُ/ تلوكُ الخطى البطيئةَ/ وأنا منشغلة/ ألملمُ شملَ الحروبِ/ أغمسُ ماتبقى من قليلهِ/أكسرُ بهِ مرارةَ التفاصيلِ/ كم صرخة ماتتْ بحنجرتي/أتوسلُ حِدّة الصوتِ/أن يُخرسَ الحربَ)، اي ان الصوت كونه حياة يهزم الحرب كونها موت وفناء ..وهذا يذكرنا حينما كتب هوميروس رائعته الخالدة « الإلياذة »كان يعبّر بقصائده عن البطولة والحب وهما مظهران ايجابيان في تلك الحقبة الزمنية ، وعندما يقوم النحات بصنع تمثال حجري لامرأة جميلة، إنما يعبر من خلال عمله الفني هذا عن إعجابه بالجمال الأنثوي ، وعندما يتحدث الشاعر في قصيدة ما عن وضع اجتماعي أو سياسي فإنما يعبر عن رؤيته من خلال فنه الإبداعي، وكان تعبير الشاعرة نيسان يؤكد رؤيتها واثبات لذلك الموقف الذي نوهنا عنه سلفا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا