الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا عزيزي كلنا منافقون

مها أحمد

2006 / 3 / 29
كتابات ساخرة


ازدهر الحديث في السنوات القليلة الماضية عن أخطار الحرب البيولوجية أو ما اصطلح على تسميته ( حرب الجراثيم ) وأخذت الحكومات تقرع نواقيس الخطر مسببة حالة من الهلع الهستيري بين الناس حتى أصبحت الأمهات تتجنب إعطاء أطفالهن الحليب المجفف خوفاً من الجمرة الخبيثة ، ثم راحت المطارات تغلق والرحلات تعلّق والحروب تشن بحثاً عن تلك الأسلحة .
إلا أن خطراً بيولوجياً مستفحلاً في المجتمعات البشرية تغفله تقارير الأمم المتحدة ولا تتنادى شركات الأدوية الكبرى لاستنباط علاج له رغم أنه يأخذ شكل الوباء الذي يجتاح العالم بسرعة جنونية .
وأعراض المرض المقصود لا تحتاج خبيراً لكشفها ويمكن لأيّ منا أن يراها في نفسه وصديقه وجاره ومحيطه كله . فبنظرة متجردة إلى مرآة الحقيقة نرى كم نحن لطفاء حدّ النفاق ، سلبيون حدّ الاستكانة ،متشابهون حدّ التكرار ،فارغون حدّ الفشل ، والأسوأ متلوّنون بلا حدود حتى يصعب على أية حرباء مجاراتنا في (التكيّف) و(التلاؤم) مع كل الظروف وجميع المعطيات ، كأننا شربنا من نبع واحد ملوّث بمكروب خطير لا يكاد يفلت منه إلا القليل ، والأفراد المستعدون لاحتضان هذا المرض أكثر من غيرهم هم الأشخاص الخائفون .
دوامة الخوف :
يقول عالم النفس الشهير يونغ بنظرية( الخوف البيولوجي) ذي المنشأ الاجتماعي ، ويرى أن تراكم الخوف من جيل إلى جيل يجعله ذاتياً ، أي يصبح قمعاً بيولوجياً ويغدو الفرد الجلاد والضحية في آن معاً ....
وإذا نظرنا حولنا نجد دوامة الخوف تبتلع الجميع ، فالموظف ينظر في عينيّ رئيسه قبل أن يتكلم محاولاً أن يستنتج ما يتوجب قوله الآن ، والكاتب يلهث طالباً إرضاء جمهور القرّاء ، والفنان يغازل الشارع ، والشارع يتعبد أمام أصنام القائد التي تملأ الميادين العامة .
ولأن الخائف هو الشخص الأقل مناعة والمرشّح الدائم للإصابة بفيروس الكذب نجد العالم موزّعاً بين حاكم يخشى غضب الشعب ( هذا النوع نسمع به فقط ولا نراه ) ومواطن يخاف بطش الحكومات فينافق أحدهما الآخر،وينافقان مجتمعين الدول الأقوى خوفاً من جبروتها ..
وعلى نطاق أضيق يبدأ نهار كلّ منا بحشد هائل من الأعباء والهموم تزيد إذا كان متزوجاً وتصبح لا تطاق إذا كان شريك حياته (مش ولا بد) ، حيث يضطر لرسم ابتسامة كاذبة وتناول قهوة الصباح مع ما يدور حولها من مجاملات وطلبات تحرم المرء خلوة صغيرة إلى نفسه ، وعندما ينطلق الواحد منا إلى عمله قد يخطر له أن يتصفّح الجرائد والمجلات ليصدم بمحررين يكذبون على القرّاء ومعلنين يخدعون الزبائن ومسؤلين ينافقون المسؤل الأكبر ، ولأن المثل العربي يقول من خاف سلم ،يقف كل مواطن عربي بخنوع أمام ربّ العمل يتملّقه مبدياً براعة في علم النفش ، مشيداً بحسن إدارة المؤسسة حتى لو كانت المؤسسة مرشحة لدخول موسوعة غينيس كنموذج لسوء الإدارة .
وقبل النوم لا بأس من جرعة أخرى تقدمها الفضائيات العربية التي تفبرك التقارير والأخبار تتصدرها مشاريع أميركا الكاذبة للتحرير والإصلاح ونشر الديمقراطية .
الكذب أكسجين النساء :
إذا كان الكذب ملح الرجال فهو أكسجين النساء ، وهن لا يقدرن على العيش دونه ، لا لأن في دم المرأة تسري كريات للكذب تجاور الكريات الحمر والبيض ولا لأن الجنس الأنثوي مفطور على المراوغة ،لكن كل ما يدور حولها يستدرجها للكذب وأحياناً يقسرها عليه .
ولأن الرجال يفضلون الفتيات الصغيرات على النساء الأكبر تختزل كل امرأة من عمرها بضع سنوات ، وبما أن قانون العرض والطلب هو المتحكّم بحياتنا وسلوكياتنا وحتى في علاقاتنا الحميمة وجب على المرأة ،التي تعامَل
كسلعة، أن تساير متطلبات السوق ... فإذا كان الرجل تقليدياً يفضّل المرأة الخام تلجأ الحبيبة إلى أحدث طرق الماكياج تطلي به أعماقها لتخفي ما قد ينم عن تجربة غير مطلوبة أو معرفة زائدة فتدعي الجهل حتى في المواضيع التي أصبح الأطفال يلمّون بتفاصيلها في عصر وسائل الاتصال الحديثة .
أما إذا كان الرجل (open mind ) يعشق الفتاة الجريئة ذات الشخصية القوية والذكاء المتقد فمن الضروري أن تعلن الحبيبة ثورتها على التقاليد الغبية وتجاري البدع الحديثة وتلعن ليا نهار المجتمع المتخلف ..
وهكذا تمضي المرأة حياتها تكذب وتكذب حتى تكاد تختنق تحت قناع سميك من الماكياج تتغير موضته وألوانه حسب مزاج الرجل الذي تحب : الأول يفضلها مرحة فترسم ابتسامة دائمة وتجعل من نفسه لوحة تضج بالصخب والضحكات المجلجلة حتى عندما يمزقها الألم ، والثاني يريدها متزنة فتلمّ شعرها في عقدة وترسم عقدة أخرى على وجهها ، والثالث يموت في خفر العذارى فتستدعي المرأة قناع الخجل واكسسواراته من تلعثم في الحديث وتعثر في المشية ..
وإذا كانت المرأة الأكذب فلأنها الأضعف والأكثر خوفاً من التعبير عن حقيقة مشاعرها وشخصيتها وميولها .
من الطبيعي أن يحاول أحدنا إيجاد قواسم مشتركة مع الآخر حبيباً كان أم صديقاً أو زميل عمل أو يسعى لخلق أرضية للقاء ، لكن المؤسف أن يتم اللقاء دوماً على أرض الأقوى وبشروطه دون أن يكون للطرف الآخر فرصة أن بكون نفسه لا نسخة معدّلة أو مسخ مشوّه يقال له كن فيكون ...
نفتقد البساطة في الإحساس واللغة والتفكير ، نفتقد الصدق والشجاعة وهذه كلّها مفردات الإبداع ، ونصفق طويلاً للطفل الذي رأى الملك عارياً فلم يسكت ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي