الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعدات: المواجهة أو الموت

سليم البيك

2006 / 3 / 29
القضية الفلسطينية


هل من كلام بعد الآن عن "سلطة" للفلسطينيين أو ما يسمى مجاملةً "سلطة فلسطينية"؟ سلطة على ماذا؟ "سلطة" تفتقر السلطة حتى على السجون الخاضعة لسلطتها. "سلطة" مؤسساتها مستباحة من أصحابها و متنفذيها. "سلطة" سجونها مستباحة من الخوذة "الإسرائيلية". "سلطة" استحلت فتح ساقي سجونها للعربدة "الإسرائيلية", أما أبوابها و حتى نوافذها فمفتوحة و على مصراعيها للشعب الذي سلطت عليه هذه "السلطة", مفتوحة لرموز النضال الوطني الفلسطيني و لمقاتلي الصهاينة, لأحمد سعدات و رفاقه الذين "ارتكبوا" فعل المقاومة و الثورة.
كان أحمد, أبو غسان, يقيناً بقدرة الجبهة الشعبية على الرد على جريمة اغتيال سلفه أمينها العام الشهيد أبو علي مصطفى, و كان أميناً حين صرخ على الملأ," العين بالعين.. السن بالسن.. و إنا حتماً لمنتصرون.. حتماً لمنتصرون", فوعد و أوفى و صفي دم الوزير الفاشي رحبعام زئيفي.
أبو غسان, القائد العسكري سابقاً في الجبهة الذي قال عنه الشاعر أحمد دحبور بأنه "يصنع من التراب باروداً". المثقف و السياسي الذي يدرك قارئ تحليلاته و مقالاته و حتى رسائله الحزبية بأنه ليس ذاك "الستيريوتايب" أو الصورة النمطية للقائد السياسي الذي هو بالضرورة مثقف وفقط لأنه القائد, بل أبو غسان هو المثقف لأنه أثبت ذلك بعقله و قلمه, لا بقراره السياسي أو الحزبي.
أبو غسان الذي ربط اسمه في وعينا بـ "الحرية". فكلما ذكر اسمه خطر على بالنا و بشكل اعتباطي فوري كلمة "الحرية" أو "أسر" و كأن كلا الاسمين المجردين "مدلولين" صار لهما "دال" و هو "أحمد سعدات".
أبو غسان, أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, خليفة جورج حبش و أبو علي مصطفى, هو ذاك اليساري العنيد, الثوري الديمقراطي, ولا تصدقوا من فرق بين الاثنين, هو من أخلص لطبقته في وقت خجل فيه الكثير من طبقتهم و صعدوا متطفلينً إلى غيرها, آملين بإمكانية الكسب على حساب فقراء فلسطين. هو من لم يتبرأ من شهداء فلسطين و شهداء اليسار في العالم, بل أوفى, و لنا في وفائه تجربة. لن أكتب عنه كإنسان, كصديق, كأب, و لن أقرب من الموضوع لأن الكلمات ستجرني إلى "حسد" من كان له شرف التقرب منه.
هذا الإنسان هو من اعتقل من قبل "السلطة" و "إسرائيل" على ما يفوق العشرين عاماً. هو من اختطف من سجن "السلطة" في أريحا إلى سجن "إسرائيل" في القدس. و لن أقول بتواطؤ أمريكي بريطاني كما ردد الكثير, فلم تعودانا على غير ما قامتا به من شراكة تامة مع "إسرائيل". أما بخصوص الاتفاقات مع "إسرائيل" أو أمريكا أو بريطانيا, فاعذروني, يقرفني الكلام في ذلك.
أبو غسان, قلتها على شاشات التلفزيون قبل ساعات من اعتقالك, "المواجهة أو الموت". في الوقت الذي سلم فيه أعضاء الأمن الوطني أسلحتهم من بداية النهار, و هم من استزلموا على الكثير من أفراد شعبنا, بقيتم أنت و رفاقك صامدون في "مواقعكم" و أنتم غير المسلحين إلا بإيمانكم بقوة و عدالة ما تناضلون و تؤسرون لأجله, إلى أن حاصركم الجيش "الإسرائيلي" من جميع الجهات, و حتى من السماء, و هدم كل ما يحيط بكم من سجون, و ما بقي إلا "موقعكم" المحصن بكم ليهدم, فخرجتم لأجل فلسطين و لأجل رفاقكم و أبناء وطنكم و مناصريكم. خرجتم لتكملوا مسيرة النضال في الأسر الآخر, كي لا تنتحروا جالسين بانتظار السقف و الجدران لتهدم. اخترتم الحياة لأنها السبيل الوحيد لمواصلة النضال, فأنت, من معتقلك في القدس, من ذكرنا بما ما نعرفه, "أينما أكون ستكون ساحة نضال". لم تهرب إلى الموت و بإمكانك المواجهة و الانتقال لساحة نضال جديدة قديمة.
كعادتك تنتقل من أسر إلى آخر, من زنزانة تزينها صورة جيفارا و مكتبة, إلى أخرى تلحقك إليها صور لجيفارا و كتب.أبو غسان, ننتظر اليوم الذي نكف فيه عن ربط اسمك بكلمة "الحرية", ننتظرك حراً, لننتظرنا أحراراً, و أنت على كل حال من أولائك الذين لا يطالهم من الأسر إلا نقيضه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة