الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يرى السوريون ضرورة مناهضة العولمة ؟

ناهد بدوي

2003 / 3 / 16
العولمة وتطورات العالم المعاصر




زمن طويل من العزلة والانغلاق مر على سورية مما أوجد شعوراً عاماً عند الكثيرين منهم بأن الانغلاق هو وراء كل ما حل بسورية من خراب و فشل اقتصادي. وكرد فعل أصبح فتح الأبواب أمام رياح العولمة هو الحل الشافي لكل المشكلات. وكجميع ردود الأفعال المتسمة دائما باللاعقلانية نجد أن هذا الطموح يرى أن تحقيق الانفتاح بأي ثمن والرضوخ لجميع شروط ومتطلبات منظمة التجارة العالمية دون نقاش وإتباع وصفات صندوق النقد الدولي هو الطريق السحري الذي يخلق نمراً آسيوياً جديداً في سورية. ربما يستند هذا الميل إلى حقيقة موضوعية مفادها أن الروابط والصلات العالمية المكثفة هي من سمات الاقتصاد الحديث، وانغلاق أي بلد في العالم يؤدي إلى فشل اقتصاده وخروجه من الحداثة وبالتالي من التاريخ. وهذا صحيح... إلا أن في ذلك تجاهلاً لحقيقة موضوعية أخرى وهي أن قانون الغاب مازال ساريا في العالم وهذا ما يتيح للأقوى اقتصاديا إعادة إنتاج اقتصاد العالم بما يتناسب مع مصالحه الخاصة. والأقوى الآن بلا منازع هو الولايات المتحدة الأمريكية. لذا أضحت العولمة الراهنة هي أمركة بامتياز وعولمة إمبريالية بشكل جلي تقودها طغمة رجعية تحاول مصادرة كل ما أنجزته البشرية من قيم إنسانية وديموقراطية التي حققتها الشعوب من خلال نضالاتها الطويلة، في سبيل الحفاظ على السيطرة وتحقيق الحد الأقصى من الأرباح.
من هنا تنبع الضرورة الموضوعية لمناهضة العولمة بما هي سيادة منطق الأقوى ومناهضة المبدأ الرئيس الذي يحركها في الوقت الراهن وهو مبدأ الربحية الأعلى على حساب شعوب بأكملها وعلى حساب كل ماهو جميل وإنساني. ولكن كيف يقاوم الضعيف في زمن سيادة مبدأ القوة القاهر؟. يقاوم بألا يكون ضعيفا وأن يناضل من أجل حلول اقتصادية واجتماعية تناسبه وحيث لا يتجاهل وينعزل عن العالم. يقاوم بأن يبني قوة حقيقية مغايرة، وبأن يكون جزءا فاعلا في تحالف عريض على صعيد العالم يضم القوى الخيرة والمقاومة كلها لمنطق الربح والاستغلال، يضم القوى في العالم كلها التي تؤمن بأن تحقق إنسانية الإنسان هو مرتجى العلوم والتكنولوجيا والاتصالات والأفكار والفلسفة كلها....الخ
لقد بزغت بالفعل إرهاصات تشكل هذا القطب العالمي المناوئ، والتي بدأت بالتجمعات العالمية لمناهضة العولمة. وقوة هذا القطب العالمي المرتقب تأتي من القوة التي تمتلكها الشعوب والمستغلون والمهمشون حين تعي مصالحها وتتحد... فهي في النهاية مصلحة الأغلبية في العالم أي مصلحة الإنسان بشكل عام.
وكما يحدث على صعيد العالم حيث تسير العولمة لمصلحة الأقوى، يحدث عندنا في سورية. حيث أن ما يرفض من العولمة أو ما يمرر من قوانينها تمريرا من قبل الفئات المسيطرة تحكمه دائما المصالح الخاصة لهذه الفئات فقط.
هذا ما يجعل السوريين من أحوج الناس لوعي ضرورة مقاومة هذه العولمة الجائرة. نقول "وعي" لأن الواقع عندنا مراوغ في هذه القضية والحاجة الملحة للديمقراطية تجعلهم فريسة سهلة للخطاب الديمقراطي المزيف المرافق لفرض العولمة الراهنة. هم أحوج الناس كي يبنوا انفتاحا عقلانيا ينطلق من المصالح الحقيقية لأغلبية الناس ومن وعي تجارب البلدان المجاورة والعالم.. وليس مجرد ردة فعل على زمن الانغلاق الطويل. وبهذا يكون الدور الحاسم في هذا الوعي للتثقيف والإطلاع وتحليل الواقع الملموس لإيجاد الحلول الناجعة لمشكلاتنا المستعصية والتواصل مع العالم لبناء الإنسان المفكر الحر الذي لا يؤسس أفعاله على ردود فعل لاعقلانية ومحافظة. هكذا فقط نستطيع تأسيس حركة مناهضة للعولمة الإمبريالية حقيقية نابعة من رؤيتنا وحاجاتنا وليس فقط موضة نستوردها■
*******************

البديل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات