الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكرم الحوراني - استعادة رجل واستعادة مرحلة

معقل زهور عدي

2006 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أكرم الحوراني _ 1911- 1996 ( استعادة رجل واستعادة مرحلة )

خلافا للخط السياسي لأكرم الحوراني بعد الوحدة الذي يثير الجدل ، تبدو الانجازات السياسية لهذا السياسي البارز الذي بزغ نجمه بانتخابه نائبا عن حماة عام 1943 وحتى اعلان الوحدة عام 1958 كافية لوضعه بين أهم الشخصيات السياسية التي صنعت تاريخ سورية الحديث .

قلة من السياسيين السوريين كانت تملك كاريزما الحوراني وقوة شكيمته وقدرته الفائقة على المناورة ، والأهم من ذلك استناده الى قاعدة اجتماعية فاعلة وذات حضور .

بتوجهه للفلاحين ودفاعه المستميت عن كرامتهم وحقوقهم خرج الحوراني عن السياسة التقليدية وتحول الى زعيم ملهم لحركة تحرر اجتماعي ، لقد كان هو من أعطى لحزب البعث ملامحه الاشتراكية ، وحوله من حزب نخبوي غارق في ايديولوجيا مقتبسة عن الفكر القومي الألماني الى حزب ذي بعد اجتماعي – شعبي ، وبالتالي تسبب في ادخال تعديلات على الفكرة القومية دافعا بها نحو الارتباط بالوطنية وبالطبقات الشعبية .

صنع أكرم الحوراني تاريخه السياسي وخاض معاركه من موقعه كنائب عن حماة في البرلمان منذ العام 1943 وحتى 1957 حيث أصبح رئيسا للمجلس النيابي ، وبارتباطه مع الحياة البرلمانية تكون وعيه بأهمية الديمقراطية السياسية ، ذلك الوعي الذي لازمه طيلة حياته .

كتب أكرم الحوراني يصف تلك المرحلة العظيمة من تاريخ سورية حين استطاعت الديمقراطية أن تصنع وحدة وطنية حقيقية في وجه التهديدات الخارجية ( لقد حدد اليمين الوطني موقفه نهائيا الى جانب الشعب بفضل التهديد الأمريكي والتركي لسورية ولم تعد القضية قضية حزب البعث العربي الاشتراكي أو قضية اليسار في سورية بل أصبحت قضية الشعب بكامله ) .

( حين قررت قيادة الجيش استئناف التدريب لجميع الاشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40-80سنة ابتداء من 29/8/1957 كان اقبال الشعب السوري على التطوع في فرق المقاومة الشعبية يفوق التصور ، وأصبح مألوفا أن نرى السلاح في أيدي النساء المحجبات اللواتي كن قابعات في أعماق الأحياء الشعبية ، كان السلاح بيد الجميع لأن مقاومة الاستعمار وتحديه وارادة العيش ضمن النظام الديمقراطي والكرامة الوطنية قد صهرت في نارها المقدسة شعب سورية العظيم ، ان سر قوة سورية هو التفاف الشعب حول السياسة التي ارتضاها لنفسه واستعداده الدائم للدفاع عنها وكذلك الاتحاد والتلاحم بين الشعب والحكومة ) .

عشية انتخاب أكرم الحوراني رئيسا للمجلس النيابي عام 1957 قال خالد العظم للمجتمعين : ( انكم سوف تدعون غدا للاقتراع ليس بين الاشتراكية وغير الاشتراكية ، ولكن بين السياسة العربية التحررية والسياسة المشبوهة ) مقدما بذلك دعمه القوي لانتخاب الحوراني .

الديمقراطية صنعت الوحدة الوطنية وبالديمقراطية واجهت سورية التهديدات الخارجية بقوة ونجاح أما اليوم فالاستبداد يفتت قوة الشعب ويضعف قدرة سورية على مواجهة التهديدات ، ويجعلها عرضة للمخاطر ويزعم في الوقت ذاته أن التهديدات الخارجية مبرر لديمومته الى غير نهاية ( هنالك دائما مخاطر خارجية ) .

استعادة تلك اللحظة الذهبية من تاريخ سورية تعني استعادة رموزها ورجالها ، وأكرم الحوراني واحد منهم ان لم يكن من أبرزهم .

قد أختلف مع أكرم الحوراني في موقفه من الانفصال ، وأعتبر ذلك خطأ سياسيا تسبب في عزل تيار وطني هام لفترة، وساهم في صنع الخلل في ميزان القوى الذي مهد لتفرد تيار داخل حزب البعث بالسلطة وطرحه نظرية الحزب القائد ، لكن ذلك لايعني شطب انجازاته السابقة على الوحدة ، والتقليل من قيمتها .

وهنا يتساءل المرء : لماذا استمر نفي أكرم الحوراني خارج بلده حتى بلغ الشيخوخة وأقعده المرض ؟
ولماذا يحرم بعد موته من ان يدفن في تراب بلاده ؟
ذلك أكبر من أن يفهم أو يتحمله العقل .
لقد آن لسورية أن تستعيد أكرم الحوراني وآن لهذا الفارس ان يترجل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة