الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان حرش بيروت 2018 : الإهتمام بمسرح المقولات السياسية والإجتماعية

علاء موفق رشيدي

2018 / 8 / 15
الادب والفن


مهرجان حرش بيروت 2018 : الإهتمام بمسرح المقولات السياسية والإجتماعية


أقيمت فعاليات مهرجان حرش بيروت هذه السنة على مدار يومين متتالين وهو من تنظيم جمعية السبيل – أصدقاء المكتبات العامة، ومؤسسة هينريش بل – مكتب الشرق الأوسط. المهرجان سنوي وهو يقام أكبر حديقة عامة في بيروت. تضمن البرنامج مجموعة من العروض الفنية والموسيقية، ومشاركة متميزة للعديد من المنظمات والمجموعات الناشطة في القضايا البيئية والمجتمعية التي قدمت نشاطات متنوعة.

بدأت النشاطات مع عرض موسيقي للكشاف الوطني الفلسطيني، فرقة ( بيت أطفال الصمود )، وهم يقدمون عروضهم الموسيقية بالإعتماد على الآلات النفخية المعروفة في التراث الفلسطيني، لذلك يحمل هذا العرض عنوان ( عرض موسيقي على مزمار الجراب ) ، وهو آلة موسيقية تتألف من كيس مصنوع من الجلد، ومزمار يستعمل العازف للنفخ فيه، وهذه التسمية العربية أي ( مزمار الجراب )، هي تسمية قديمة وردت في كتاب ( الكافئ ) في الموسيقى لإبن زيلة المتوفى عام 1048 م. يهدف هذا العرض إلى تعريف الجمهور بالموسيقى التراثية الفلسطينية ونشر ثقافة التوعية الموسيقية ودورها في صناعة الوعي الثقافي للجمهور.

وفي إطار ورش العمل الموسيقية أيضاً، قدمت فرقة Walkabout Drum Circle، أربعة ورش عمل مدة الواحدة منها 15 دقيقة، تم فيها التدريب على قرع الطبول بإيقاعات وموسيقى لأغان من غرب افريقيا، وهي ورش عمل موجهة لجميع الأعمار وبغض النظر عن الخلفيات الثقافية كما تشير الفرقة التي تعمل بإدارة الفنان اللبناني ( جاد بلبان )

ضمن فعاليات المهرجان أيضاً أقيمت ورشتان عن فنون السيرك، الفعالية الأولى قدمتها فرقة Clown Me In. الفرقة حققت حضوراً فعالاً في مجال الأنشطة التفاعلية منذ تأسيسها على يد الفنانة اللبنانية سابين شقير، والفنانة المكسيكية غابريلا مينوز. تستعمل الفرقة فنون التهريج من ألعاب وسحر وخدع وبهلوانيات لنشر ثقافة الضحك، الغاية من أنشطتها هو تقديم الفرصة لإكتشاف المزايا الإنسانية للفئات المحرومة وتعرف الفئات الأخرى على أوضاعهم الصعبة فتبث روح التعاون والتفاهم بين الفئات الإجتماعية المختلفة. الفعالية الثانية المتعلقة بفنون السيرك أقيمت في اليوم الثاني مع فرقة ( سيركنسيال )، حيث قدمت عرضاً مسرحياً لتعزيز ثقافة السيرك الذي تراه الفرقة أداة للتنمية الجسدية والمعرفية والإجتماعية.

فرقة ( أصدقاء الدمى ) قدمت أول العروض على خشبة المسرح الرئيسي للحرش، وهو بعنوان ( آلة الزمن )، يروي حكاية لقاء بين فتاة وسحلفاة جريحة، تسعى الفتاة إلى مساعدتها، وأثناء هذه الرحلة في محاولة مساعدة الحيوان الجريح تكتشف الفتاة كيف أن أفعال البشر تؤثر على مستقبلهم، وأن مصير الإنسان مرتبط بالأفعال التي يقوم بها في حاضره.

تلاها، عرض مونودراما مسرحية بعنوان ( جوغينغ ) وهو من كتابة وأداء وإخراج الفنانة المتميزة (حنان الحاج علي )، التي كانت قد قدمت هذا العرض سابقاً في عدة مناسبات، لكنها ما تزال تطور عليه كما أشارت الفنانة أثناء العرض.

تنجح الفنانة ( حنان الحاج علي ) بتقديم عرض يداخل بين عدة مستويات؛ منها الذاتي حيث تروى حكاية عن الحياة الخاصة لحنان، علاقتها بالمدينة بيروت، الأزمة التي عايشتها بسبب إصابة أحد أبناءها بمرض عضال، وعن رغباتها الفنية المتمثلة في تقديم شخصية ميديا الإغريقية على المسرح، ومن هنا ندخل إلى المستوى الثاني حيث تقدم الفنانة شخصية ميديا اليونانية حسب تأويلها ورؤيتها لهذه الشخصية والتي تسقطها على جميع الأمهات العربيات اللواتي يجبرن على الدفع بأبناءهن وبناتهن إلى الهجرة والمجهول لأنه أكثر أماناً عليهم من العيش في مجتمعات عربية لا تعطي الحقوق الكاملة لمواطنيها وتنتقص من معاقبة المجرمين، مستوى ثالث تروي فيه الفنانة حكاية (إيفون) القصة المسمتدة من الواقع لأم لبنانية سممت بناتها وانتحرت بعد أن سجلت لزوجها المقيم في الخليج شريط فيديو من 45 دقيقة أخفي عن الجمهور والرأي العام اللبناني، وأخيراً تروي المسرحية عن شخصية ( زهرة ) الشيعية اللبنانية التي تروي عن قصة الحب التي عاشتها، عن زواجها، وعن الإعتقال الذي تعرضت له على يد السلطات الإسرائيلية، وصولاً إلى فقدانها لإبنها الثالث والأخير في الحرب السورية حيث تشارك عناصر لبنانية مقاتلة من حزب الله في الصراعات الدائرة هناك، تبين رسالة الإبن بأنه فارق الحياة بسبب تمرده وعدم انصياعه إلى الأوامر الحزبية التي تجبره على القتال.

عرض مسرحي آخر بأبعاد اجتماعية وسياسية يقدمه المهرجان وهو بعنوان ( أيوبة ) من كتابة وإخراج عوض عوض، ومن تمثيل كل من عليا الخالدي، ميرا الصيداوي، وتالا النشار. وهو عن سيرة ذاتية لسيدة فلسطينية تقطن في مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

( أيوبة ) يروي سيرة نموذجية لإمرأة لاجئة تعاني من القيود والمحرمات الإجتماعية الممارسة عليها من قبل المجتمع الذكوري. النص يعرض إلى قضايا المرأة بإمتياز ويدمجها مع قضايا الهجرة واللجوء، والمحطات الرئيسية في الصراع العربي الإسرائيلي. يبرز في الأسلوب الإخراجي القدرة على توزيع روي السيرة الذاتية لإمرأة على ثلاث ممثلات تنتمي كل منهن إلى مرحلة عمرية مختلفة، فيتابع المتلقي تداخلاً في الروي بين النساء الثلاث، فيمكن للمرأة الطاعنة في السن أن تروي عن المرأة العشرينية، ويمكن للمرأة المتزوجة حديثاً أن تروي عن مرحلة التقدم في العمر والكهولة، كذلك تروي الصبية عن تجربة الأمومة ضمن شرط اللجوء الفلسطيني.

لمسرح الحكواتي التقليدي مساحة أيضاً في فعاليات المهرجان من خلال عرض الحكواتي الذي قدمه الفنان جهاد درويش راوياً حكاية الوزير وخاتم الأجداد والتي تفيد مقولتها بأن ليس بعد قمة السعادة إلى مرحلة حزينة، وليس بعد قمة الحزن إلى إنفراج السعادة. حكاية أخرى يختارها الفنان ليروي عن ثلاثة مسافرين نحات، خياط، وشاعر تمكنوا من بث الحياة في جذع خشب وتحويله إلى امرأة حقيقة كل بحسب مهارته واختصاصه. تفيد هذه الحكاية بأهمية شرط الحرية لكي يتكامل أي كائن مخلوق، فبغير الحرية لا تكتمل التجربة الحياتية الحقة. أما الحكاية الأخيرة والأطول تبين أهمية القصص في الحياة الإجتماعية والسياسية للبلاد، من خلال قصة أمير يرفض التحدث أو التفوه بأي كلمة إلا أن تنقذه فتاة ماهرة بسرد القصص، فتدفعه إلى التحدث وتكوين رأي عن القصص التي تسردها، وبهذا تهيؤه ليحكم البلاد من بعد والده الملك.

في ختام فعاليات كل من اليوم الأول والثاني للمهرجان قدمت حفلة موسيقية اختتمت الأنشطة. قدم الحفلة الموسيقية الأولى الفنان سامي حواط وفرقة الرحالة بأداء مختارات من أشهر أغنيات أرشيف الفنان ومسيرته الموسيقية. أما في اليوم الثاني فكان النشاط الأخير حفلة موسيقية من الأغاني الشعبية التي قدمتها الفنانة نسرين حميدان وفرقتها الموسيقية.

يحسب للمهرجان والقائمين عليه القدرة على الجمع بين الفنون الترفيهية التي تخاطب العائلة بأجمعها مثل ورشات العمل الموسيقية التفاعلية، وورشات العمل الخاصة بفنون السيرك. كما تنوعت أنواع العروض المسرحية المقدمة من تلك الخاصة بمسرح الدمى العائلي إلى العروض القادرة على نقل مقولة سياسية واجتماعية للمتلقي مثل عرضي ( جوغينغ ) و ( أيوبة )، لكن الكثير من المتابعين لفعاليات المهرجان أخذوا عليه قصر المدة الزمنية ليومين فقط، وتطلبوا أن تمتد أيامه وفعالياته لمدة زمنية أطول تعيد لسكان مدينة بيروت هذه العلاقة الإستئنائية مع أكبر مساحة خضارء طبيعية في مدينتهم، بالإضافة إلى الفائدة الثقافية والفنية التي يقدمها المهرجان لسكان المدينة.

علاء رشيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط