الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيئة السياسية في العراق

سلام قاسم
كاتب وإعلامي

(Salam Kasem)

2018 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


البيئة السياسية في العراق
ثمة خصائص معينة للبيئة السياسية في العراق قبل عام 2003 إذ تركزت السلطة عسكرياً ومدنياً وأمنياً في شخص رئيس الدولة، وكان يزاول صلاحياته المطلقة من خلال العنف والقمع من أجل الحفاظ على نظامه السياسي، هذه المركزية المطلقة أو ما يسميه افراد المجتمع العراقي بالنظام الدكتاتوري، أدى الى نشوء أسرة حاكمة سميت فيما بعد بالعائلة الحاكمة رغم أن نظام الحكم في العراق نظام جمهوري ديمقراطي هكذا يفترض، بالنتيجة أن هذه الأسرة ومن أجل ديمومة بقائها أعطت أهمية أستثنائية للأجهزة القمعية على حساب الأجهزة التي تعمل لصالح المجتمع اقصادياً وثقافياً، بالنتيجة غابت عنا ولعقود طويلة القوى الوطنية المعارضة للنظام نتيجة لفترات القمع الطويلة، حيث اصبح الحاكم له السلطة المطلقة حتى انه انتخب حاكماً مطلقاً مدى الحياة في مفارقة عجيبة، ومن هنا جاء عزوف المواطن العراقي في المشاركة السياسية لأنه بات غير مؤمن بجدواها.
بعد عام 2003 تغير نظام الحكم في العراق من نظام رئاسي يعتمد على المركزية المطلقة الى نظام برلماني ديمقراطي، لا يختلف اثنان أن تجربة الديمقراطية في العراق تجربة جديدة إذ بعد عقود من الظلم والقهر تنفس الشعب الصعداء وراح يعبر عن ارائه بمنتهى الحرية ويختار ممثليه عبر صناديق الأقتراع، لكن برزت في المجتمع قوى سياسية جدية منها دينية وأخرى علمانية:
أولا. القوى السياسية الدينية استطاعت هذه القوى الى جر البلد الى سلفية الفكر من خلال الدعوة الى اعتماد الفكر الديني انموذاً لها في الحكم من خلال بعض الشخصيات التابعة الى البيوتات الدينية في النجف الأشرف والتي حولت النظام الديمقراطي الى نظام عبادة وتأليه لأشخاص بعينهم وأعتبارهم رموزاً مقدسة لا يجوز المساس بها وهم الحكام الفعليين للمجتمع وكان من نتائجها جر البلد الى الأيدلوجيات الطائفية والدينية.
ثانيا. القوى العلمانية والماركسين العراقيين، هؤلاء بعد عقود من الحيف الذي لحق بهم عبر إعدام وتشريد العديد منهم عادوا مرة أخرى للمشاركة في العملية السياسية، لكنهم بقوا أسرى للماضي محاولين تطبيق نماذج طبقت في بلدان أخرى وفي مرحلة تاريخية معينة أكل عليها الدهر وشرب فما زالت مقولات ماركس هي التي تقود خطاهم متناسين أن مجتمعنا يختلف كلياً عن مجتمع ماركس وزمانه يختلف كثيرا عن زماننا.
ثالثا. نشوء وسائل اعلام حديثة تابعة لشخصيات سياسية ودينية عملت جاهدة على تربية الأفراد على الرؤية الواحدة وعبادة الفرد وعدم قبول الآخرين، من خلال الترويج لهذه الشخصيان وإضفاء صفة القدسية عليها.
في كلا الحالتين أي قبل وبعد عام 2003 وجد الموطن العراقي أن حقوقه مسلوبة وثرواته مسروقة وكرامته مهدورة لذلك سعى الى الأحتجاج السلمي والذي تطور نتيجة الى استخدام الدولة العنف المضاد في مواجهة حركة الاحتجاجات الحاصلة في البلاد، وكلما ازداد عنف الدولة ازداد غضب الجماهير المحتجة، لسبب بسيط أن الجماهير المحتجة توصلت الى قناعة مفادها، أن لا سبيل للتفاهم مع القابضين على السلطة إلا با للغة التي يفهمومنها ويستخدمونها وهي العنف، الأمرالذي ادى الى دخول المجتمع بدوامة عنف لا نهائية.
إذا ما استمر حال البلد على ماهو عليه وإذا ما حاولنا استشراق المستقبل ، فأن حركة الاحتجاجات ماضية وسوف تتزايد حتما، وربما تنتقل الى اماكن أخرى ساكنة حاليا من أرض الوطن، الأمر الذي ربما يؤدي الى ظهور دويلات طائفية وقومية لتحل محل البلد الواحد، قد يبدوا هذا السيناريو تشاؤمي لكنه قريب الى الواقع، أو أن تقوم إحدى التيارات الاسلامية ذات النفوذ الواسع والتأثير القوي على المجتمع لتسلم مقاليد الحكم لأنها تملك القاعدة الشعبية والمال والسلاح، وعندها سينتقل المجتمع الى دوامة عنف جديدة لا تنتهي، أو أن يتدخل الجيش في الحياة السياسية خاصة وأن الجيش يعتبر الأكثر تنظيماً وعندها سيكون للحكم العسكري اسلوبه الخاص في ادارة شؤون البلد بعيدا عن النهج الديمقراطي لأن العسكر معتاد على أما تلقي الأوامر أو إصدار الأوامر بمعنى أن الديمقراطية ليست جزء من حسابات العسكر، أما الحل الأمثل يكمن في أن تقوم الدولة بتطوير نفسها عبر الاعتماد على الكفاءات في إدارة شؤون البلد والأبتعاد عن نظام المحاصصة والتوافقية واحالة الفاسدين الى المحاكم والسعي الجاد لتوفير الخدمات من ماء وكهرباء واحترام الرأي والرأي الآخر.
سلام قاسم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار