الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استير ؛ أخت يهوذا الأسخريوطي....

عساسي عبدالحميد

2018 / 8 / 17
الادب والفن


ن أردتم أن أحدثكم عن أخي يهوذا؛ ذاك الذي رسم قبلة حارة على وجنة يسوع في الجثسيماني؛ فدعوني هنيهة ألملم شتات أفكاري؛ و أسترجع بعضا من أنفاسي؛ لأن الحزن ما زال يسكنني و يقطع أوصال قلبي كسكين حادة كلما تذكرت أخي الحبيب ؛ أو كلما مررت من وادي هنوم الرهيب قرب حقل دما حيث رمى يهوذا بنفسه من مرتفع شاهق بعد أن طرح الثلاثين من الفضة في الهيكل.
.
كان أخي يهوذا في صغره يحضر لي قصب الخيزران لأصنع منها عرائس البوريم؛ و يصنع لي أيضا تيجانا من زنابق الحقل وأزاهر شارون ؛وكان يلاعبنا نحن إخوته و يردد على مسامعنا المزامير بصوت جميل ؛ و يقص علينا ملاحم الملك داوود و قورش العظيم وموسى النبي .
.
كان أخي مطيعا و خدوما لوالديه؛ وما زلت أذكر وهو يساعد أبي في بناء خيمة عيد المظال؛ أو عندما كنا نرافقه لكرمنا بوادي الصفصاف في موسم القطاف وعصر العنب ؛ وكنت افتخر بذلك وسط بنات قريوت و سائر اليهودية خاصة بعد ان صار أخي من أتباع يسوع الناصري.
.
نعم ؛لقد تبع أخي يهوذا يسوع بحماس منقطع النظير؛ تماما كما فعل بطرس و يوحنا و توما و غيره من شباب اليهودية والجليل الذي حملوا كلمة يسوع الى أمم المسكونة بينما كان قدر أخي يهودا أقسى من تجرع السم ..
.
لقد حرمت على نفسي حضور الفصح في أورشليم و الذهاب الى الهيكل لأن الشعب يشير إلي قائلا؛ هذه أخت من سلم يسوع الناصري لكي يصلب على تلة الجلجثة ؛ لقد صرت أشبه بثامار ابنة داوود التي وضعت رماد العار فوق رأسها ؛ بل مصيبة ثامار أهون من مصيبتي أنا.
.
كنت أنا و أمي مع الجموع الهاتفة بالهوشعنا على أبواب أورشليم في الفصح الأخير ليسوع؛ حيث فرشنا له سعف النخيل و اطراف أثوابنا؛ يومها استقبلناه كملك محرر مخلص؛ وكنت فرحة بأخي وهو في موكب يسوع وهو يدخل أورشليم؛ و الحق أقول أني كنت أطيل النظر في أخي يهوذا أكثر من إطالتي في الناصري وهو راكب على جحش ابن أتان و الجموع تهتف هوشعنا لابن داوود.
.
كان أخي يثق بيسوع؛ ويقول لي دائما إن هذا الآتي من ناصرة الجليل سيعيد المجد لمملكة داوود ؛ فهذا الذي يرتعد الموت من أمامه؛ وتفر الأسقام و الأرواح الشريرة من نظراته؛ قادر على دحر روما وكل أعداء اسرائيل .
.
كان أخي يريد مواجهة صريحة بين يسوع و أعدائه ؛ و لهذا رسم قبلة على خد معلمه ظنا منه أن يسوع سيقضي على قادة روما و شيوخ السنهدريم بكلمة واحدة؛ أو بسوط ناري قاصم من السماء .
.
و الحق الحق أقول؛ لقد انتصر الناصري على روما و السنهدريم حتى وهو على الصليب متوجا بشوك السدر والعوسج ؛يومها تمخضت الأرض بموتاها و اكفهرت السماء و أبرقت و تمزق ستار الهيكل.
لقد صار اليوم ليسوع جيش سيجتاز به نهر الأردن و اسوار اريحا؛ وسيعبر تلال فيلادلفيا وما وراء أنطاكيا؛ لينتصر على جميع الجبابرة والقياصرة بقوة الكلمة الحية..
.
صدقوني لم يكن أخي يهوذا شريرا أو قاطع طريق ؛ بل كان محبا ليسوع و عاشقا لليهودية وعطوفا على بني جلدته.
.
واليوم وقد مرت سنون عديدة على حادثة الجثسيماني ؛ وكلما ذكرتني نسوة قريوت بقبلة أخي على خد يسوع إلا هرعت وانزويت لوحدي؛ لأبكي بكاء حارا مريرا و أسكب دموعا حارقة على أخي الحبيب يهوذا. ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05