الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لأَنَ الحياة مواقفٌ و عبر ..

المختار كربوعة بن ثامر

2018 / 8 / 17
الادب والفن


تذكَر أن موقف مثقفي ووجوه الاعلام و السياسة عندنا من وقفةِ الجلفة و غضبة ورقلة و الأغواط مؤخراً ، يكشف عن حقيقة هؤلاء و يُعري حقيقةً وجوههم ..و لأن الأيام تتوالى و لا تتشابه ( أعرف عدوك بل أحسن في الطريق بعد أن تُدرك البوصلة اختيار الصديق و الرفيق ) وما ردود ما يزعمون أنهم مثقَفينا و فنانينا و أوجه نظرهم تلك المتباينة و انْ بدتْ ، تعددت شكلا و اتفق لسان حالها على الاستهجان كأنها لسان حال السلطة بل هي أشد ظُلماً، لأن لسان حال السلطة التزم الصمت و تعامل مع الوضع بالصمت ، لم نسمع له ردود رسمية أو غير رسمية الى حد الآن تجاه أبناء القضية ،ممن وقفوا يوم 29 جويلية بمدينة الجلفة لرفع لائحة مطالب كلها تنموية بالأساس و تصب في مصلحة المواطن و بالتالي مصلحة البلد ، و ضرورة اعتبار أبناء الجلفة وورقلة و الأغواط و غيرهم من مناطق الوطن مواطنين لهم كافة الحقوق مثلما عليهم كافة الواجبات ليسوا بحاجة الى صدقات أو صندوقٍ للتبرعات ، بل هم فقط يناشدون أهل الحل و الربط في البلد الى تكافؤ الفرص كما يقتضيه مفهوم المواطنة و تقتضيه اللوائح و القوانين .
انَ تلك المواقف التي طفت على السطح مؤخراً و استهجنت وقفة و صرخة أهل الجلفة وورقة و حتى مدن أخرى لالشيء إلا لأنها جاءت في ظرف أو خضم تلك الحفلات الغنائية ، ولو أن وقفة الجلفة قد سبقت ما يسمى بموجة مقاطعة الحفلات الغنائية ، الجلفة الولاية المليونية التي فقدت أحد رموزها العقيد أحمد بن شريف رحمه الله منذ أيام كانت وقفتها وقفة استهجان و صرخة ضد تناسي بل و تعاطي السلطة و النظام مع رموزها و حاضرها بل و مستقبلها في التنمية بشكل عفى عليه الزمن و شرب وهي الولاية التي تحتل المرتبة الرابعة من حيث تعداد السكان ، فرفع أبنائها من الشرفاء لائحة مطالب شفافة و لا تقف في مواجهة الادارة و يمكن لأي جزائري أن يطلع عليها بيسرٍ و سهولة فهي متوفرة على المواقع.
تلك الوقفات في مجملها عفوية و متنوعة ، لكن مُتَفقة و بل مُلَتفة حول أهدافها و مضامينها ، بصوت واحد لا يقبل التأويل أو المزايدة كأن لسان حالها يقول : لا نقبل الثقافة التي لا تُعبر عن ذوقنا الأصيل كان الأجدر بما يُسمى »بـ: الطبقة المثقفة « أن تتخذ موقفاً محايداً في وجه مطالب اجتماعية بالأساس تصب في خانة تحسين ظروف المعيشة و الحياة لأجل وطن يسع الجميع رغم كل اختلاف ، أو على الأقل أن تقفَ في صفِ المظلوم المثقل بأعباء الحياة و الذي رفض دون توجيه من أحد و بالطرق السلمية المتاحة ،بطرق المواطنة ومبدأ حرية التعبير في الأماكن العامة رفض رفضاً قاطعاً أن تُقام في أرضه مثل هذه الحفلات التي لا تمت للفن بصلة و لا لثقافة البلد ، لكن للأسف هناك من أوقف الرقص لكن هل للدولة الجرأة و الأدوات اللازمة لوقف العبث بمالنا العام و فتح تحقيق في صرف الأموال و طرائق تسيير كل من الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الديوان الوطني للثقافة و الإعلام ؟ أم أن الأمر فقط يقتصر على اقامة محاكم تفتيش على الذوق العام ؟.
آن الأوان ...
نُراهن على الثقافة كأداة لصناعة الوعي ، و نُراهن على الفن الراقي كأداة للرفع من ذائقة الناس بما يسمو بذواتهم نحو عوالم تنسيهم ارق الحياة و تعطيهم في الآن ذاته نفساً جديدا للشعور و الاحساس بكينونتهم الانسانية داخل نسق اجتماعي معين ، ووفق سيرورة زمنية بعينها يقبلها الظرف و يٌصدقها الحال ، بعيداً عن التشويش و الهاء الناس عن قضاياهم الأساسية الوطنية .
الثقافة ليست زيادة على اللزوم بل ضرورة في حالنا اليوم خاصة لما تكتشف أن العدو في اتفاقية ايفيان ينص على السعي الحثيث لطمس الهوية الجزائرية .
في روسيا الجندي الروسي يعلم بأنه يحمل السلاح لأنه يُدافع عن حدوده هذه الحدود هي تراثه الانساني الذي خلده التاريخ قبل كل شيء يُدافع عن مؤلفات ديستوفسكي و أفكار تولستوي و مآثر تشايكوفسكي يُدافع عن حدود قومية لها امتداد في الذاكرة الوطنية لشعبه ..
لا أحد يمكن له أن ينُكر دور الثقافة في صناعة الوعي و نهضة الأمم الحراك الأخير المقاطع لحفلات هنا و هناك راجع لعدة أسباب لا يمكن الخوض فيها و لكن قد يكون من بينها وهو الأرجح رد فعل عفوي لأوضاع معيشية صعبة نتيجة احتقار السلطة و جهلها و تجاهلها لأوضاع الشعب و احتقارها لرموزه الوطنية ، وهو ما حدث في الجلفة يوم 29 من شهر جويلية حين خرج جموع من المواطنين للتعبير عن غضبهم و لرد الاعتبار لرموز الوطن فكانت صرختهم في وجه سلطة تتذكر حالهم باقتراب المواعيد الانتخابية .
أو ربما هو لرفض لفن هابط لا يمت لأي صلة بثقافة و قيَم تلك الولاية أو لمنطقة من مناطق الوطن ، مع أن فن الراي مثلاً على سبيل المثال لا الحصر بدأ بدوياً ومن شعر الملحون أصلاً أخذ يتطور ، و الكثير لا يعلم بأنه تطور و أخذ مكانته العالمية بفضل تطوره و مروره بالمدن الداخلية. فقط لا يجب أن نُخلط الأمور بل يجب أن نحللها و نأخذ منها العبر لأن الراهن الآن ليس في الغاء حفلة غنائية هنا أو هناك بل هو أعمق لأن الشرخ بين الهوية الجزائرية و بين تصرفات ما يُصطلح عليه بالنظام أصبح يدعو الى القلق خاصة لما يصرح وزير الثقافة و ينافح عن منطقة دون سواها
بعض المثقفين ربما انزعج من طريقة تعبير أو لجوء البعض الى ركن من أركان العبادة في أماكن عمومية تقام فيها مثل هكذا حفلات ، و قد تخوف البعض من مؤشرات مثل هذه قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه خاصة ان البلد عرف أوضاعاً مشابهة في سنوات التسعينات حسب زعمهم ، خطورة اذا ما استخدم الديني حسبهم في مطالبة بما هو اجتماعي او حتى تحسين وضع ما ، لا ندري هل هو خوف أم تخويف ، لكن ما يخيف فعلاً حسب اعتقادنا هو حجم الفجوة و الشرخ العميق الذي جعل المواطن يستفيق ،في هذا الظرف ، الشرخ أو الهوة بين تنمية مستدامة و بين حفلة غنائية غوغائية لا لزوم لها أمام أوضاعه الاجتماعية المزرية .
أجل علينا أن ننتصر للثقافة كأداة لصناعة الوعي بعيداً عن المتاجرة بالدين ، أن ننتصر الى ضرورة تطوير ذائقتنا الفنية بعيدا عن الثقافة الساقطة أو الهابطة ، ضرورة أيضاً أن نلتفت الى صناعة ثقافية محلية خاصة و لما لا الاستثمار في الثقافة كقطاع حيوي يمكنه أن يعود بالفائدة على شريحة معتبرة من الشباب خاصة اذا ما كان هناك تنسيق بين القطاعات الثقافية و السياحية بما يعود بالخير على البلاد و العباد بعيدا عن تجاذبات سياسية لا تخدم الشباب بالدرجة الأولى و طموحاتهم في التعبير عن ابداعهم بدءًا من ذواتهم ، فالقوة الحقيقة هي كامنة بداخلهم ، عليهم فقط اكتشاف طاقاتهم الكامنة فهي أهم من النفط..وذلك كله وفق منظومة متماسكة من القيَم و المبادئ التي لا تحيد عن نواميس المجتمع و أخلاقه.
آن الأوان الى أن نعيد الاعتبار الى أدواتنا الثقافية الذاتية ، الوزير الذي تعاطى مع الحفلات الأخيرة بإقامة حفلات هنا و هناك أذكره أنه تعامل أيضاَ بشكل سلبي مع الجدل المثار حول مُلصقة المهرجان الدولي للفيلم العربي حينما كلف معاليه بالرد على منتقديه بأربع اسطر عبر صفحته أذكر معالي الوزير أيضاً انه كلف نفسه عناء الرد على منتقديه حول ما أثير من لغط و أقاويل في ترميم نهدي منحوتة المرأة العارية بسطيف العالي بتغريده أو بتصريح صحفي .
آن الأوان سيدي أن أذكرك بل يجب أن أذكرك أن المسرح الجهوي بالجلفة يعيش عماله و موظفيه على وقع أوضاع جد صعبة منذ أشهر نتيجة تأخر دفع رواتبهم الشهرية .. هناك أيضاً مسارح في أرض الوطن تعيش هي الأخرى أوضاعاً صعبة و تحتاج الى احتواء الدولة و ليس صدقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض