الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيسي مقاول باطن لتنفيذ صفقة القرن من بوابة التهدئة بين حماس والكيان الصهيوني

عليان عليان

2018 / 8 / 18
القضية الفلسطينية


ما عاد بإمكان النظام المصري نفي دوره كمقاول باطن لتنفيذ صفقة القرن من بوابة الهدنة " التهدئة" بين حركة حماس والكيان الصهيوني ، وسعيه للضغط على السلطة الفلسطينية لتوفير غطاء لاتفاق التهدئة ، فرئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو ، زار القاهرة قبل شهر للتباحث حول موضوع صفقة التهدئة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، ووفد مصري أمني زار الكيان الصهيوني قبل أيام لوضع العناوين الرئيسية للصفقة لعرضها على حركة حماس ، واللافت للنظر تكتم حركة حماس عن نشر تفاصيل موقفها من الصفقة بعد اجتماع قيادتها في غزة .
وليس من قبيل الصدفة، أن يعمل نظام السيسي على ترتيب الهدنة بين حماس والكيان الصهيوني ، من وراء ظهر فصائل منظمة التحرير وحركة الجهاد الإسلامي ، ومن وراء ظهر السلطة الفلسطينية، و وما يهم هذا النظام أن يزيل العقبة الرئيسية التي قد تعترض تنفيذ صفقة القرن ألا وهي حركة حماس ، مراهناً عليها في حال موافقتها على التهدئة، أن تلجم أي معارضة للهدنة في قطاع غزة ، عبر أجهزتها الأمنية المتمرسة في قمع الحريات ، مع ضرورة التفريق هنا بين الجناح المقاومة للحركة" كتائب القسام " -الذي يعتبر نفسه حليفاً لمحور المقاومة- وبين الأجهزة الأمنية للحركة .
وقد يطرح البعض السؤال التالي : لماذا يعمل النظام المصري على تغييب دور السلطة في رام الله إزاء موضوع التهدئة ؟ والجواب في تقديري يكمن في أن سلطة رام الله رغم رفض رئيس السلطة محمود عباس وبشكل يومي لصفقة القرن، إلا أنه لا يملك أي ورقة من شأنها أن تعرقل هذه الصفقة في ضوء التزامه بما هو أكبر من التهدئة ،عبر استمراره في نهج التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني، بالضد من قرار المجلس المركزي الفلسطيني عام 2015 وبالضد حتى من قرار المجلس الوطني الانقسامي الذي عقد مؤخراً في غياب فصائل أساسية من المقاومة الفلسطينية.
صفقة التهدئة يطبخها السيسي ونتياهو ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف بتوجيه مركزي من الإدارة الأمريكية على نار هادئة ، وهي في المحصلة لا تقل خطورةً عن اتفاقات أوسلو التصفوية.
ووجه الخطورة يكمن فيما يلي :
أولاً : أن صفقة التهدئة تنص على وقف المقاومة ومسيرات العودة والطائرات الورقية الحارقة ، ليس مقابل إحقاق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، بل مقابل قضايا اقتصادية وإنسانية من نوع إقامة مطار وميناء ، ودفع حكومة قطر لفاتورة كهرباء غزة للكيان الصهيوني ودفع رواتب الموظفين الذين جرى تعيينهم بعد أحداث 2007 ، وتحسين البنية التحتية للقطاع وإقامة مشاريع اقتصادية فه ، وفتح معبر رفح مع مصر بصورة دائمة" وزيادة مساحة الصيد في بحر القطاع، وإطلاق إسرائيل سراح مئات الأسرى الفلسطينيين ضمن اتفاق مقايضة للسجناء، وفتح ممر آمن بين قطاع غزة وقبرص وفق ضوابط أمنية ألخ ألخ
ثانياً :أن خطة الهدنة في التحليل النهائي، تشكل ضرباً للثوابت الوطنية الفلسطينية في العودة والتحرير ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المغريات والمزايا الاقتصادية الواردة فيها ،سبق أن وردت في المزايا والمشاريع الموعودة لقطاع غزة، التي طرحتها الإدارة الأمريكية ، لتسويق صفقة القرن بتمويل خليجي ، ما يجعلنا نؤكد أن الهدنة المطروحة هي أحد القنوات الموصلة إلى صفقة القرن الأمريكية.
ثالثا: ثم أن هذا الاهتمام الأمريكي غير المسبوق بقطاع غزة ، يصب في خانة تنفيذ الهدف الرئيسي من الصفقة ، ألا وهو أن تكون الدولة الفلسطينية في قطاع غزة مضموماً إليها جزء من سيناء، وفصل القطاع عن الضفة الفلسطينية.
وهنالك ما يلفت النظر في صفقة التهدئة التي قد تمتد لسنوات ، أن نظام الحكم في مصر رفع " الفيتو " عن دولة قطر – أحد أبرز حلفاء حركة حماس- بتوجيه أمريكي ، لتلعب دوراً ميسراً في تنفيذ صفقة التهدئة وصفقة القرن الأمريكية.
رابعاً : وأن هنالك خشية من أن يكون دور حركة حماس في مسيرات العودة مرتبط بسياق تكتيكي متصل بالمساومة الدائرة حول صفقة التهدئة.
خامساً : أن الحكومة المصرية – صاحبة مقاولة مبادرة الهدنة – تستثمر أبشع استثمار الجغرافية السياسية لقطاع غزة ، عبر تحكمها اللا إنساني بمعبر رفح – الممر الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم - معنية بوقف المقاومة في قطاع غزة ، انسجاماً مع نهج كامب ديفيد الذي لم يعد يتعامل مع الكيان الصهيوني كخطر على الأمن القومي المصري ، بل يرى في وجود المقاومة المسلحة في قطاع غزة وحلفائها خطراً على أمنها القومي، تحت مبرر إمكانية تسرب عناصر إسلاموية إرهابية من القطاع إلى سيناء .
ووجه الخطورة أيضاً فيما يتعلق بالساحة الفلسطينية ، أن مشروع التهدئة يأتي في ظل الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس ، وفي ظل عدم تطبيق اتفاقات المصالحة التي جرى التوافق عليها في الأعوام 2011 ، 2014 ، و2018 ، وفي ضوء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، إثر إقدام الرئيس عباس على عقد مجلس وطني انقسامي بالضد من اتفاق بيروت عام 2017 ، والذي غابت عنه فصائل رئيسية مثل الجبهة الشعبية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي ، إضافة إلى غياب فصائل أخرى مثل الجبهة الشعبية- القيادة العامة ، والصاعقة وغيرها .
واللافت للنظر ، أن أفواه فصائل المقاومة مليئة بالماء – جراء الجغرافيا السياسية التي تحكم القطاع - فتراها تتحدث عن الدور المصري بمجاملة وحذر شديد ، ولا تجرؤ أن تشير إلى أبعاد وخطورة الدور المصري في إبرام صفقة التهدئة كقناة موصلة لصفقة القرن التصفوية.
وفي السياق الوطني المسؤول ، لا نتمنى لقيادة حركة حماس أن تنزلق هذا المنزلق الخطير ، خاصةً أن مشروع الهدنة الذي يستهدف تصفية المقاومة وضرب الحاضنة الاجتماعية من خلال مشروع الرفاه الاقتصادي الموعود للقطاع ، يشكل خطراً مركزياً على القضية الفلسطينية برمتها بوصفه محطة من محطات تطبيق صفقة القرن .
وأخيرا : يجب على بعض القيادات الفلسطينية المسؤولة أن لا تدفن رؤوسها في الرمال كالنعامة، عندما تعلن أن صفقة القرن قد فشلت ، فصفقة القرن جرى تطبيق عدة عناصر رئيسية منها حتى الآن بموافقة رسمية من العديد من أنظمة النظام العربي الرسمي المرتهنة للإدارة الأمريكية ، تمثلت ( أولاً) باعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني ، وتمثلت(ثانياً) بتمرير الكيان الصهيوني قانون القومية اليهودي العنصري وتمثلت(ثالثاً) بضم الكيان الصهيوني الضمني لمناطق (ج) التي تضم معظم الكتل الاستيطانية الرئيسية والتي تشكل وفق اتفاق أوسلو (2) حوالي 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
ما تقدم يرتب على فصائل المقاومة أن تضع برنامجا عملياً لإفشال صفقة التهدئة ، من خلال تفعيل المقاومة في الضفة والقطاع ، ومن خلال الضغط على حركة فتح للاستجابة لعقد مجلس وطني توحيدي بأسرع وقت ممكن ، ومن خلال رفضها في الحوار الدائر الآن مع حماس في القاهرة، أي هدنة مع العدو الصهيوني ، يكون ثمنها رأس المقاومة ومسيرات العودة والثوابت الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح